أخبار الآن | إسطنبول – تركيا (إيهاب بريمو)
يأتي شهر رمضان في كل عام "منذ بدء الأحداث في سوريا" محملا بالمواجع المثيرة من غياب الأحباب والأقارب وتغير الحال من السلم إلى الحرب. وبينما كانت العائلات السورية تسارع إلى التحضير للشهر الكريم اختلف الحال في كثير من مناطق سوريا اليوم.
رمضان في جسر الشغور
"خليل عبدو" شاب من مدينة جسر الشغور، يقول لأخبار الآن: كنا قبل الثورة أنا وأخوتي لا نجتمع على مائدة واحدة إلا في شهر "رمضان". استشهد أخ لي والأخوين الآخرين هاجرا. قبل الثورة كنا نستمتع بطقوس شهر رمضان من خلال التسوق "السوس والمعروك" والذهاب إلى الجامع لأداء صلاة التراويح ونتمشى بالأسواق المكتظة بالناس، أما الآن فلم يعد لرمضان بهجة عند الناس لأنه لا يوجد بيت في سوريا إلا وفيه شهيد أو معتقل أو نازح أو مهاجر".
أما السيد "مصطفى الأحمد" مدير وكالة جسر الشغور اليوم، فيقول لأخبار الآن: "زادت الأسعار مع بداية رمضان فقد وصل سعر ربطة الخبز إلى 300 ل.س، كعكة "المعروك" وصل سعرها إلى 500 ل.س. أسعار المواد الغذائية ارتفعت بالرغم من انخفاض سعر صرف الدولار، فلا محاسب من القوى الحاكمة ولا تنظيم من المسؤولين كالمجلس المحلي والخدمات، رغم مناشدات الأهالي الذين أنهكهم الغلاء والجمود الاقتصادي وقلة الموارد".
ويضيف: لم تشهد المدينة أية أعمال خيرية مع بداية رمضان كالخيام الرمضانية ووجبات إفطار الصائم "كما يحدث عادة" واقتصر العمل الخيري على توزيع بعض التمور. معظم الناس ينتظرون كرتونة المعونة وهناك الكثير ممن يعتمد على البسطات كبائع السوس والقهوة والخضار ونسبة أصحاب الدخل لا تتجاوز 20 % من نسبة السكان.
أمهات في رمضان
"أم محمد" 59 عاما من مدينة إدلب، تقول: "في السابق كنا ننتظر شهر رمضان بفارغ الصبر، أما الآن فلم يعد في حياتنا فرحة، فكل يوم هنا العشرات من القتلى والجرحى وأصبحنا ننتظر قدوم أي صاروخ أو أية قذيفة"، وتتابع: ابني محمد استشهد في معركة تحرير إدلب ولديه طفلين ذهبا مع أمهما إلى تركيا، ابنتي "تسنيم" متزوجة في مخيم "الزعتري" و"تغريد" في أحد مخيمات تركيا، أما ابني "أسعد" فهاجر إلى ألمانيا، وابني الصغير "أحمد" يقاتل مع الجيش الحر".
أما "أم غياث" الموجودة في أحد المخيمات المنتشرة على طول الشريط الحدودي، فتقول: "هذا رمضان الخامس وعيني لم تر بعد ابني "غياث"، كان يدرس اللغة العربية في جامعة اللاذقية، أما ابني الآخر "بكري" فلا أعلم إن كان حيا أم ميتا منذ اختفائه في 10/4/2011".
رمضان والشباب السوري في الغربة
"حسين" شاب سوري مقيم في إسطنبول منذ سنتين، قال لأخبار الآن: "منذ سنتين وأنا في إسطنبول دون عائلتي، مر رمضان مرتين ولم أشعر بجماليته في اجتماع العائلة على مائدة الإفطار ولحظة انتظار الآذان. أعمل لمدة 12 ساعة".
أما "أحمد" 18 عاما، فيقول: أنا لا اشعر بقدوم رمضان لأنني وحدي هنا، لا عائلة ولا صديق. كل يوم أشاهد على صفحات التواصل الاجتماعي أصدقائي وهم ينشرون "بوستات" عن رمضان والإفطار والسحور وكل ما يرافق الشهر. أشتاق لبائعي "السوس والتمر هندي والمعروك" وازدحام الطرقات عند ساعة الإفطار".
"فرح خالد" شابة من مدينة دمشق تعيش في غازي عنتاب، كان آخر لقاء لها بعائلتها عام 2012 قبل خروجها إلى تركيا هربا من بطش النظام، قالت لأخبار الآن: "مر علي أربعة أعوام هنا، وفي رمضان أكون وحيدة دون عائلتي. ورغم تشابه ثقافتنا الإسلامية مع الثقافة التركية فإن اجتماع العائلة لا يعوضها أي شيء".
يحل شهر رمضان على السوريين كما الأعوام السابقة، إذ لا تخلو منازلهم من غصة الحرقة والفراق والحسرة، علّ رمضان القادم يحمل معه لم شمل السوريين في وطنهم من جديد.