أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة
أن تجمل الحديث عن الثروات وقصص أصحابها في نص واحد، فإن ذلك مستحيل بالتأكيد، ولكننا حاولنا قدر ما نستطيع أن نسلط الضوء على بعض الجوانب الظليلة في سير أغنى أغنياء العالم، وما هي القناعات التي حملتهم ليجمعوا تلك الثروات الطائلة.
كشف تقرير مجلة فوربس الأمريكية، الصادر يوم 8 يونيو/حزيران، أن أغنى 5 رجال في العالم يمتلكون ثروة إجمالية تتجاوز قيمتها 400 مليار دولار. وبالتالي، فكل رجلٍ من هؤلاء الخمسة يمتلك في المتوسط ثروةً تعادل ثروة 750 مليون شخص حول العالم، وفق تقرير لموقع Common Dreams الأمريكي.
وأظهر تقرير سابق لمنظمة أوكسفام أن هناك 8 أشخاص هم الأغنى عالمياً ويمتلكون ما يعادل مقدار ثروات النصف الأفقر من العالم، بحسب ما ذكر "هاف بوست"، ليتقلص العدد حالياً إلى 5 فقط.
لماذا نسمح للأغنياء غير المؤهلين بتقديم نصائح حياتية لنا؟
في عام 1975، وحين كان عمره 20 عاماً، أسَّس بيل غيتس شركة مايكروسوفت مع زميله في المدرسة الثانوية بول ألين. وفي ذلك الوقت، كان نظام تشغيل CP/M الذي ابتكره المُبرمِج الأمريكي غاري كيلدال هو النظام الأساسي في الصناعة، حتى أنَّ شركة بيل غيتس كانت تستخدمه.
لكنَّ كيلدال كان مُبتكراً، وليس رجل أعمال، وحين جاءته شركة آي بي إم، التي كانت من كبرى شركات صناعة الحواسيب المركزية آنذاك، لتطلب منه ابتكار نظام تشغيل للحاسب الآلي الجديد الذي تعتزم الشركة إنتاجه، دفعها تأخيره في تلبية طلبها إلى اللجوء لغيتس.
ومع أنَّ شركة مايكروسوفت التي كانت مؤسَّسة حديثاً لم تتمكن من تلبية احتياجات شركة آي بي إم، رأى غيتس وألين فرصةً سانحة، ولذلك، سارعوا ببيع حقوق ابتكارهم لشركةٍ محليةٍ أخرى متخصصة في أنظمة التشغيل، التي كانت تعتمد على نظام CP/M الذي ابتكره كيلدال. وأراد كيلدال رفع دعوى قضائية، لكن قانون الملكية الفكرية الخاص بالبرمجيات لم يكن قد صدر آنذاك. لقد كان كيلدال مُبتكراً تعرَّض لعملية خداع.
إقرأ: "الغادرديان" البريطانية تغيرات جذرية بعد 200 عام في عالم الصحافة
ولذلك، يمكن القول إن غيتس أخذ من الآخرين ليصير أغنى رجل في العالم. والآن، وبسبب ثروته العظيمة، وخُرافات الكفاءة والاستحقاق، يقتدي به الكثيرون لإيجاد حلولٍ في قضايا حيوية تخص الاحتياجات الإنسانية، مثل التعليم، والإنتاج الغذائي العالمي.
وبالنسبة لإسهامات غيتس في التعليم، فقد طوَّر أجهزةً لرصد الاستجابة الجلدية للتيار الكهربائي لقياس ردود الفعل البيولوجية لدى الطلاب، وتصوير مقاطع فيديو للمُعلِّمين بهدف تقييم أدائهم. وقال غيتس عن المدارس: "تتحقق أفضل النتائج في المدن التي يكون فيها عُمدة المدينة مسؤولاً عن النظام المدرسي. أي هناك مديرٌ تنفيذي واحد، ومجلس إدارة المدرسة ليس قوياً".
وبالنسبة لإسهاماته في قارة إفريقيا، فقد أثبت غيتس، سواءٌ بالاستثمارات، أو بإبرام صفقاتٍ مع شركات مونسانتو، وكارغيل، وميرك، أنَّه يُفضِّل سيطرة الشركات على البلاد الفقيرة التي تُعتبر عاجزةً عن مساعدة نفسها. لكن لا توجد مشكلة، فحسبما ذكر غيتس: "بحلول عام 2035، لن يتبقى في العالم أي بلدان فقيرة تقريباً".
وارن بافيت طالب بفرض ضرائب أعلى (طالما أنَّ شركته لا تدفعها)
كان بافيت قد دعا إلى فرض ضرائب أعلى على الأغنياء، بالإضافة إلى ضريبةٍ عقارية معقولة. ولكنَّ شركته "بيركشاير هاثاواي" دفعت الضرائب المفروضة عليها بناءً على "مبالغ افتراضية"، بينما أجَّلت دفع 77 مليار دولار من الضرائب الفعلية المفروضة عليها.
جيف بيزوس: جنى 50 مليار دولار في أقل من عامين، وتهرَّب من الضرائب
منذ نهاية عام 2015، كدَّس جيف بيزوس ثروةً كافية لتغطية كامل ميزانية الولايات المتحدة للإسكان، التي تبلغ 50 مليار دولار، وتخدم 5 ملايين مواطن أمريكي. بيزوس، الذي استفاد فائدةً عظيمة من الإنترنت والبنية التحتية اللتين تطوّرا على مدار عدة أعوامٍ بفضل مجهودات العديد من الناس، بالإضافة إلى مبالغٍ طائلة من الضرائب التي ندفعها، يستغل الملاذات الضريبية، وجماعات الضغط التي تتقاضى مبالغ مرتفعة، لتجنب دفع الضرائب المستحقة عن شركته.
مارك زوكربيرغ.. سادس أغنى رجل في العالم، والرابع بأمريكا.
بينما كان زوكربيرغ يُطوِّر نسخته من الشبكات الاجتماعية في جامعة هارفارد، ابتكر آدم جولدبيرغ وواين تينغ، الطالبين في جامعة كولومبيا آنذاك، نظاماً يُسمَّى "كامبوس نيتورك"، وكان أكثر تطوراً بكثير من الإصدارات الأولى من موقع فيسبوك، ولكنَّ زوكربيرغ كان يحظى بقوة اسم جامعة هارفارد، ودعمٍ ماليٍ أكبر. وزُعِم أيضاً أنَّ زوكربيرغ اخترق حواسيب منافسيه ليكشف بيانات بعض المُستخدمين.
وحالياً، بفضل ملياراته العديدة، أنشاً زوكربيرغ مؤسسةً "خيرية"، وما هي في الواقع سوى شركةٍ مُعفاةٍ من الضرائب ذات مسؤوليةٍ محدودة، وهو ما جعل له مُطلق الحرية لمنح تبرعاتٍ سياسية أو بيع ممتلكاته، وكل ذلك دون دفع أي ضرائب.
تسير كل الأمور بشكلٍ جيد بالنسبة للشاب زوكربيرغ، ولم يبق أمامه سوى الترشُّح للرئاسة.
إقرأ: إليك بعض الحقائق المدهشة عن "الدولار" أشهر ورقة بالعالم
وعود الأعمال الخيرية الكاذبة
يتعهَّد العديد من أصحاب الثراء الفاحش بالتبرع بالجزء الأكبر من ثرواتهم لصالح أغراضٍ خيرية. وهذا كرمٌ شديد إذا كانوا يوفون بوعودهم تلك، ولكنَّ ذلك ليس هو الغرض الحقيقي.
صنع جميع المليارديرات الأمريكيين ثرواتهم بفضل البحث، والابتكار، والبنية التحتية التي تُمثِّل أساس تكنولوجياتنا الحديثة. ونسبوا لأنفسهم الفضل في هذه النجاحات النابعة في الأساس من المجتمع وليس من بضعة أشخاص. ولا ينبغي أنَّ يحق لشخصٍ واحدٍ أياً كان تحديد الاستخدام المناسب لهذه الثروة والتصرُّف بها، ولكن ينبغي تخصيص جزءٍ كبير من المكاسب السنوية الخاصة بالثروة الوطنية للتعليم، والإسكان، والأبحاث الصحية، والبنية التحتية. وهذا ما يستحقه الأمريكيون وآبائهم وأجدادهم بعد نصف قرن من العمل الشاق والإنتاجية.
كذلك يمكنكم متابعة أخبار الآن ومن أبرزها: