مرور 13 عاما على مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن

تنظيم القاعدة، منظمة إرهابية محظورة، مهمتها استهداف المصالح الغربية في جميع أنحاء العالم وإسقاط الحكومات في جميع أنحاء آسيا وأفريقيا، والتي يعتبرها التنظيم حكومات لا تطبق الإسلام بشكل كاف ومقربة جداً من الغرب.

القاعدة نفذت العديد من العمليات الإرهابية في مختلف دول العالم كأن أبرزها استهداف برج التجارة العالمي في الولايات المتحدة، وهذه الحادثة كانت فارقة في مسيرة القاعدة ومؤسسها أسامة بن لادن الذي قتل بعملية عسكرية أمريكية في باكستان.

لكن كيف تأثر التنظيم بمقتل بن لادن وجهاد طروادة؟

قال الباحث في الشأن الإيراني إسلام المنسي لأخبار الآن إن تنظيم القاعدة يعيش اليوم حالة من التخبط بسبب فراغ القيادة الرسمي، فإلى الآن لا يعرف له قائد رسمي حيث أنه لم يتم تنصيب سيف العدل رسميا ولم تؤخذ له البيعة.

وأضاف أن هناك ضبابية أيضا في التوجه فالكثير من أنصار التنظيم يتساءلون هل ما زال التنظيم يسير على نهج القائد المؤسس أسامة بن لادن أم أنه أصبح أحد الأذرع الميليشياوية الإيرانية وانخرط ضمن المحور الإيراني نظرا لتواجد سيف العدل في إيران وتحكم الحرس الثوري الإيراني به وهو ما يعرف بـ جهاد طروادة.

وأوضح أن وجود سيف العدل في قيادة التنظيم وتحكمه في التنظيم وعدم إماكنية تصريحه بذلك وإعلان منصبه كل هذا جعل التنظيم يعيش حالة من التخبط والضبابية ولذلك نتيجة هذه العوامل بالإضافة إلى عوامل التقادم التي أصابت التنظيم والبعد المكاني بين الأفرع فإنه لا يحمل من كلمة تنظيم سوى الاسم وأصبح وكأنه هيئة تنسيقية بين عدد من المجموعات التي تختلف فيما بينها في طريقة العمل والرؤية.

وأشار إلى أن الأفرع تكتفي حاليا بالترابط الشكلي فقط ويقع في القلب من هذه المعضلة أزمة جهاد طروادة والتي تعني اختراق التنظيم من قبل الحرس الثوري لتنفيذ الأجندة الإيرانية والدفع بالتنظيم في مغامرات انتحارية تنفيذا لأجندة إيران التي كان يعتبرها التنظيم سابقا بأنها عدو.

بعد 13 عاما من مقتل أسامة بن لادن.. القاعدة بين النهج القديم وجهاد طروادة

وهن القاعدة

قال الخبير في الحركات الجهادية حسن أبو هنية لأخبار الآن إن تنظيم القاعدة أصبح ظلا لما كان عليه في حقبة أسامة بن لادن، خاصة وأن المشاكل داخل التنظيم بدأت منذ مقتله وتعمقت أكثر عقب اغتيال أيمن الظواهري حيث تراجع التنظيم بشكل واضح لعدة أسباب:

أولا: بسبب الضغط الدولي لمكافحة الإرهاب.

وثانيا: بسبب الخلافات الداخلية التي أدت في 2013 إلى بعض الانفصالات وتشكيل تنظيم داعش على سبيل المثال، وأيضا تشكيل مجموعات أخرى مثل هيئة تحرير الشام، فضلا عن وجود اختلاف في الهيكلية وحتى عدم التجانس في الإيدلوجيا.

وأضاف الخبير في الحركات الجهادية أن هناك رجوع عن نهج بن لادن وهناك استياء من الكثيرين مثلا: هناك شروط كان قد وضعها بن لادن حاد عنها الظواهري كبيعة جماعة الشباب الصومالية التي قبلها الظواهري في حين أن بن لادن كان يرفضها.

كما أنه من المتعارف لدى القاعدة أن يكون القائد مقيما في أفغانستان في حين يقيم سيف العدل والذي تشير إليه جميع التقارير الاستخبارية أنه القائد الفعلي للتنظيم وإن لم يعلن ذلك رسميا فهو يقيم في إيران وهذا يشكل رفضا من انصار التنظيم.

بعد 13 عاما من مقتل أسامة بن لادن.. القاعدة بين النهج القديم وجهاد طروادة

القاعدة وطالبان

قال الخبير في الجماعات الجهادية حسن أبوهنية أن التنظيم تراجع سواء في المركز في أفغانستان وجميع الأفرع المكانية الأخرى، وإن كان بعد عودة طالبان وسيطرتها هناك عودة للتنيظيم تحت سيطرة طالبان إلا أنه لايتمتع باستقلالية تامة.

واشار أبو هنية إلى وجود تحذيرات دولية من بناء الشبكة مرة أخرى بعد سيطرة طالبان على أفغانستان عقب الانسحاب الأمريكي وهناك قلق دولي من ذلك خاصة وأن أفغانستان تعتبر ملاذا آمنا للتنيظم والظواهري على سبيل المثال قتل في كابول.

فهذا يؤكد أن القاعدة ما تزال موجودة لكنها في حالة من الضعف مع التأكيد على عدم زوالها وربما تلملم نفسها مرة أخرى ويبقى الخطر ماثلا لكنه خطر ليس عالميا كما كانت إبان فترة بن لادن وخطرها أصبح في المجال المحلي.

بعد 13 عاما من مقتل أسامة بن لادن.. القاعدة بين النهج القديم وجهاد طروادة

الأفرع المحلية

أشار أبو هنية إلى أن الأفرع المحلية أيضا تشعر بالوهن والضعف والبعض منها حاد عن مشروع القاعدة العالمي، وأصبحت هذه المجاميع تشهد نوعا من التكيف الداخلي وعدم القدرة على تنفيذ أعمال خارجية كهيئة تحرير الشام وفرع التنظيم في اليمن.

وكذلك جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي بايعت التنظيم وبالتالي التنظيم ظل كما كان عليه سابقا، وتراجع بشكل كبير جدا وأصبح عاجزا عن تنفيذ عمليات خارجية وتحول إلى النهج المحلي كفروعه المحلية.

ولم نجد منذ اعوام أي علمية خارجية نسبت للتنظيم كتفجير 11 سبتمبر أو العمليات المرتبطة بشبكة الزرقاوي كتفجيرات لندن ومدريد.

هل يستطيع تنظيم القاعدة تنفيذ عمليات مستقبلا؟

قال الدكتور جاسم محمد مدير المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب في تصريح خاص لأخبار الآن إن تنظيم القاعدة تراجع كثيرا عن عملياته العسكرية والإرهابية بعد مقتل بن لادن قائده المؤسس، ولم يعد تنظيما مركزيا ولم تعد له القدرة على دعم وتعزيز فروع التنظيم حول العالم خاصة في إفريقيا واليمن والشرق الأوسط بشكل عام،حتى بعد عودة طالبان للحكم في أفغانستان والتي توفر له الملاذ الآمن.

وأضاف أن الآن العالم اليوم أصبح مدركا لتهديدات المجاميع المتطرفة ومنها القاعدة وداعش فتنفيذ عمليات جديدة لم تعد تعتمد على قوة هذه التنظيمات بقدر ما تعتمد على قدرة الحكومات في تنفيذ سياسات محاربة التطرف ومكافحة الإرهاب ومن الصعب أن ينفذ تنظيم القاعدة عمليات نوعية حول العالم.

وعن مدى تأثر القاعدة بالأجندة الإيرانية.. قال الدكتور جاسم إن قادة القاعدة من الخط الاول وعائلاتهم موجودين في إيران واليمن، والقاعدة لديها علاقات واسعة وقوية مع النظام الإيراني، وبدون شك إيران تفرض شروطها وأجندتها على القاعدة بسبب وجود عائلات وزعامات قيادات التنظيم في أراضيها لذا لابد من أن يتأثر التنظيم بالأجندة الإيرانية.

بعد 13 عاما من مقتل أسامة بن لادن.. القاعدة بين النهج القديم وجهاد طروادة

القاعدة في إفريقيا

قالت الدكتورة هبة البشبيشي في تصريح خاص لأخبار الآن إن بن لادن زعيم تنظيم القاعدة السابق ومؤسسه لمع اسمه بعد تفجيرات 11 من سبتمبر ثم توالت التفجيرات سواء في لندن أ وبروكسل وغيرها.

وأضافت أن بن لادن كان لديه تكوين هرمي يتعلق بمسألة التنظيم .. فهناك قاعدة الشعبية من المؤيدين والمحارين الذين ينتمون له من جميع جنسيات العالم، والمنطقة الوسط والتي تضم أبرز القادة المؤثرين كأيمن الظواهري وغيره، والقمة التي كأن يرأسها هو.

وهذا الشكل الهرمي للتنظيم يختلف عن المجاميع العنقودية التي نشأت في قارة إفريقيا.

وأوضحت أن فكرة المجاميع المسلحة الإرهابية بدأت في ذلك الوقت تكون واضحة أمام العالم من أن هناك عدو مستتر اسمه المجاميع المسلحة وبدأت الدول تواجهه بشتى الطرق، لكن هذه الجهود لم تكن موحدة على مستوى العالم فالإمكانيات بين الدول تختلف نوعا ومضموما.

وأشارت إلى أن بعض المجاميع المسلحة في إفريقيا بايعت تنظيم القاعدة وأخرى بايعت داعش في وقت كان فيه تنظيم داعش ينتشر في سوريا والعراق بشكل هستيري.

مثل “بوكو حرام” التي بايعت تنظيم القاعدة وأنصار السنة التي بايعت داعش وكان هناك حرب ضارية بينهما في إفريقيا واستولوا على مثلث تشاد الواقع بين بوركينا فاسو والنيجر ومالي.

موضحة أن الإرهاب انتشر في النيجر بصورة غير إنسانيسة وكان هناك تفريخ للسكان المحليين في هذه المجاميع والزج بالأطفال وصغار السن في الحرب بسبب التنافسية بين هذه المجاميع.

بعد 13 عاما من مقتل أسامة بن لادن.. القاعدة بين النهج القديم وجهاد طروادة

ما مصير القاعدة في إفريقيا؟

أوضحت الدكتورة هبة البشبيشي أن التنظيم داخل إفريقيا هو في ذروة أعماله المسلحة وسيطر على بعض المناطق داخل الدول في ظل الجهود المبذولة لمحاربته، لكن الانقلابات العسكرية في عدد من الدول الإفريقية أربكت عمليات مواجهته.

لكن التنظيم والمجاميع المسلحة الأخرى ما تزال موجودة، ربما أن القاعدة يكون أقلها تنفيذ للعمليات في الفترة الحالية ويتسم بالقيادة الباردة كونه ينتظر الأوامر من قمة الهرم.

إلا أن المجاميع الأخرى تقوم بتنفيذ عمليات إجرامية من قتل وخطف وطلب فدية وسرقة واغتصاب وهجوم على مناجم الذهب والفوسفات وغيرها.

 

مركز التجارة العالمي .. أبرز هجوم للقاعدة

مع كل ما سبق.. كان أبرز هجوم للقاعدة في صباح يوم 11 سبتمبر/أيلول 2001 في مدينة نيويورك حيث تغير العالم إلى الأبد.

فبعد أشهر من التخطيط السري، خطف أتباع القاعدة أربع طائرات ركاب أمريكية في منتصف الرحلة، وجهوا اثنتين منهم نحو مركز التجارة العالمي الشهير في نيويورك، وحولوا الناطحتين العملاقتين إلى كرة ملتهبة غطتها الغبار والنيران، كما صدموا طائرة أخرى بمقر وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” وفي الطائرة الرابعة، تغلب الركاب على الخاطفين وتحطمت الطائرة في حقل، مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها.

مات ما يقرب من 3000 شخص في ذلك اليوم، وأصبح يُعرف باسم “9/11” لأنه حدث في اليوم الحادي عشر من الشهر التاسع.

لقد كان أسوأ هجوم إرهابي على الإطلاق على أمريكا، وقد بدأ العمل منذ عقدين من الزمن من “الحرب على الإرهاب” المثيرة للجدل بقيادة الولايات المتحدة.

تم التآمر والتخطيط لأحداث 11 سبتمبر من داخل قواعد القاعدة في جبال أفغانستان، حيث وفرت لهم طالبان الملاذ الآمن، لذلك غزت الولايات المتحدة وبريطانيا ذلك البلد، وطردتا طالبان و القاعدة.

لقد استغرق الأمر 10 سنوات أخرى قبل أن تتمكن الولايات المتحدة من تعقب التنظيم وقتل زعيمه المتخفي أسامة بن لادن، في مايو/أيار 2011.

بعد 13 عاما من مقتل أسامة بن لادن.. القاعدة بين النهج القديم وجهاد طروادة

لحظة استهداف برج التجارة العالمي (أرشيفية – غيتي)

 

من هو أسامة بن لادن؟

13 عاما مرت على مقتل مؤسس تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، في عملية أمريكية أحدثت تحولا كبيرا في الأوساط الإرهابية وآليات المكافحة أيضا.

ويوافق يوم الثاني من مايو/أيار الذكرى السنوية الثالثة عشر، لمقتله، الذي كان يوصف بأنه “أكثر الإرهابيين المطلوبين في العالم”، على يد قوات خاصة من البحرية الأمريكية في هجوم على منزله السري في باكستان.

وأسامة شاب ولد لعائلة سعودية ثرية، كان شغوفا بالسباقات السريعة ويقود سيارته بسرعة جنونية، ويحب كرة القدم والأفلام الأجنبية.

وفي خضم تحوله الفكري، سافر إلى أفغانستان بعد غزو الاتحاد السوفياتي السابق للبلد الآسيوي عام 1979 وتفيد الروايات بأنه ساعد في إنشاء تنظيم القاعدة عندما كانت القوات الروسية في أفغانستان تمنى بالهزائم العسكرية المتتالية على يد المسلحين الأفغان.

وفي التسعينيات، حول بن لادن تركيز منظمته الإرهابية على توجيه الضربات لأهداف أمريكية، قبل أن ينفذ أخطر هجوم تتعرض له الولايات المتحدة في نصف قرن، في ١١ سبتمبر/أيلول 2001 على برجي مبنى التجارة العالمي ومقر البنتاغون، ما أوقع آلاف القتلى والمصابين.

وبعد هذه الحادثة بدأت الولايات المتحدة حربا على أفغانستان لاقتلاع جذور تنظيم القاعدة، ونجحت في هزيمة التنظيم، ثم ترسيخ نظام حكم في البلاد، لكنها لم تعثر على بن لادن لمدة 10 سنوات كاملة.

وفي الثاني من مايو/أيار من عام 2011، أغارت قوات أمريكية خاصة على مجمع سكني في مدينة أبوت أباد الباكستانية وقتلت بن لادن.

بعد 13 عاما من مقتل أسامة بن لادن.. القاعدة بين النهج القديم وجهاد طروادة

أسامة بن لادن وأيمن الظواهري (أرشيفية – غيتي)