تطرح مراكز دراسات اقتصادية أوروبية وأميركية أسئلة مفتوحة حول المدى الذي ستذهب إليه موسكو في اللجوء إلى احتياطياتها المالية الإستراتيجية لمنع استمرار نزيف عملتها الروبل. وتتساءل هذه المراكز عن جدوى هذه السياسة في الحيلولة دون إفلاس روسيا.
وتقدر الإحصائيات الرسمية الروسية احتياطي البلاد من النقد الأجنبي بنحو 420 مليار دولار، ويعتبر هذا الرصيد المالي بمثابة تأمين إستراتيجي لحماية الدولة الروسية من الإفلاس.
ورغم تأكيد الرئيس الروسي فلايمير بوتين على رفض اللجوء إلى هذا الرصيد لمواجهة الأزمة الحالية لعملة البلاد، فإن البنك المركزي الروسي استخدم في الفترة الأخيرة مبلغ 80 مليار دولار من احتياطي النقد الأجنبي لمنع الهبوط الشديد لقيمة الروبل نتيجة انخفاض أسعار النفط عالميا، وتأثير العقوبات الغربية على موسكو المرتبطة بسياستها في الأزمة الأوكرانية.
نفاد الاحتياطي
وأشارت دراسة أعدها الباحث بمعهد بيترسون الاقتصادي الأميركي في واشنطن أندرس أزلوند إلى أن الاحتياطي المالي الروسي من العملات الرئيسية لن يتبقى منه شيء خلال عامين على الأكثر. وذكرت الدراسة أن روسيا ستكون في عامي 2015 و2016 بحاجة إلى 100 مليار يورو (122 مليار دولار) لسداد ديونها الخارجية، وستلجأ للوفاء بالتزاماتها الخارجية إلى الأخذ من الاحتياطي النقدي.
وأوضحت الدراسة أن توقعها لتبدد الاحتياطيات المالية الروسية في العامين القادمين يستند إلى أن الموجودات الفعلية السائلة من هذه الاحتياطيات يقدر بنصف المبلغ المذكور، مضيفة أن 420 مليار دولار مجرد رقم مدون في السجلات الرسمية ليس أكثر.
وقالت إن 45 مليار دولار من احتياطيات روسيا هي من الذهب الذي سيكون لطرحه في الأسواق بهذه الكميات الكبيرة تداعيات وخيمة على الاقتصاد، وتتصل 12 مليار دولار بحصة روسيا لدى صندوق النقد الدولي، في حين وضع مبلغ 170 مليارا في صندوقين لا يمكن التصرف فيهما لأن موسكو أسستهما لمواجهة أصعب الأوقات.
وخلصت الدراسة إلى أن مبلغ 203 مليار دولار هو الاحتياطي الإستراتيجي الفعلي لروسيا من العملات الأجنبية.
حل مؤقت
ويتفق اقتصاديون على أن تأثير اللجوء إلى الاحتياطي المالي سيقتصر فقط على تخفيف حدة الأزمة الحالية وليس التغلب عليها، إذ تحتاج موسكو إلى ما هو أكثر من أموال الاحتياطي لمنع انحدار الروبل نحو قاع بلا قرار
وإزاء هذا الواقع أصبحت السلطات الروسية -يضيف صاحب الدراسة- ملزمة بضخ حزم مساعدات بمليارات الدولارات لفائدة كبريات المصارف والشركات الروسية التي تضررت من إجراءات العقوبات الغربية، لا سيما إغلاق أبواب التمويل العالمية في وجهها.
وتملك معظم الشركات الروسية سيولة مالية كافية لتمكينها من سداد ديونها المستحقة برسم العام 2015 ومواجهة تداعيات أزمة الروبل الحالية، غير أن انهيار الأسعار العالمية للنفط منذ الصيف الماضي إلى النصف بسبب زيادة المعروض في الأسواق وجّه ضربة قاصمة للشركات الروسية، خاصة العاملة في قطاع الطاقة، وللدولة نفسها التي يمثل النفط والغاز 70% من صادراتها و50% من مواردها المالية.
ومن شأن استمرار الانخفاض الحالي في أسعار النفط، وتوسيع وتشديد إجراءات المقاطعة الغربية لموسكو في العام المقبل، أن يؤدي إلى تراجع الاحتياطي المالي الروسي بشكل حاد سيصعب تعويضه، وهو الذي يعتمد عليه للحيلولة دون انهيار الروبل، وهو ما يتوقع أن يدخل البلاد في أزمة قد تخرج عن نطاق السيطرة وتهددها بخطر الإفلاس.