أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (سونيا العلي)
يحاول النظام السوري متمثلاً بحواجزه العسكرية ولجانه الشعبية والميليشيات المساندة له الضغط على المناطق المحررة بكافة الطرق والوسائل، ولعل أخطر ما يحاربهم به هو منع دخول المواد الطبية ولقاحات الأطفال مما يعرض حياة ملايين الأطفال لخطر الإصابة بالأمراض المعدية التي عادت لتطل برأسها من جديد بعد أن أصبحت من مخلفات الماضي.
تردي الوضع الصحي
الطبيب "عامر العبد الله" من ريف إدلب وهو مدير لإحدى النقاط الطبية فيها يقول: "تشهد المناطق المحررة أوضاعاً طبية صعبة جداً فلدينا نقص حاد في الخدمات الصحية نتيجة هجرة نسبة كبيرة من الكوادر الطبية، بالإضافة إلى نقص في المستلزمات الطبية وعدم توفر الأدوية بنسبة كبيرة بما فيها لقاحات الأطفال حيث دخلت آخر دفعة منها إلى محافظة إدلب في السابع من تموز عام 2015 وكانت قليلة جداً لم تغطِ نصف عدد الأطفال الذين يحتاجون إليها، وتشمل تلك اللقاحات "الحصبة، التهاب الكبد، شلل الأطفال، النكاف، السل، الحصبة الألمانية، السعال الديكي" وكلها من اللقاحات المهمة التي يجب على كل طفل أن يأخذها منذ بداية حياته وفق جدول منتظم لتجنب المرض وخصوصاً للأطفال الذين تقل أعمارهم عن السنتين".
ويؤكد الطبيب بأن بوادر انتشار أمراض خطيرة بدأت بالظهور بين الأطفال ولعل أخطرها مرض شلل الأطفال، وهو مرض فيروسي شديد العدوى يغزو الجهاز العصبي وهو كفيل بإحداث الشلل التام في غضون ساعات من الزمن، ولا يوجد علاج لهذا المرض ولكن يمكن توقيه بأخذ اللقاح ضده، وينتشر فيروس هذا المرض عن طريق سوء عمل البلديات والتلوث الغذائي وقلة الرعاية الصحية .
تفاقم المشكلة
هذه المشكلة بدأت تؤرق المعنيين في الشأن الطبي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام فلا حل لهذه المشكلة في المدى المنظور .
فريق الإنقاذ والاستجابة المبكرة في وحدة الدعم والتنسيق تمكن من اكتشاف 60 حالة شلل أطفال في سورية، كما أن كل حالة شلل يقابلها 200 حالة لأطفال مصابين ولم تظهر عليهم أعراض المرض بعد، مما يهدد بانتشار المرض بشكل أكبر وانتقاله إلى مناطق أخرى في الوقت الذي لا تزال طرق الإمداد باللقاحات محدودة .
"أم حسن" من معرة النعمان هي والدة لطفلتين تقول: "أجواء الحرب ألحقت بالبيئة التي نعيش بها تلوثاً كبيراً مما يهدد أطفالنا بخطر الإصابة بأمراض عديدة وخطيرة وخاصة بعد انقطاع اللقاحات وتوقف إمداد المراكز الصحية بها لذلك أضطر للسفر إلى مناطق سيطرة النظام من أجل الحصول على اللقاح، أما العائلات التي لا تستطيع الذهاب يحرم أطفالها من اللقاحات بشكل نهائي حتى يفوت موعدها ويصبحوا عرضة للمرض ."
تقول والدة الطفل "أسعد الرزوق" أحد المصابين بشلل الأطفال لعدم تلقيه اللقاح اللازم: "أصيب ولدي بهذا المرض الخطير وهو اليوم طريح الفراش وأصبح كل ما أتمناه في هذه الدنيا أن أراه يمشي ويلعب مثل بقية الأطفال، النظام يحاربنا في أغلى ما نملك الذين هم فلذات أكبادنا، فهو يعتبر كل طفل في المناطق الخارجة عن سيطرته إرهابي ولا يحق له أن يعيش."
أمراض انتشرت في ظل الحرب
وفي سياق متصل يلفت طبيب الأطفال "أحمد السيد" إلى أن أطفال المناطق المحررة يعانون نتيجة الحرب من انتشار أمراض عديدة منها مرض التهاب فيروسي يصيب الأطفال حديثي الولادة بسبب عدم توافر الحواضن المعقمة تعقيماً جيداً وبسبب التلوث البيئي، بالإضافة إلى انتشار مرض حبة الليشمانيا "حبة حلب" بسبب عدم توافر المبيدات اللازمة للتخلص من الجراثيم والحشرات الضارة التي تنقل هذا المرض، أما مرض التهاب القصبات التنفسية فينتشر على نطاق واسع نتيجة انتشار الغبار المتناثر باستمرار بسبب القصف بالبراميل المتفجرة وتدمير المباني.