أخبار الآن | الولايات المتحدة – وكالات
تعاني سلاسل التوريد على مستوى العالم من أزمة كبيرة بسبب جائحة “كورونا“، وقد جاء ذلك بسبب قلّة التخطيط ونقص المرونة لدى العديد من طبقات سلاسل التوريد العالمية وعدم كفاية التنويع في استراتيجيات المصادر.
وجاءت الأزمة الحاليّة في سلاسل التوريد بسبب بروز ما يسمى بـ”بؤر التصحر الصناعي” المؤقتة، والتي يجف فيها إنتاج الدولة ككل أو المدينة بشكل كبير بسبب ظروف الإغلاق، إذ تتقيد الحركة ولا تستطيع الحصول فيها إلا على البنود الأساسية كالمواد الغذائية والدوائية. وفي السياق، يتحدث ماتياس هيدوول، الرئيس العام لمجموعة “International Commercial & Trade” التابعة لشركة بيكر ماكنزي عن الآثار الخطيرة على سلاسل التوريد العالمية، مشيراً إلى أنه “من الواضح أن تأثير فترات الإغلاق المطوَّلة لأجزاء من الاقتصاد العالمي يمتد حالياً ليصل إلى سلاسل التوريد، وذلك مع نفاد المخزون الحالي”. وأوضح أنّ “الشركات بحاجة إلى التركيز على كيفية تقليل اضطراب سلسلة التوريد وضبطها بتغيير المشهد سريعاً”.
وتعتبر الصناعة المصدر الرئيسي لسلاسل التوريد العالميّة. ومع هذا، تتوقع مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس” أن “يتعرض التصنيع العالمي للانخفاض بنسبة 5% في الأشهر الـ6 الأولى من هذا العام مقارنة بـ2019، ثم سيتعافى بنسبة كبيرة من هذا التراجع خلال النصف الثاني 2020، وأخيراً سيتجاوز معدلاته في 2019 مع بداية 2021”.
وسيشهد قطاع السيارات أكبر تراجع في الإنتاج عالمياً خلال النصف الأول 2020 بنسبة 13 %، ويأتي من بعده قطاع النسيج متراجعاً 8% ثم الإلكترونيات 7%. ورغم ذلك فإنه بحسب هذا التوقع أيضاً من المرجح أن يحظى قطاع السيارات ومعدات النقل الأخرى موجة التعافي الأسرع، بجانب قطاع النسيج. ويُتوقع لجميع القطاعات الصناعية الأساسية الأربعة، التي تناولها هذا التقرير بالتحليل، أن تبدأ في التعافي خلال النصف الثاني 2020، بحيث يكون التعافي الأقوى في قطاعي السيارات والنسيج اللذين سيشهدان نمواً 10 % و8 % على التوالي، ثم ستشهد جميع القطاعات بعد ذلك على الأقل بعض النمو في ناتجها بالنسبة لمستويات عام 2019 وذلك بحلول 2021.
دروس وخطوات مستقبلية
وإزاء ذلك، فإنّه على الشركات العالميّة أن تستقي من الأزمة الحالية دروساً أساسيّة، وأن تبدأ بإجراء تغييرات أساسية لإعداد سلال التوريد الخاصة بها للصدمات المستقبلية. ويتحتم على الشركات رقمنة أكبر عدد ممكن من العمليات في سلاسل التوريد، ويمكن أن يكون لذلك أثر إيجابي كبير على العمليات.
وأشارت دراسة أجرتها مجموعة بوسطن الاستشارية لعام 2016، إلى أنّ “اعتماد تقنيات سلسلة التوريد الرقمية ساعد الشركات على تحقيق توافر منتج أعلى بنسبة 10% في المتوسط واستجابة أسرع بنسبة 25% لتغيرات السوق مقارنة بالشركات المتخلفة في الرقمنة”.
ووفقاً للخبراء، فإنّه “على الشركات استخدام المعلومات التي تم جمعها من هذه الأدوات الرقمية لبناء فريق إدارة الأزمات”، كما أنه يجب ان تكتسب الشركات أكبر قدر ممكن من الرؤية في تفاصيل سلسلة التوريد الخاصة بها”. ووفقاً للإختصاصيين، فإنّ “انعدام الرؤية يمكن أن يؤدي إلى إحباط قدرة الشركة على التخطيط المسبق وتأخير عملية صنع القرار. وعلى الجانب الآخر، يمكن أن تساعد الرؤية الأفضل فرق إدارة المخاطر على توقع المزيد من الازمات بشكل أكثر فعالية”. كذلك، فإنه يجب على الشركات تحديد جميع العُقَد في سلسلة التوريد الخاصة بها، كما يجب بذل الجهود لتحديد النقاط في السلسلة التي لا يعرفون عنها الكثير.
ومع هذا، يجب على الشركات أن تكون نشطة وسريعة التحرك وجاهزة للتعامل مع قيود التشغيل وقيود العمالة وقيود الطلب والعرض، وإعادة تناول أمور التخطيط الاستراتيجي والضريبي وإعادة النظر في نماذج الأعمال بعد “كورونا”. ويعني ذلك، هيكلة سلاسل التوريد الخاصة بها وتكثيف التحولات الرقمية، والتي يمكن أن تؤدي إلى التزام أقوى بأهداف الاستدامة إلى جانب بناء شركات مرنة.
ووفقاً لتقرير أصدرته مؤسستا “بيكر ماكنزي” و “أكسفورد إيكونوميكس”، فإنّ “القطاعات الصناعية التي تلقت الضربة الأشد حول العالم ستكون هي أول من يتعافى أيضاً خلال النصف الأول 2021، حيث سيشهد الطلب المكبوت انفراجة تحرُّر مدفوعة بتحسن الشعور العام، وسيرتفع مستوى الإنتاج بشكل كبير لتعويض الإنتاج الفائت خلال الفترة السابقة”.
مصدر الصورة: getty
للمزيد:
إجمالي الناتج المحلي البريطاني سينخفض بنسبة 13% في 2020