أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (وكالات)
افتـَتح عبيد حميد الطاير وزير دولة الإمارات للشؤون المالية ، أعمال الدورة الرابعة من منتدى المالية العامة في الدول العربية والذي انطلقت أعماله اليوم في إمارة دبي ، بحضور السيدة كريستين لاغارد ، مدير عام صندوق النقد الدولي ومشاركة وزراء المالية في البلدان العربية ومحافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، وعددٍ من رؤساء المؤسسات المالية الإقليمية والدولية.
ويهدف منتدى المالية العامة في الدول العربية، الذي ينظمه صندوق النقد العربي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي ووزارة المالية، إلى “إرساء أسس الإدارة الرشيدة للسياسة المالية في الدول العربية”، ويشكل منصة ً للانطلاق نحو مزيد من التكامل الاقتصادي.
وألقى عبيد حميد الطاير، كلمة افتتاحية رحّب خلالها بالوفود المشاركة في المنتدى من مختلف انحاء المنطقة، كما ألقت كريستين لاغارد، مدير عام صندوق النقد الدولي ومعالي الدكتور عبد الرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي الكلمات الرئيسية للمنتدى.
واستهل الطاير كلمته الافتتاحية بتقديم نظرة سريعة على الأوضاع الاقتصادية والمالية العالمية، منوهاً أن الأشهر القليلة الماضية شهدت مؤشرات على تباطؤ النمو العالمي، صحبتها تقلبات متزايدة في الأسواق المالية وأسعار النفط، بما في ذلك من أثر في زيادة معدلات عدم اليقين بشأن توقعات النمو العالمي، فضلاً عن مخاطر أخرى شملت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والارتباك الحاصل بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق، إضافة إلى تشديد أوضاع المالية العامة، والعوامل الجيوسياسية في المنطقة.
وتناول تعثّر المفاوضات التجارية الأمريكية الصينية، مؤكداً أن الدول العربية شريك تجاري وثيق للجانبين، وأنها حريصة على ألا تتأثر هذه الشراكة نتيجة لهذا الوضع بين الدولتين، حيث أسهمت احتياجات الصين المتنامية من الطاقة، في توثيق الروابط بين الشرق الأوسط والصين، وخصوصا مع مبادرة الحزام والطريق، التي تتضمن إنشاء مجمعات صناعية وموانئ ومناطق اقتصادية جديدة، ونشاطات مرتكزة على الاقتصاد الرقمي، منوهاً أنه في حين أن تلك المبادرة تحمل العديد من الفرص، إلا أنها ستؤثر على تنافسية المواقع الاستراتيجية على طرق التجارة الدولية، ما يستدعي تعزيز التنسيق بين الدول العربية من أجل الاستفادة من هذه المبادرة ولعب دور محوري فيها.
وحذّر الطاير من استمرار بعض الدول في تبني سياسة الحمائية، كونها ستؤدي إلى المزيد من الضغط على التدفقات التجارية العالمية، ومن ثم تراجع العديد من الاقتصادات حول العالم، وقد يؤدي في النهاية إلى التأثير سلباً على الدول المتبنية للنهج الحمائي ذاتها.
وبالنسبة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فقد أوضح وزير الدولة للشؤون المالية، أنه قد يمثل فرصا عديدة بالنسبة للدول العربية، لاسيما شروط الاستثمار، وتحسين المركز التفاوضي التجاري مع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، مؤكدا ضرورة الانتباه إلى تلافي الآثار غير المرغوبة مثل انخفاض الاستثمارات البريطانية في المنطقة العربية، وتدني مستوى السياحة البريطانية والواردات البريطانية من الخارج.
وشدد عبيد حميد الطاير على أهمية امتلاك الدول لقطاع خاص قوي بما له من دور في تعزيز الإنتاجية، والقدرة التنافسية وروح المبادرة، علاوة على الاستثمار في رفع مستوى التعليم والمهارات، ما يستدعي تحفيز هذا القطاع وتفادي مزاحمة القطاع العام له، لتجنب التضخم والترهل في الأجهزة الحكومية، بما يشكله ذلك من ضغط على المالية العامة والاستدامة المالية، وذلك في إطار نظام ضريبي عادل، يتسم بالنزاهة والبساطة، في الوقت الذي يلبي فيه الموارد اللازمة، للوفاء بالالتزامات الاقتصادية والمجتمعية، ولا يؤثر على الشرائح ذات الدخل المحدود.
ولفت إلى ضرورة العمل بالشراكة مع القطاع الخاص، على الاستفادة من القطاعات الغنية لتطوير وتعزيز الاقتصاد، وتحسين الأطر القانونية والمؤسسية والاقتصادية، والقدرات البشرية لضمان الاستخدام الأكثر كفاءة لهذه الموارد.
وتطرق الطاير إلى أهمية الاقتصاد لقدرته على تعزيز الإنتاجية والدخل والرفاه الاجتماعي، وتوفير فرص العمل، مؤكدا أن التحدي القائم أمام الحكومات هو بناء القدرات وتطوير المهارات، لتعزيز النمو والعمالة في الأنشطة الاقتصادية الجديدة، ولجني فوائد التحول إلى الاقتصاد الرقمي، مع مراعاة خصوصية الدول العربية، لتفادي القضاء على قطاعات تجارة الجملة أو التجزئة، الراسخة في التقاليد التجارية للمنطقة، داعيا للعمل على إيجاد تشريعات تحكم دخول منصات التجارة الإلكترونية العالمية لأسواق المنطقة، وتطوير منصات إلكترونيه محلية وإقليمية، لرفع المنافسة وكسر الاحتكار.
قانون اتحادي لحماية البيانات
وخلال كلمته الافتتاحية للدورة الرابعة من منتدى المالية العامة في الدول العربية، تناول عبيد حميد الطاير إلى أهمية البيانات كعصب الاقتصاد الحديث، مشيراً لجهود وزارة المالية الإماراتية في هذا الصدد، مع اقتراب انتهائها من إعداد مشروع قانون اتحادي لحماية البيانات والمعلومات الشخصية في المعاملات المالية، وفقا للمعايير الدولية الحديثة، الأمر الذي من شأنه أن يعزز من اندماج اقتصاد الدولة في الاقتصاد العالمي، ودعم النشاطات المتعلقة بنظم الدفع الإلكتروني والخدمات المالية بمختلف أنواعها، مما يسهل حركة رؤوس الأموال، ويكرس مركز الدولة كمقصد استثماري جاذب.
ووجه وزير الدولة للشؤون المالية الشكر إلى صندوق النقد العربي، ومحافظي البنوك المركزية ووزراء المالية، لجهودهم في إطلاق نظام المقاصة العربية، الذي تم اعتماده في أبريل 2018، بما له من أثر إيجابي على مقاصة وتسوية المدفوعات العربية البينية، كما أعرب عن أمله في خروج المشاركين في الدورة الرابعة لمنتدى المالية العامة في الدول العربية بتوصيات تسهم في استدامة المالية العامة، وضمان العدالة للأجيال القادمة.
وخلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى المالية العامة في الدول العربية، ألقت السيدة كريستين لاغارد، مدير عام صندوق النقد الدولي كلمة تناولت فيها أبرز ملامح المشهد المالي العالمي وأهم التحديات التي تواجهه والفرص التي قد تظهر في خضم تلك التحديات والخطوات الواجب اتخاذها لتفادي التداعيات السلبية للتحولات المتسارعة التي يشهدها العالم من حولنا، مع التطرق لجهود المنطقة في مجال تعزيز الأطر المالية واتخاذ التدابير اللازمة لدعم توجهات التنمية مشيدة في هذا الإطار بجهود عدد من دول المنطقة وفي مقدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة واللمملكة العربية السعودية.
وفي بداية كلمتها، أعربت لاغارد عن سعادتها بالعودة مرة أخرى إلى دبي التي وصفتها بأنها “مدينة تعبر عن الغد” لكونها تسعى لتحقيق رؤية غد أفضل، على ركائز من الثقة في سياسة الحكومة الهادفة لتحقيق الصالح العام وضمان الرخاء المشترك بين الجميع، ويعود بالنفع على المواطنين والمقيمين على حد سواء، والفرص المفتوحة للجميع، دون تفرقة بين الرجال والنساء، وتغليب العدالة.
كما أشادت المدير العام لصندوق النقد الدولي برؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الزوراء حاكم دبي، رعاه الله، وقالت إنها رؤية كبيرة تحفز على التحلي بالشجاعة في المضي في خطط التنمية والتطوير.
وقالت لاغارد إن المنطقة لا تزال تتعافى من الأزمة المالية العالمية وغيرها من الاضطرابات الاقتصادية الكبيرة التي ألمت بالعالم خلال العقد الماضي، وقالت إن البلدان المستوردة للنفط شهدت تحسنا في النمو ولكنه يظل دون المستوى المأمول، حيث ارتفع الدين العام بسرعة من 64% من إجمالي الناتج المحلي في 200، إلى 85% بعد ذلك بعشر سنوات، في حين يتجاوز الدين العام حاليا 90% من إجمالي الناتج المحلي في حوالي نصف هذه البلدان، في حققت الدول المصدرة للنفط تعافيا كاملا من صدمة أسعار النفط الكبيرة التي واجهتها في العام 2014، ولكن النمو لايزال جون التوقعات أيضا، وقالت إنه على الرغم من الإصلاحات الكبيرة على جانبي الانفاق والإيرادات، لا تنخفض عجوزات المالية العامة إلا ببطء، مشيرة إلى أن الدين العام زاد من 13% من إجمالي الناتج المحلي في تلك البلدان في العام 2013، إلى 33% في العام 2018.
وحول النمو العالمي، أوضحت المدير العام لصندوق النقد الدولي أنه في ظل حالة انعدام الثقة السائدة حول توقعات النمو، يتوقع الصندوق أن تصل نسبة النمو العالمي إلى 3.5% هذا العام، بانخفاض قدره 0.2% عن توقعات الصندوق في أكتوبر الماضي.
ونوّهت كريستين لاغارد بضرورة الاهتمام بتدعيم السياسات المالية العامة في المنطقة لتفادي التحديات المحتملة ، وزيادة بناء أسس قوية كركائز لتلك السياسات، ومن أهمها إيجاد أطر مالية عامة سليمة، ممثلة في مجموعة من القوانين والتدابير المؤسسية لتحقيق أهداف السياسة المالية، بما يسمح للحكومات بالتخطيط لميزانياتها على المدى المتوسط بصورة تعكس أهداف واضحة ذات مصداقية، وتفادي التركيز على المدى القصير الذي لا يخدم في دعم السياسات المالية الصلبة والشاملة ويزيد من صعوبة تحقيق النمو المستدام والاحتوائي.
ولفتت المدير العام لصندوق النقد الدولي إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة المملكة العربية السعودية والكويت ومصر وعدد من دول المنطقة تبذل جهودا طيبة في مجال تعزيز أطر ماليتها العامة، منوهة بقيمة تلك الأطر التي تشكل الأساس لإدارة الدين وتسمح بتنسيق أفضل بين سياسة المالية العامة والسياسة النقدية، منوهة بما تقوم به دولة الإمارات في هذا المجال من جهود التطوير ومن بينها إطلاق الدولة هذا العام اختبارها الأول لقياس تحمل الضغوط على المالية العامة، ما سيسهم في تعزيز إطار المالية العامة فيها.
اقرأ أيضاً :