أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (مسلّم عبد الباسط)
تجلس وحيدة على ركبتيها وتتبعثر حبات القمح من بين أصابعها لترمي الحب "المنخور" منها بوعائها القديم. "أم عثمان سرحان" من بلدة "العبادة" شرقي الغوطة الشرقية، والتي تجاوز عمرها الـ 70 عاما، تسكن وحدها في منزل صغير نزحت إليه من ضمن المناطق الوسطى للغوطة الشرقية.
تجلس أم عثمان وتتحدث لأخبار الآن عن حياتها خلال الخمس سنوات من عمر الحرب في سوريا، حيث سيطرت قوات النظام على بلدتها "العبادة" في الخامس من مايو/ أيار 2013.
من تلك اللحظة بدأت الحياة الصعبة لأم عثمان، فقد اضطرت للنزوح أكثر من مرة وتنقلت في أكثر من منطقة بين بلدات الغوطة ناقلة معها حزنها وألمها لبعدها عن بيتها.
تعمل أم عثمان طوال اليوم على تنقية حبات القمح لتذهب بعد أن تنجز عملها إلى العائلات في المنطقة وتقوم بالأعمال المنزلية للأهالي كي تكتسب رزقها، إذ تواجه "كما غيرها" صعوبة في تأمين مستلزماتها الصحية والغذائية في ظروف الحصار المطبق على الغوطة لاسيما في ظل وجود نقص حاد في المواد الغذائية وغلاء الأسعار فيها.
"أم أحمد" إحدى ربات المنازل التي تتردد عليها أم عثمان، تحدثت لأخبار الآن كيف استقبلتها بعد أن أصبحت تراها يوميا قرب بيتها تبحث عن عمل لتأمين لقمة عيشها، حيث استقبلتها أم أحمد مرات عديدة في بيتها وأصبحت تساعدها في ترتيب المنزل وحياكة الألبسة الشخصية للعائلة والعمل على مساعدتها في طهي الطعام.
كما أوضحت أم أحمد أن من واجبها الإنساني مساعدة أم عثمان لأنها كبيرة في العمر وأن مجيء أم عثمان إليها والعمل في بيتها ليس الهدف منه هو أن تخدمها وإنما الهدف هو اعتمادها على نفسها وعدم احتياجها للناس والتسول في الطرقات كحال الكثير من الناس.
لدى سرحان ولدين يعملان طيلة النهار بأعمال زراعية لكسب لقمة عيشهم ولديها ستة أحفاد صغار، حيث تسكن أم عثمان في منزل صغير لوحدها بعيدة عن أبنائها بسبب عدم توافر منازل سكنية في القطاع الأوسط للغوطة وخصوصاً بعد النزوح الكبير من قطاع "مرج السلطان" والقطاع الجنوبي نحو الغوطة الشرقية.
بلدة "العبادة" مسقط رأس أم عثمان، في الغوطة الشرقية تبعد عن دمشق 23 كم وعدد سكانها نحو عشرة آلاف نسمة، وتعتبر هذه البلدة بوابة الغوطة من جهة الشرق، وكانت العبادة من أولى بلدات الغوطة الشرقية مشاركة في الثورة السورية، فقد ثار أهلها وخرجوا بأول مظاهرة لهم ضد نظام الأسد بتاريخ 18 نوفمبر 2011.