كليس، 16 فبراير، (عماد القاسم – أخبار الآن)–
"شو صار فينا نحنا السوريون" عبارة يرددها أغلب السوريون الذين قابلتهم خلال جولتي بمدينة كليس التركية.الحملة الدامية التي يشنها النظام على المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة السورية، وكذلك الإقتتال الدائر بين مقاتلين الجيش الحر وتنظيم " داعش ".كل هذه الأحداث جعلت أبسط تفاصيل الحياة بالنسبة لهم شبه مستحيلة.مما دفع الآلاف من سكان مدينة حلب وريفها إلى اللجوء للأراضي التركية ليبدأو من نقطة الصفر هناك.
العمل هو التحدي الأصعب في تركيا
إنتقل هؤلاء من معاناة لمعاناة أخرى.لعل أكبرها في تركيا هي تكاليف المعيشة المرتفعة وصعوبة إيجاد عمل يساعدهم في تأمين احتياجاتهم.فعدم إتقان الأغلبية الساحقة من السوريين للغة التركية وكثرة أعدادهم التي تزايدت خلال الشهرين الماضيين.هي من أهم الأسباب التي تعيق فرص إيجاد العمل.والذي حتى وإن وجد فإن الأجور تكون زهيدة جداً.
هذه الأسباب دفعت بعض السوريين إلى اللجوء للعمل الحر وبعض المشاريع الصغيرة جداً." الحاج أبو محمد " من سكان (كفر نايا)، خرج من سوريا الى كليس التركية من حوالي السنة مع عائلته وأبناءه الثلاثة.و منذ ثلاثة أشهر قام بفتح مطعم صغير لبيع الشاورما بمساعدة أحد الأتراك.ولعل "الحاج أبو محمد " أوفر حظاً من غيره من السورين.
عندما تخرج من مطعم " الحاج أبو محمد " وتتجه إلى السوق ناحية كراج كليس تجد العديد من "البسطات" والعربات الصغيرة التي يستخدمها الشباب السوريون لتسويق بعض البضائع البسيطة والخضار أو عربات "صندويش" الفلافل و" العجة ".
.. من "البسطات"
"زهير أبو حمزة " ٤٣ عام.نزح مع زوجته وأطفاله الأربعة من حي صلاح الدين بحلب.حيث كان يعمل كسائق تكسي، لكنه الآن يعمل كبائع على عربة لبيع الخضار مع ابنه حمزة الذي يبلغ من العمر ١٤ عشر عاماً.
قال " أبو حمزة ": "دفعنا عدم توفر منزل هنا في كليس إلى العيش في غرفة صغيرة كانت بالسابق مكان لتربية الماشية بجانب منزل قديم بعيد عن مركز المدينة، ونحن نستخدم الغرفة هذه للمعيشة والطبخ والحمام أيضاً، وعندما نريد قضاء حاجة، نذهب إلى المسجد الذي يبعد عنا حوالي ٢٠٠ متر.نحن ندفع لهذه الزريبة ١٠٠ ليرة تركية شهرياً".
أكمل "أبو حمزة ": "ابني الصغير " يزن" الذي يبلغ من العمر عام واحد، يقبع الآن في مشفى كليس منذ أربعة أيام، وذلك بسبب إختاق نتيجة أننا كنا نشعل حطب في الغرفة حتى نشعر ببعض الدفء، والآن هو يعاني من حساسية شديدة".
الأطفال..صورة قاتمة
ما إن تدخل الكراج حتى ترى أطفال بين ( ٧ إلى ١٠ سنوات ) يتجولون بين المسافرين و بين" سكان الكراج " من العائلات السورية إن صحت التسمية.يحاولون بيع بعض الأشياء البسيطة كالماء والبسكوت والحلويات.
"أحمد" (١١عام) الذي كان يُسند ظهره إلى عامود حجري داخل الكراج بعد أن فقد جدران بيته في حي الحيدرية بحلب ."أحمد" لجئ إلى بيع نوع تقليدي من الحلويات "الشعيبيات" حتى يحصل على ربح مقداره ربع ليرة تركية من كل قطعة يبيعها متأملاً في ذلك المساعدة في إعانة عائلته مع أبيه الذي يعمل كعامل بناء وأخيه ذي التسع سنوات الذي يعمل في محل قِصابة وبيع لحوم.هو ترك المدرسة مع أخيه ليبدأ حياة شقاء مبكرة جداً.
العديد من الأطفال الصِغار تدفعهم قسوة الظروف إلى بيع السجائر مثل الطفل "مصطفى"( ١٤عام).
وكان تقرير للأمم المتحدة قد رسم صورة قاتمة عن وضع الأطفال السوريين اللاجئين في الدول المحيطة ببلادهم، وحذر من أنهم يفقدون فرص التعليم وينشؤون في ظروف اجتماعية غير طبيعية، وغالبا ما يجدون أنفسهم أمام مسؤولية العمل لإعالة أسرهم.
ويشير التقرير إلى أن عدد الأطفال الذين لا يحصلون على التعليم يفوق عدد نظرائهم الذين يحظون بهذه الفرصة، بينما يرسل عدد لا يحصى من العائلات النازحة أطفالهم للعمل لتأمين احتياجاتهم المعيشية الأساسية.ومن الإفرازات التي تولدت نتيجة هروب السوريين من بلادهم طلبا للأمن، ولادة عدد كبير من الأطفال في المنفى وفي المخيمات حيث سيعيشون بظروف غير طبيعية تحرم العديد منهم من الفرص و الحقوق الدنيا للأطفال.