أخبار الآن | كوندوغا – نيجيريا – حصري
تتكشّف حقائق جرائم المجموعات الإرهابية شيئا فشيئا كلما نجا أحد من بين أيادي أفرادها. أخبار الآن التقت أفراد أسرة نزحت إلى كوندوغا ، بعدما حاول أعضاء بوكو حرام إحراقهم أحياء وجيرانهم ، داخل منازلهم . قبل ان يتمكنوا من الفرار .
الثلاثاء، الثالثَ عشَرَ من فبراير سنةَ أربعَ عشْرةَ وألفين ، كنت في رحلة عملٍ إلى جمهورية تشاد، تلقيتُ في أثنائِها مكالمةً هاتفيةً من أحد أصدقائي، أخبرني فيها بأن هجومًا يجتاحُ مدينتي، ما اضطَرني إلى العودة إليها.
وصلت إلى المدينة صباحَ اليوم التالي وعلمت أن أسرتي فرت فعلًا إلى مايدوغوري عاصمةِ الولاية والتي تبعدُ عن مدينتنا خمسةً وثلاثين كيلومترًا. تفقدت بيتي المكونَ من ستِّ غرفٍ، ووجدتُ أن أجزاءً كبيرةً من البيت والممتلكاتِ التي كانت فيه أحرقتها بوكوحرام، لكنْ ولحسن الحظ وجدتُ جزءًا من المواد الغذائية سلمتْ من الحرائق، فنقلتها إلى مايدغوري، منذ ذلك الحين كانتِ الأسرُ تعيشُ في مخيمات النازحين في مايدغوري، في حين أن معظمَ الرجالِ عادوا إلى المدينة وكانوا يقيمون جميعًا بين أنقاض بيوتِهم، مرةً أخرى وفي يومٍ من الأيام استيقظتُ على أزيز الرصاص ورأيتُ الناسَ بمن فيهم الجنودُ المتمركزون في معسكرات الجيش يفِرونَ من المدينة إلى طريق مايدوغوري، حيث هاجمتْنا بوكوحرام واستولتْ على المدينة نهائيًا إلى أن طُرِدَت منها في يوليو الماضي.
هناك من يدَّعي أن بوكوحرام جماعةٌ إسلاميةُ أو أنها تحملُ عقيدةً إسلاميةً، لكنْ أؤكدُ لك أن بوكوحرام لا علاقةَ لها بالإسلام، يقتلون الناسَ من دون تمييز، ويسببون الفقرَ وانتشارَ البطالة في شمال شرقي نيجيريا، حيث يدمرون المصادرَ الاقتصاديةَ لسكان المنطقة بقطع الطرق، وحرقِ المتاجرِ، والاعتداءِ على التجارِ بتهمة تعاونِهم معَ الجهات الحكومية، كما قلتُ لكَ من قبلُ لا يهاجمونَ المؤسساتِ الحكوميةَ فقط بل يحرِقونَ منازلَ الأبرياء وهم فيها، لا تزالُ أختي تعاني الأضرارَ النفسيةَ والجسديةَ التي خلفها الحريقُ الذي أشعلته بوكوحرام في بيتِهم حيث حاصرتهم المليشاتُ المتشددةُ وهددتهم بالقتل إن خرجوا من البيت.
كانت أيامًا صعبةً مارست علينا بوكوحرام فيها كلَّ أنواعِ العنفِ والإرهابِ، واسغرقت عودةُ السكانِ إلى المدينة أكثرَ من سنةَ خوفًا من عودة الإرهابيينَ إليها. والآن تُجرى أعمالُ إعادةِ البناء على قدم وساق.
فاطمة أبوبكر: : زوجة محمد بيلو قالت: كنت حاملًا في الشهر الخامسِ حين هاجمت بوكوحرام قريتَنا الساعةَ الرابعةَ بعدَ منتصفِ الليل، كنت أُعدُ طعامَ الإفطارِ لأبنائي، رأيتُ مسلحين ملثمين يقودون دراجاتٍ ناريةً في المدينة، وكانوا يطلقون النارَ في كل الاتجاهات، وبعد ساعاتٍ من الاشتباكات معَ الجيش سيطروا على المدينة تمامًا، طبعًا لم يكنْ في إمكاننا الخروجُ من المنزل بسبب حِدةِ الاشتباكات، جاؤوا إلى بيتِنا بدراجتين، وقالوا إنكم تساندون الجيشَ العميلَ، الجيشَ النيجري، ويجبُ أن تنالوا عقابَكم.
ثم اشعلوا النارَ في دراجتِنا وبيتِ الجيران، وظلوا يحاصرون المِنطقةَ إلى أن وصلت النارُ إلى بيتنا ونحن فيه جميعًا، أنا، وزوجي وأبنائي السبعةُ، التهبتِ النيرانُ في البيت من كل الاتجاهاتِ، وعندما بدأ السقفُ يسقطُ علينا قطعةً قطعةً أخلَوا سبيلَنا، وتمكنا من الخروج بعد أن أصاب الحريقُ زوجيَ بإصاباتٍ بالغة خاصةً في اليدين والرجلين، بينما أصابتِ النار يديَّ وأجزاءً أخرى من جسمي حتى فقدتُ الوعيَ من هول ما حدث.
وبعد ساعاتٍ من خروج مسلحي بوكوحرام من المدينة وجدت نفسي في المستشفى ولم أكنْ أستطيعُ الكلامَ والرؤيةَ، وكان الأطباءُ قد هربوا خارج المدينة خوفًا على حياتهم، زوجي بقي يتلقى العلاجَ أكثرَ من سبعة أشهرٍ وتضررَ نفسيًا بجراحةٍ أُجريت له، وهو لا يستطيعُ العملَ وإدارةَ شؤونِ الأسرة كما كان من قبل.
لا أجدُ وصفًا يليقُ بمسلحي بوكوحرام، هم تواقون لقتل أكبرِ عددٍ ممكن من المدنيين وبأبشعِ الصورِ، أقولُ لك المدنيين، وهم ينفذون عقابًا جماعيًا ضدنا، لا أدري ما هي الذنوبُ التي اقترفتها ابنتي التي لم تتجاوزْ عامَها الأول؟
محمد بيلو: زوج فاطمة أبوبكر قال: بوكوحرام تستخدمُ أبشعَ الطرقِ لقتل الناس، ترونَ آثارَ الحريقِ في يدي ورجلي، كانوا يريدون قتلي وقتلَ أسرتي، اشعلوا النارَ في كلِّ المنازلِ المجاورةِ لبيتي، إلى أن وصل الحريقُ إلى بيتي وهدمَه تمامًا، ولم يبقَ منه سوى هذه القطعةِ الصغيرةِ التي ترونَها، أنا لا أستطيعُ مساعدةَ أسرتي كالمعتاد، ولا توجدُ هنا فرصُ عملٍ
إقرأ أيضاً
من هي جماعة بوكو حرام المتشددة؟