أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (متفرقات)
إذا أراد ابنك أن يُسري عن نفسه، لن تفيده محاضرة كلامية، بل ستجعله ينغلق أكثر. فالابن في أوقات كثيرة لا يحتاج إلى إجابات! كل ما يحتاجه فتح الصمام حتى يُفرِّغ ما بداخله من ضغوط، أما عندما يُواجَه بمحاضرة كلامية، فإن هذا الصمام يغلق تماماً.
تذكر عندما يكون طفلك واقعاً تحت ضغط ما، فإنه يشعر بألم، في حالة كهذه لا تستهجن ما يقوله، لأنه لن يبوح في أي ظروف أخرى، والأجدى، أن تولي اهتماماً كبيراً للمؤشرات التالية، والتي أجمع عليها كثير من الآباء والأمهات الذين تناولهم الحديث.
التوقيت
انتظر حتى تهدأ الأمور قبل أن تقترب من ابنك الذي يشعر بالاستياء والتجاهل لأنه لا يجد آذاناً صاغية، اطلب منه أن يشرح لك مشكلته وأظهر أنك على استعداد للاستماع إليه، بدون مقاطعة فالوقت ليس وقت الأسئلة، إنه وقت التجاوب مع المشاعر فبدلاً من أن تسأل: "ما الذي يضايقك؟"، قل له "تبدو متضايقاً".
أخبر طفلك أولاً أنك لا تريد أن تخطئ فهم ما يعنيه في كلامه قل له: "أنا لا أدري على وجه اليقين ماذا يضايقك، لكنني أريد أن أستمع لما تقوله، ثم نتناقش معاً حتى أتأكد أنني أفهمك". فأنت بذلك تريد أن تتفادى التفكير في افتراضات، أو القفز إلى استنتاجات خاطئة.
بدلاً من أن تترك الضغوط تتراكم داخل أسرتك، أفسح الطريق لكل عضو فيها أن يقول "كلمته"، قد تتخذ كلمته هذه طرقاً وأساليب غريبة.
ومهم جداً إعطاء الفرصة للأبناء كي يسرُّوا عن أنفسهم بدلاً من أن نحل لهم مشاكلهم وهذا يعطي أفضل النتائج، لأن كثيراً من مشاكلهم ليس لها حلول، إنها مجرد جزء من حياتهم وهكذا يكبرون، وبدلاً من أن تتدخل بشكل غير ملائم استخدم أسلوباً سلساً للتواصل أساسه العقيدة الأولية التي تقول: "قليل من الشيء يكفي". وفيما يلي بعض الأساسيات التي يُقرون بها.
أساسيات الحوار مع الأبناء
– انتظر حتى يطرح الأبناء أسئلة قبل أن تعرض حلولاً للمشكلات.
– كن أكثر استعداداً لاستقبال الرسائل من إرسالها، يقول الكاتب "ليو باسكاجليا" إن هؤلاء الذين يعتقدون أنهم يعرفون كل شيء سيكتشفون لا محالة أنهم ليسوا كذلك.
– لا تبدو مندهشاً جداً عندما تتحدث ولا تعطي الانطباع بأن المحادثة أهم لديك من ابنك، اهتم بالمحادثة، لكن لا تدقق في كل كلمة وكأنها مفتاح للغز خطير، إنها ليست كذلك.
– اهدأ كلما أخذت المسألة بسلاسة ويسر، فإن السلوك الهادئ المتزن يؤكد لابنك أنك مستعد للاستماع إليه، كما أنه يشجعه على أن يعود إليك دائماً.
الاستماع والتجاوب
يستطيع الآباء والأمهات أن يشجعوا أبناءهم على الحديث باتباع "أساسيات الاستماع" والالتزام بها.
انظر كيف استطاعوا أن يطوروا تدريجياً من استماع صامت سلبي -شجع الأبناء على الحديث- إلى مشاركة أكثر فاعلية بعد أن انطلقت ألسنتهم.
وضعك وهيئتك
عليك وببساطة أن تحاكي مستوى ابنك حتى تبين له أنه موجود لكي تسانده وتعضده وليس لكي تحاربه، فبدلاً من أن ترتفع بنفسك بعيداً عنه، تعامل معه بدنياً ومادياً من مستوى أقل.
انتبه: هناك فن للاستماع، وكما يحدث في أي فن، لا بد من الممارسة حتى تتم الإجادة، التفت إلى ابنك وركز فيما يقوله كما لو كنت تستمع لمحدث مهم في حلقة دراسية، فليس هناك شيء محبط لشخص يلقي بدخيلة نفسه أكثر من مستمع يستمع إليه بأذن واحدة. يقول أحدهم وهو مدير لمؤسسة كبيرة، تذكر ذلك الحفل، عندما كنت تتحدث لشخص ما، وبينما كنت تتحدث إلى هذا الشخص كانت عيناه تسرح بعيداً وتطوف بالمكان كله، ألم يشعرك هذا بأنه يبحث عن شخص آخر يتحدث إليه؟
ليكن ذهنك متفتحاً
احتفظ بآرائك جانباً وتعامل بجدية مع وجه ونظر ابنك، فإن الأحكام الانتقادية تقتل التواصل، شجع ابنك على تكوين معتقداته الخاصة، حتى لو كانت هذه المعتقدات بعيدة عن الصواب، هناك وقت طويل لتقويمها، وبدلاً من أن تقيد تعبيراته، دعه يسترسل واتركه يتحدث بدون انتقادات.
استمع في صمت
إذا كان عدم المقاطعة سوف ينقل ابنك من مرحلة التمهيد السطحية إلى مرحلة عاطفية أكثر عمقاً حيث تظهر المشاعر الحقيقية، فإنك بالاستماع الصامت سوف تساعده على الوصول لهذه المرحلة بينما أنت ترسل له هذه الرسائل الصامتة: "يمكنك أن تحدد ما تريد أن تشركني فيه"، "أنا توَّاق لأن أسمع أي شيء تريد أن تقوله"، "أنا أتعاطف مع مشاعرك"، وهي وسائل بعيدة تماماً عن تلك الرسالة الغالبة "أنا الأب وأنت الابن"، "عليك أن تسمع ما أقوله"، "أنا أعرف كل شيء".
ومع ذلك، الاستماع الصامت لا يعني بالضرورة الصمت التام، عليك أن تتجاوب مع ما يقال ببعض الإيماءات البسيطة، أو الابتسامات أو "آه، هاه" من آن لآخر، فذلك يؤكد لابنك أنك منصت إليه -دعه يواصل كلامه، وبينما هو يفعل ذلك سوف تتضح لك موضع شكواه وهمومه، وهذا هو الوقت الذي تنتقل فيه إلى المرحلة التالية، حيث تستطيع أن تشارك بقدر أكبر من التحاور والتفاعل.
المشاركة
يمكنك الآن أن تستخدم أسلوب استماع أكثر فاعلية، يبدأ هذا الأسلوب بدعوات بسيطة توجهها لابنك تستحثه فيها على الانفتاح عليك أكثر وأكثر.
بهدوء ولطف، بادره ببعض الأسئلة غير المحددة بعيداً عن الأسئلة التي تجاب بنعم أو لا: فبدلاً من أن تسأله: "هل واجهتك أي مشكلة بالمدرسة اليوم؟"، يكون سؤالك كالآتي: "ماذا حدث بالمدرسة اليوم؟"، "احتفظ بهدوئك ولا تظهر أي انفعال مبالغ فيه"، لاحظ أن ابنك جاء إليك طواعية ليقضي لك ما بدخيلة نفسه، إنه في حالة من الضعف والحساسية، فإذا أردت أن تخبره بأن لجوءه لك هو الصواب، عليك بالتماسك حتى لو كان ما يخبرك به شيئاً بشعاً، افعل عكس ما تدفعك إليه مشاعرك، يقول أحد الأدباء: بدلاً من الاندهاش، أظهر شيئاً من الاهتمام الهادئ العملي، بدلاً من الغضب أظهر تماسكاً، لا تظهر غضبك من شيء يخبرك به ابنك وإلا فستكون آخر مرة يأتي فيها إليك.
الاسترجاع
لكي تؤكد لابنك أنك تسمعه وتفهم ما يشعر به، استرجع -في كلمات من عندك- ترجمتك لما قاله ابنك، قد تندهش عندما تجد نفسك بعيداً جداً عن المعنى المقصود، ربما أن تفسيرك لم يوضح لك حقيقة شعوره، أو ربما أعطت مجرد تلميح لما لا يستطيع أن يعلن عنه صراحة، كن حريصاً على أن تلتقط من الحديث مفاتيح تساعدك على تجنب الفهم الخاطئ، لكن عليك أيضاً أن تتذكر دائماً أنها مجرد مفاتيح، ولا شيء أكثر من ذلك، لا تُخمِّن ما يقصده ابنك في حديثه إذا قال: لن أستطيع أبداً أن أنتهي من كتابة موضوع التعبير في الوقت المحدد "أجبه بقولك"، "إنك تشعر بتوتر وعدم ثقة في أنك ستؤدي واجباتك بشكل جيد، أليس كذلك؟"، ليكن ما تقدمه له استرجاعاً لا نصيحة، الاسترجاع الهادئ ينتج عنه إحساس بالرعاية والصداقة الحميمية.
تحقق من أنك تفهم ما تسمع بأن تسأل ببساطة: "اعتقد أن ما تقوله هو كذا.. وكذا، هل أنا محق؟"، مجرد سؤال في هذا التوقيت من الحوار، سؤال كهذا لا يعني فقط الاسترسال فيه، لكنه سؤال ضروري.
الأطفال الأصغر سناً بوجه خاص يريدون أن يشعروا أنهم مفهومون، تجنب أن تتهاون بالمشكلة أو تعرض لها حلولاً، فهذا البالون الذي انفجر له مكانة خاصة عند الطفل الصغير، وقولك انك ستقدم له بالوناً جديداً لا يعد تصديقاً على شعوره بالخسارة، ما يعد تصديقاً على مشاعره هذه حتى تقول عبارة مؤكدة مثل: "أعرف مدى حبك لهذا البالون الأحمر، أنت حزين جداً لفقدك إياه"، هذا يؤكد أنك تتفهم مشاعره، وقبل كل شيء أنك تهتم بأمره.