أخبار الآن | الولايات المتحدة – al-ain
ضربت جائحة فيروس “كورونا” المستجد قطاع السياحة حول العالم، الذي يعدّ من أبرز القطاعات المُساهمة في الاقتصاد العالمي.
وشكّل النشاط السياحي 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال العام 2019، إذ قدّم ما يصل إلى نحو 9 تريليون دولار. ويجعل هذا الرقم مساهمة السياحة في الناتج العالمي، أكثر 3 مرّات تقريباً من مشاركة قطاع الزراعة، رغم نقاط الضعف الكثيرة التي تعتري هذا النشاط، وعلى رأسها أن سلسلة القيمة السياحية التي تضم موردين ووسطاء مجزأة، وتفتقر إلى التنسيق الكافي بين الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل عصب القطاع.
وإزاء ما حصل جراء “كورونا”، فإن المساعي قائمة لإعادة النهوض بالقطاع السياحي. وفي هذا الإطار، طرحت مجلّة “هارفارد بيزنس” العالميّة رؤية أكّدت فيها على ضرورة معالجة غياب التنسيق أولاً.
وتقوم الرؤية على 4 عناصر رئيسية يمكن أن تتبانها الحكومة في إعادة تصور دورها بقطاع السياحة من أجل استعادة التشغيل وإدارة تعافي القطاع بطريقة آمنة، وهي على النحو التالي:
1- تبسيط الواجهات البينية بين القطاعين العام والخاص
كان التنسيق بين القطاعين العام والخاص في مجال السياحة معقداً قبل أزمة “كورونا”. فعند النظر إلى النظام البريطاني على سبيل المثال، نجد أن السياحة تندرج تحت إدارتين، هما إدارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية، والإدارة الرقمية للثقافة والإعلام والرياضة.
ويخلق هذا النموج هياكل تنسيق مُعقدّة في التفاعل مع الوكالات الحكومية والخاصة. ولذلك، هناك حاجة لتركيز القيادة في مركز إدارة يجمع بين الجهات الفاعلة العامة والخاصة في فرق تعمل على معالجة 5 قضايا، هي حماية العمل والسياحة، وإدارة المعونات المالية للقطاع، والتواصل وتعزيز الطلب، وإعادة تشغيل القطاع، وتأسيس مركز رئيسي لإدارة النشاط.
2- طرح آليات تمويل جديدة
كشف تحليل “هارفارد بيزنس ريفيو” للعديد من الاقتصاديات أنه تم توجيه حزمة حوافز لنشاط السياحة بحوالى 100 مليار دولار بشكل مباشر، وقرابة 300 مليار دولار ضمت حزم مشتركة بين القطاعات ذات البصمة السياحية الكبيرة.
وسيستغرق التعافي بين 4 إلى 7 سنوات حتى يعود الطلب على السياحة إلى مستويات عام 2019، الأمر الذي يتطلب تغيير الأسلوب المتبع في تمويل السياحة حتى تستطيع الشركات الاستمرار، بالتوازي مع تخفيف العبء على الحكومات التي ربما لن تتمكن من تحمله على مدار عدة سنوات.
ومن بين الحلول المطروحة الاعتماد على صناديق الأسهم المدعومة حكومياً لتوظيف رأس المال في ضمان مواصلة الشركات السياحية الصغيرة والمتوسطة أعمالها.
3- ضمان شفافية التواصل والتنسيق بشأن البرتوكولات
من أجل أنّ تستعيد السياحة مستويات الطلب السابقة، فإن المسافرين والموظفين يجب أن يشعروا بالأمان بالدرجة الأولى، لكن هذا لم يتحقق بشكل كافٍ حتى الآن. ويمكن تحليل أحد الأسباب وهو أن مؤسسات دولية مثل الاتحاد الدولي للنقل الجوي، والمجلس العالمي للسفر والسياحة قد وضعت حزمة إرشادات كمرجعية يتم الاستناد إليها، إلا أن جهات التنظيم المحلية وضعت هي الأخرى تدابير، ما أسفر عن مستويات منخفضة من التنسيق بين القوانين والإرشادات التي تفرضها الحكومات المحلية.
وإنطلاقاً من ذلك، فإنّ التواصل والتنسيق يعتبرُ الحل الرئيسي لتعزيز الطلب، ويمكن الاستفادة من تجربة أوروبا التي اتسمت بالتواصل السريع والشفاف بين الوكالات العامة، خصوصاً في ما يتعلق بإلغاء حظر وفيود السفر، الأمر الذي أدى إلى زيادة عمليات البحث والحجوزات.
4- تمكين التحول الرقمي
فرضت أزمة “كورونا” الكثير من التحولات الجذرية في مختلف المجالات خصوصاً السياحة. وفي ظلّ ذلك، فإنه لا يمكن الاعتماد على نماذج التنبؤ بالطلب التي تم استخدامها العام الماضي، لاسيما مع حالة الغموض التي تكتنف مستقبل الاقتصاد ومدة التعافي.
ومن أجل ذلك، يجب الاستفادة من البيانات الرقمية المتاحة في التحليل لبناء نماذج التنبؤ. فعلى سبيل المثال شهد العام الماضي استخدام أكثر من 40% من المسافرين الأمريكيين الأجهزة المحمولة لحجز رحلات السفر، وكان ما يصل إلى 60% من حجوزات السفر في أوروبا والولايات المتحدة رقمية.