تعهدت الدول الكبرى في مجموعة العشرين بالتحلي بالحذر واحترام الأصول في سياساتها النقدية لدعم الاقتصاد، في رسالة موجهة إلى البنك المركزي في الولايات المتحدة الذي يثير قلق الدول الناشئة.
وفي ختام اجتماعهم في موسكو،و أعرب وزراء مالية الدول الغنية والناشئة الكبرى عن ادراكهم للمخاطر والتأثيرات السلبية غير المتعمدة للفترات الطويلة من تليين السياسة النقدية .
وقال الوزراء في البيان ان “التغييرات المستقبلية” في السياسة النقدية “ستواصل الخضوع للضبط بحذر ووضوح”.
وتستهدف مجموعة العشرين بذلك الولايات المتحدة من دون تسميتها. فالاحتياطي الفدرالي الاميركي (البنك المركزي) لا يبقي معدلات فوائده قريبة من الصفر فحسب منذ اكثر من اربعة اعوام في مواجهة الازمة، بل يضخ ايضا مبالغ ضخمة في النظام المالي للحفاظ على معدلات الفائدة عند ادنى مستوى لها ودعم النشاط الاقتصادي.
وهذه الاموال المتوافرة بكلفة متدنية اعيد استثمار قسم كبير منها في السنوات الاخيرة في الاسواق الناشئة التي تشهد نموا قويا وحيث المردودية مرتفعة جدا.
لكن النمو يعود الى الولايات المتحدة حيث بدات البطالة تنخفض واعتبر البنك المركزي اخيرا انه قد يجعل مشترياته من الاصول في الاسواق “معتدلة” اعتبارا من هذه السنة.
والنهاية المبرمجة لهذه السياسة المعروفة ب”التليين النوعي” زعزعت اسواق الدول الناشئة والقت بثقلها على عملاتها.
وتساءل وزير المالية الروسي انطون سيلوانوف “كيف ستطبق الدول التي تصدر عملات احتياطية (وخصوصا الدولار) هذه السياسة، كيف تؤثر على الدول النامية وحتى على الدول المتقدمة؟”. وهذه الاسئلة احتلت حيزا كبيرا في المباحثات يومي الجمعة والسبت في موسكو.
واضاف ان الرهان كبير: يجب تفادي “كارثة” في الاسواق المالية.
وهذا الاسبوع، هدأ رئيس الاحتياطي الفدرالي الاميركي بن برنانكي المستثمرين عندما اكد ان الولايات المتحدة لا تزال بحاجة الى سياسة نقدية متساهلة، مستبعدا اي “مسار محدد سلفا” لخفض الدعم للاقتصاد.
لكن القلق يتواصل بالنسبة الى الدول الناشئة في وقت بدات ترى نموها الاقتصادي يتراجع.
واختصر المفاوض البرازيلي كارلوس مارسيو كوزندي اثناء مؤتمر صحافي الجمعة الوضع قائلا “في السابق كان تدفق الرساميل هو الذي يثير القلق، اما الان فان عواقب التدفق” هي التي تثيره.
وقبل الاجتماع، طلبت روسيا التي تعتبر جزءا من الدول المتاثرة، وضع قواعد “واضحة ويمكن تقديرها” بينما شددت البرازيل على اهمية “تواصل ملائم” لتفادي التقلبات القاسية في الاسواق.
واقرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد بان “الاراء والمصالح متباعدة” بين الدول الغنية التي تطبق هذه السياسات والدول الناشئة التي تتحمل تاثيراتها الايجابية والسلبية.
واضافت ان “توصياتنا هي ان تبدي المصارف المركزية اكبر قدر من الوضوح (…) وان تظهر السلطات العامة في الدول الناشئة انها الاكثر استعدادا للانحسار المحتمل في الرساميل”. ولفتت الى انه قد يكون من الصعب تفادي بعض التقلبات عندما ستخفض الولايات المتحدة فعليا دعمها للاقتصاد.
وبتعبير اخر، الامر بالنسبة الى الدول الناشئة يتعلق برايها باجراء الاصلاحات الضرورية لجعل اقتصادها اقل تبعية لهذه الاموال التي تدفقت في السنوات الاخيرة.
واعتبر حاكم البنك المركزي الفرنسي كريستيان نوير الجمعة ان “النتائج معقدة” و”تتوقف بشكل كبير على القوة وعلى الظروف الاساسية لاقتصاد” الدول التي تواجه انحسار الرساميل، مضيفا ان بعض الدول الناشئة لم تتضرر كثيرا.
ويشير الاميركيون من جانبهم الى انه اذا كان هذا النقاش قائما، فلان الاقتصاد في حالة جيدة ما يشكل في ذاته نبأ سارا للعالم اجمع.
وتوافق مجموعة العشرين من جهة اخرى راي الذين يطبقون سياسات غير تقليدية لدعم النشاط الاقتصادي عبر الاعتراف بتاثيراتها المجدية. واعتبر بيان المجموعة ان سياسة مرنة تبقى ضرورية في بعض الدول لدعم النمو.