أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (راغب شحادة)
معركة مع واقع صعب وقيم مجتمعية متأخرة، وتحديات جمّة تواجه المرأة العربية الطامحة الى بناء ذاتها خارج إطار النمطية الضيقة، نعم أنا سيدة منزل ولكنني أستطيع كذلك أن أحمل القلم لأكتب وأن أقول فأُسمع، وأن أحمل الألقاب والمراتب والنياشين.. هذا هو لسان حال المرأة في عالمنا العربي.
تحاول جاهدة أن تثبت أن بناء الإنسان والعمائر ليس حكرا على الرجل وليس غنيمة ليستأثر بها جنس دون الآخر، فالشراكة مفهوم أصيل عندها، والتي تمكنت من رعاية بيتها وأدارت المؤسسة الأسرية بجدارة ونجاح، قادرة على أن تشد الشراع وتوجه دفة السفينة الى بر الأمان.
ولكن الأمر تطلب ولا يزال إبراز نماذج نسوية حققت حضورا متميزا في مجال العمل والإدارة والتطوير، ليكنّ دلائل حية على أن الإمكان أولى من التمنّي، وأن المرأة إذا قالت فعلت وإذا أرادت حققت ما تريد.
إحدى أولئك النماذج النسائية الناجحة والمتفوقة هي السيدة "أميرة رشاد" رئيسة ومؤسسة شركة "Bulk Whiz" والتي شغلت كذلك منصب مدير التسويق والدعاية في "فيسبوك" الشرق الأوسط وإفريقيا وباكستان، ومن قبله منصب رئيس قسم الإعلام في "ياهو" الشرق الأوسط وإفريقيا وتركيا، وكان لموقع أخبار الآن وقفة معها للحديث عن تجربتها الخاصة وعما يشغل المرأة العربية من معوقات تعطل تقدمها الى الأمام.
النشأة والأم الملهمة
لم تتأخر السيدة "أميرة" عند سؤالنا لها عن التجربة الأولى والبدايات الصعبة، عن التنويه بالخط العريض الى دور والدتها التي ألهمت وعلمت وصبغت أفكارها بلون التحدي والإصرار.. وقالت "نشأت في كنف أسرة ترعى العلم وابنة سيدة عاملة مجدّة بعملها في مجال التنمية الإقتصادية، وهذا ما ولّد عندي قناعة بأن المرأة قادرة على التوفيق ما بين عملها ورعاية بيتها على أحسن وجه.. أمي ببساطة هي قدوتي ومثلي الأعلى وأنا سلكت ذات مسلكها وامتلكت النية لحمل كلتا المسؤوليتين على عاتقي وفي فترة مبكرة من شبابي.. لأن المثال الصحيح حاضر أمامي.
إقرأ: خاص | مرح البقاعي.. وحديث عن دور المرأة السورية والعربية لمناسبة يوم المرأة العالمي
في سوق العمل
فور تخرجي من الجامعة الأمريكية في القاهرة، بدأت حكايتي مع تحديات السوق من خلال العمل لدى شركة متخصصة في الدعاية والإعلان، كانت فرصة العمل معها مهمة بالنسبة لي، حينها كنا أنا وفرع الشركة بمصر في طور البدايات، فتعلمت كيف تبنى المؤسسات لبنة لبنة، وهذه ناحية مهمة لمن أراد أن يستوعب هيكلية المؤسسات وآليات عملها.
أهم ما كان في تجربتي مع هذه الؤسسة أنها تنشط في مجال "الأعمال والأسواق المالية" وهذا ما لم أكن أملك فيه أي خبرة سابقة، الأمر الذي دفعني لإكمال دراستي العليا في انكلترا للحصول على درجة الماجستير في هذا التخصص، وبالتالي استطعت أن أمد أفق طموحاتي بشكل أكبر.
تعددت وظائفي فيما بعد وازدادت خبراتي وتدرجت في المواقع الإدارية حتى أصبحت السيدة الوحيدة التي تعمل في مجال التسويق لدى واحدة من كبريات الشركات العالمية، وهي شركة "بيبسي" وذلك على صعيد الشرق الأوسط.
وما أريد قوله هو أن الشرط الأساس في النجاح ليس الجنس أو اللون أو أي اعتبار آخر.. الإجتهاد والوعي بمقتضيات المهمة والإخلاص في العمل هي فقط ما يمكن أن يُبنى عليه لتتويج أي إنسان بالظفر في أي ميدان كان.
المرأة العربية حالها ومآلها..
في الحديث عن حال المرأة العربية تقول السيدة "رشاد": للأسف المرأة العربية لم تحظى بعد بفرصة حقيقة تمكنها من توظيف إمكانياتها المعرفية واستعدادها للمشاركة في البناء، وعلينا الإنتباه الى أن الأمر لا يتوقف عند مضار تصيبها هي فقط، بل يمتد تأثيرة الى المجتمع برمته.
فالإحصاءات تؤكد أن النسبة الأكبر من حملة الشهادات الجامعية والعليا في العالم العربي هن من الإناث، السعودية ومصر مثالين على ذلك، ومن المؤسف أن لا تتوفر الرغبة في استثمار تلك الموارد البشرية بشكل صحيح وعادل.
كل النجاحات التي استطاعت سوانا من المجتمعات تحقيقها كان لها رافعة اجتماعية، وجملة من مفاهيم قننت دورالمرأة وألبسته لباس الضرورة والحاجة له.
علينا في العالم العربي أن نؤسس لمفاهيم مشابهة تُبنى على أساس المساواة بين الجنسين، وأن تمنح المرأة فرصتها لإثبات قدرتها على صناعة التغيير في كافة المجالات، الأكاديمية والإجتماعية والعملية.
علينا أن نسمع صدى صوت المرأة مهما بعدت المسافات بينه وبين الواقع، وعلينا أن نعلّمها أن ما تملكه من وعي وعلم ومعرفة هو سلاح بيدها لصون ذاتها وأسرتها ومجتمعها. ولأ أقصد بعلو الصوت هنا الخروج عن مألوف الرقّة والأنوثة، ولكن نبرة الحزم في طلب الحقوق دون خوف أو توجس مطلوبة وواجبة، وهي لا تشوه هندام المرأة المعروف باللين ولا تخدش عفتها.
إقرأ: خاص | "ممارسة مهنة الطب هي تحد زمني وعملي للمرأة"
الحركة النسوية ما بين الأمس واليوم
تعقيبا على وصف المنتدى النسائي العربي في فترة الستينات والسبعينات، والحال المتأخرة التي وصل إليها تقول السيدة"رشاد": لعلي أجد الرد في صلب اختصاصي، أنا أرى أن الأدوات "التكنولوجية" ومواقع التواصل الإجتماعي أصبحت نسخة محدثة عن "الصالونات" التي كانت دارجة فيما سبق، ويمكن لها أن تكون منصة أوسع لتجمع الناس على هدف ما متجاوزة حدود الدول.
فالصالون الذي كان يعقد سابقا في القاهرة أصبح الآن يعقد من خلال "واتس آب" مثلا في القاهرة والرياض وبيروت على حد سواء، أنا شخصيا لدي نقاشات هامة جدا مع سيدات رائدات من شتى أنحاء العالم العربي منصتها الأساسية هي "المجموعات أو ما يقال له "الغروبات" من خلال تطبيقات عدة وفي وقت وجيز .
إحساس القرب هذا خلق قاسما مشتركا أكبر بين جميع المكونات النسوية في المنطقة العربية، أصبح هنالك شراكة في القضايا حلوها ومرها.
ولكن قضايا المرأة لم تعد تحظى بالأولوية المطلوبة، وطغى عليها الحديث في الشأنين السياسي والإقتصادي، ومن وجهة نظري فإن هذا الأمر صحي الى حد ما، فلا يمكن أن يتم الحديث عن حقوق المرأة دون التوجيه بحل العقد الإقتصادية والسياسية فالمرأة جزء من المجتمع وصحة المجتمع من صحتها والعكس صحيح.
الأهم من ذلك كله، هو تجاوز مرحلة الحديث بالشعارات والتلويح بها دون أي طائل، إن كان هنالك جدية في الحديث عن حقوق المرأة، فعلى صانع القرار أينما كان ومعه مؤسسات المجتمع كافة والفعاليات النسائية، عليهم جميعا أن يضطلعوا بدور أكبر في تقديم الحلول للنهضة بحال المرأة صحيا، إجتماعيا، معرفيا وحينها ستضطلع هي بدورها في نهضة مجتمعها. هذا وقت المبادرات الفعالة والجادة وليس وقت الشعارات.
كلمة أخيرة بمناسبة يوم المرأة العالمي..
تنهني السيدة "أميرة رشاد" حديثها الهام مع موقع أخبار الآن بالقول: أنا أؤمن بأمر مهم جدا وهو أن كل يوم يجب أن يكون يوم المرأة العالمي، إذا ما أردنا أن نعتبر هذا اليوم مناسبة للبحث عن حلول لهموم المرأة العربية.
إن كان هذا اليوم ينطوي على شيء من الأهمية فهو تذكيرنا بأنه ثمة الكثير الكثير من العمل الذي لم ينجز بعد، نحن في أول الطريق والإحتفالات لا تقدم ولا تؤخر، من أراد أن يمنح قضايا المرأة اهتماما ويساهم في حلها، فعليه أن يشمر عن ساعديه ويشرع في عمل جاد.
"حقوق المرأة هي حقوق المجتمع هذا ما علينا الإيمان به".. أميرة رشاد.
إقرأ أيضا
يوم المرأة العالمي.. التسلسل الزمني لنضال المرأة من أجل نيل حقوقها
الكاتبة الأمريكية جين ساسون: يندر أن نجد عملاً فنياً يخلو من بصمة أو روح المرأة