أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (تليغراف)
بعد العملات الرقمية وتحديدا البيتكوين، يبدو ان العالم سيشهد قريبا ظهور دولة افتراضية هي "ليبرلاند" ولها عملتها الرقمية الخاصة.
في الوقت الراهن، ليبرلاند هي مجرد شاطئ رملي يمتد بطول 7 كم بجانب نهر الدانوب الذي يقع بين كرواتيا وصربيا، و10 كم جنوب الحدود المجرية، لكنَّ مطالبها الإقليمية تعتمد بصورة كبيرة على الجهة الرملية.
وقد تقدم نحو نصف مليون شخص بطلب للحصول على الجنسية في ليبرلاند؛ 5500 منهم من المملكة المتحدة.
في التفاصيل، أنشأ ساتوشي ناكاموتو عملة بيتكوين الرقمية، لإرباك البنوك المركزية، لكنَّ هناك رجلاً لديه خطة أكثر إثارة للجدل للبلوكتشين: بناء دولةٍ قومية.
فقد أنشأ فيت جيدليكا، الخبير الاقتصادي السابق الذي اتجه للسياسة، دولةً افتراضية تعتمد على مِنح العملات الرقمية، وستطلق عملتها الرقمية الخاصة في غضون شهور، وفق ما ذكرت صحيفة تليغراف البريطانية.
واستغل جيدليكا ثغرةً منعت كرواتيا من المطالبة بسيادة المنطقة، لكنَّ ذلك لم يمنع المسؤولين الكروات من اعتقاله بعد محاولته إقامة معسكر هناك.
يقول جيدليكا إنَّ "الوضع في البر الرئيسي بليبرلاند ما زال صعباً، إذ تضطهد الشرطة الكرواتية بصورةٍ غير قانونية جميع الزوار والمستوطنين. نحن ننتظر تبرئةً من المحكمة الدستورية الكرواتية، لكن في الوقت الراهن، انتقلت مستوطنتنا إلى النهر حيث نستضيف الزوار يومياً تقريباً".
دبي تنشء أول شركة تحصل على رخصة للعملات الافتراضية
كيف تحصل على الجنسية في ليبرلاند؟
قد تمثل الجغرافيا إشكالية، لكن بفضل التقنيات الحالية، تعد الأوراق التي تحتاجها للانضمام إلى ليبرلاند بسيطة نسبياً.
تُجرى الأعمال الرسمية عبر البريد الإلكتروني، وتحافظ مكالمات سكايب على التواصل بين ممثلي ليبرلاند الـ100 في دولهم المختلفة.
وتوشك ليبرلاند على إطلاق نظامٍ قانوني يعتمد على البلوكتشين، الذي يعمل من خلال ضمان توقيع المواطنين العقود الرقمية التي تتعرف عليها أجهزة الكمبيوتر وتحفظها، على غرار الطريقة التي تحصي بها الدفاتر الرقمية لعملة بيتكوين رصيدها.
العملة الخاصة بليبرلاند
وستبدأ الدولة بإطلاق عملتها الخاصة، ميريت، في 13 نيسان المقبل، والذي يتزامن مع الذكرى الثالثة للبلاد.
وسيحصل جميع مَن يدفعون الضرائب على وحدات ميريت، مما يمنح المانحين حصة فعلية من البلد.
تقبل الدولة عملات بيتكوين وبيتكوين كاش وإثيريوم لعملياتها المالية والمنح التي تتلقاها (تصل قيمتها إلى "مليارات" الوحدات)، فيما تُوزَّع ميزانية الدولة بين ما يقرب من 12 عملة رقمية.
وحتى لو كان وضع نفسك تحت رحمة أصول شديدة المضاربة والغموض منذراً بكارثة، فإنَّ جيدليكا لم يسمح لهذه الحقيقة بأن تردعه.
ويقول: "عملتُ مُحلِّلاً للأسواق المالية لبضع سنوات من حياتي، وأعطاني هذا فهماً جيداً إلى حد ما للنظام الذي نعيش فيه. اكتشفتُ بيتكوين لأول مرة في عام 2010، لكنَّني أتمنى لو كنتُ أعرتها مزيداً من الاهتمام عندما كانت أقل في القيمة".
ويضيف أنَّه ليس قلقاً بشأن مخزون دولته من العملات الرقمية، لأنَّها ليس عليها أي ديون، وتكاليف تشغيلها منخفضة.
بيل غيتس: الأغنياء مثلي لابد أن يدفعوا ضرائب أكثر بكثير
"عِش ودع غيرك يعيش"
أما شعار ليبرلاند فهو "عِش ودع غيرك يعيش"، لكن الأمر ليس بهذه البساطة بالنسبة لجيدليكا، الذي يقول مازحاً إنَّ منزله الحالي "على متن طائرة".
إنَّه لا يبالغ بالتأكيد، فكان ترتيب مقابلةٍ معه أمراً صعباً للغاية، ومعظمه مدبر عبر تطبيق واتساب.
وتقول الصحيفة، إنها حين تمكنت أخيراً من التحدث معه، كانت قدمه قد وطئت للتو أرض المكسيك، حيث سيجتمع مع ممثلين من أميركا الوسطى والجنوبية، وكان قد قضى في اليوم السابق "بضع ساعات" في السويد، أما غداً، يقول إنَّه سيكون في بولندا.
ويتابع: "نحن نتطلع باستمرار إلى خيارات من شأنها أن تؤدي إلى إقامة دولٍ أخرى مثل ليبرلاند. هناك مرشحون محتملون الآن في إفريقيا وأميركا الوسطى. يمكن لليبرلاند أن تنشأ في أي مكان، لكن كل هذا يتوقف على السكان المحليين".
اعتقال 100 شخص منذ إعلان ليبرلاند
أصبح استرضاء السكان المحليين أحد أكبر التحديات في ليبرلاند، وتلاحق الشرطة الكرواتية حالياً الليبرلانديين الأوائل، الذين اعتُقِلوا بانتظام وأُبعِدوا قسراً عن الشاطئ الرملي، وقد اعتُقِل نحو مئة شخص منذ إعلان ليبرلاند في عام 2015.
ويضيف: "اتُّهمنا بمغادرة كرواتيا ومنطقة شنغن بشكل غير قانوني"، لكنَّ جيدليكا يتابع بهدوء: "هذا تأكيد واقعي أنَّ ليبرلاند ليست جزءاً من كرواتيا".
من بعيد، تبدو خطط جيدليكا، الذي أمضى ثلاث سنوات في محاولة لبناء أمة من الصفر، وفي السفر لجمع ممثلين يشاركونه أهدافه منخفضة الضرائب في مئة دولة مختلفة، وكل ذلك بينما يعتني بزوجته وابنه، محض أوهام، حسب الصحيفة البريطانية.
من الصعب أن نفهم لمَ يكبد نفسه عناء إنشاء دولة، لكن ربما ظنَّ الناس الشيء ذاته بخصوص الشخص الغامض المعروف فقط باسم ساتوشي ناكاموتو، عندما أطلق مخطط بيتكوين خاصته لأول مرة.
وشهد جيدليكا ازدهار بيتكوين بجانب صعود فيسبوك وأمازون وجوجل، ومن المؤكد أنَّ التكنولوجيا التخريبية يمكن أن تؤثر بالقدر ذاته في الحكومات كما أثرت في المؤسسات المالية.
ويتابع جيدليكا: "عملتُ لسنواتٍ عديدة لخفض الضرائب والقوانين في جمهورية التشيك، لكنَّني أدركتُ فجأةً أنَّ إنشاء بلد جديد سيكون أسهل من إصلاح دولة موجودة بالفعل. لقد عانينا 40 عاماً من الأضرار الجسيمة التي لحقت بمجتمعنا في ظل النظام الشيوعي، ولسوء الحظ، فإنَّ عديداً من المسؤولين أنفسهم موجودون في السلطة مرةً أخرى".
ويضيف: "يبدو أنَّ التشيكيين لا يتعلمون من تاريخهم. ونحن نرى بعض هذا الضرر نفسه يحدث في بلدان أوروبية أخرى، حيث تخنق الضرائب والقوانين الازدهار".
أوائل المستثمرين في ليبرلاند
وقد استحوذت ليبرلاند بالتأكيد على اهتمام رجال الأعمال الذين يخشون أن يعيق القانون الأوروبي مشاريعهم، خاصةً روجر فير، وهو من أوائل المستثمرين في بيتكوين.
ويشير جيدليكا إلى أنَّ باتريك شوماخر، الرئيس التنفيذي لشركة زها حديد للهندسة المعمارية، واحد من المؤيدين الرئيسيين، إذ كان قد قدَّم أعماله الفنية كتصميمٍ محتمل لدولة ليبرلاند في المستقبل.
وسافر جيدليكا مؤخراً إلى لندن، حيث وُجِّهت إليه دعوة للحديث في مؤتمر الحزب الليبرتاري، ويدَّعي أنَّ البريطانيين يشكلون أغلبية زوار الكيان السياسي، لكنَّه جذب انتباه "الشباب والمغامرين" بالأخص على حد قوله.
بالنسبة لأولئك الذين يفكرون في خوض هذه المغامرة، يوصي جيدليكا بأن ينتظروا قدوم الربيع.
ويشرح قائلاً: "أوائل الربيع هي أفضل وقت للقدوم إلى ليبرلاند، فحينها تبدأ حياتنا الاجتماعية والثقافية في الازدهار، ويتمكن الليبرلانديون من احتلال القوارب والمراكب الشراعية المتوقفة في مياه ليبرلاند".
ويضيف: "نأمل في أن تكون الأراضي نفسها آمنة الوصول في وقت قريب، لكنَّنا سنظل مستعدين حتى لو استغرق الأمر وقتاً أطول. لدينا أيضاً مجتمع محلي وبنية تحتية على ضفاف الجانب الصربي من النهر يرحبان بالزوار".
واختتم قائلاً: "تهدف ليبرلاند إلى أن تكون نموذجاً أساسياً للتغيير. يمكن للناس أن يحبوها أو يكرهوها أو يتجاهلوها. لا نهتم بذلك، فنحن نفعل ما يناسبنا ببساطة".
للمزيد: