أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (ديما نجم)
خلال اليومين الماضيين ضجت وسائل الاعلام العراقية والعالمية بقصة تضحية بطلها نقيب عراقي يدعى حارث السوداني، والذي وصفه مسؤولون عراقيون بأنه “الجاسوس الأكثر نجاحا في البلاد”.
السوداني الذي قضى 16 شهرا في صفوف تنظيم داعش كواحد من أهم أفرادها، والذي قتل في أغسطس من عام 2017، اي قبل سنة كاملة، على يد مسلحيها بعد ان افتضح أمره، لم يعثر على جثته حتى الآن.
عانت أسرة السوداني بعد قتله مدة طويلة للحصول على اعتراف بتضحيته والحصول على راتب شهري لأرملته وأطفاله الثلاثة، إلا أن كفاحها أثمر أخيرا، فبحسب والده جاء مساعد رئيس الوزراء حيدر العبادي مساء الاثنين إلى منزل أسرة السوداني في حي مدينة الصدر بشرق بغداد وعرض عليهم التدخل لحل مشكلتهم.
وخلال زيارة استمرت ساعة من الزمن، علق المسؤول على قضية السوداني ودعا قضاة المحكمة الإدارية المختصة لإصدار شهادة وفاة رسمية، حسبما قال والد السوداني.
وأعرب عابد السوداني ان امتنان أسرته لاهتمام الحكومة بقضية ابنه، مشيرا الى ان هذا الامتنان مشوب بشيء من المرارة.
وقال مسؤول منفصل من مكتب حيدر العبادي إن عائلات عشرات من الجنود العراقيين الذين سقطوا ، بالإضافة إلى عائلة السوداني، واجهوا صعوبات في التغلب على العقبات البيروقراطية لتلقي تعويضات الوفاة لأولئك الذين قُتلوا أثناء عمليات قتالية مع تنظيم داعش، مؤكدا زيارة المسؤول إلى منزل أسرة السوداني.
بدأت القصة في ذروة فصل الشتاء، كان العرق يتصبب منه، فالشاحنة التي يقودها كانت محملة بـ500 كلغم من المواد المتفجرة، ومع كل مطب وانعطافة كانت نبضات قلبه تزداد سرعة، بسبب احتمالات تعرضه لانفجار من هاتف سائق السيارة التي تسير بجواره وتلتقط صوره، أو أن تنفجر الشاحنة في أحد الحواجز الأمنية على طريق بغداد، تلك كانت مخاوف “حارث السوداني” والذي أزاحت صحيفة “نيويورك تايمز” الستار عن قصته مؤخراً.
على مدى 16 شهراً، أدلى حارث بمعلومات قيمة لخلية الصقور الاستخبارية وهي إحدى أهم المؤسسات المعنية بمكافحة الإرهاب في العراق، وأشار مسؤول الخلية، أبو علي البصري، إلى أن حارث السوداني أفشل خططاً لتفجير 30 سيارة مفخخة و18 هجوماً انتحارياً، إلى جانب تمكنه من إنشاء علاقات مع قادة بارزين في تنظيم داعش بالموصل.
كان اليوم الأخير من عام 2016، حينما كان حارث يتوجه إلى المكان المقصود، حيث خطط داعش لتحويل أحد أسواق بغداد إلى مسرح للدماء قبل يوم من بداية العام الجديد. بدأ الشك يراود الجاسوس العراقي بأن داعش قد كشف أمره وأن هذا سيكون آخر عمل له، لذا أمسك هاتفه النقال وكتب رسالة قصيرة إلى والده قائلاً: “ادع لي”، رمى الهاتف وعاود مرة أخرى مسح العرق المتصبب من جسده دون جدوى.
وفي أوائل يناير 2017 استدعى “داعش” السوداني بمهمة جديدة إلى مزرعة بعيدا عن الطارمية، خلافا للعادة، ورفض النقيب وقف المهمة على الرغم من عجز زملائه “الصقور” عن مراقبة تحركاته في هذه المنطقة.
ومنذ وصوله إلى المزرعة، لف الغموض مصير النقيب، حيث لم تتمكن القوات الخاصة، أثناء عملية إنقاذ أجريت بعد ثلاثة أيام، من العثور على أي آثار له.
ويعتقد أن السوداني نُقل إلى مدينة القائم عند الحدود السورية، حيث تعرف شقيقه مناف عليه في إحدى التسجيلات الدعائية المنشورة من قبل التنظيم في أغسطس.
وقال مسؤولون في الجهاز إن السوداني وهو مهندس الكمبيوتر السابق البالغ من العمر 37 عاما كان من الممكن أن يكون الآن من أكبر مخبري العراق ومن الاشخاص القلة في العالم الذين تمكنوا من اختراق أعلى قيادات تنظيم داعش.
اقرأ أيضا: