أخبار الآن | (خاص)
خلف تفشي فيروس كورونا منذ انتشاره أواخر سبتمبر 2019، هبوطاً اقتصادياً حاداً كان له آثاره وخاصة على مستوى النمو والناتج المحلي لكل دولة حول العالم، وهو الأمر الذي أكده تقرير صندوق النقد الدولي الذي صدر مطلع هذا الأسبوع حول آفاق الاقتصاد العالمي، وذُكر فيه أن “الناتج العالمي سينكمش بنسبة 4.4 في المائة هذا العام مع انتعاش بطيء وغير منتظم في عام 2021”.
ورغم التداعيات السيئة التي خلفتها الجائحة على الاقتصاد، إلا أن رئيس مجلس إدارة شركة إعمار العقارية، محمد العبار، توقع أن يشهد الاقتصاد العالمي تحسناً ولو كان بطيئاً على قاعدة ما يعرف في علوم الاقتصاد بالنمو على شكل حرف “U”، (أي ركود يستمر لمدّة عام أو أكثر) ليكون في وضع أفضل بحلول يونيو/حزيران من العام المقبل.
المرجح أن نكون بصدد تعاف من نوع U مع سيناريو أبطأ من المعتاد بسبب حالة الركود
سبق تعليقات العبار، تصريحات لـ”ديفيد بلوم” رئيس استراتيجية الصرف الأجنبي العالمية في بنك “HSBC”، والذي قال: “من المرجح أن نكون بصدد تعاف من نوع U مع سيناريو أبطأ من المعتاد بسبب حالة الركود.. من المتوقع أن يكون الأسوأ منذ الكساد الكبير بسبب تفشي الوباء بعد تعطل سلاسل التوريد وتوقفت صناعة السفر، وتنفيذ البلدان عمليات إغلاق لاحتواء فيروس كورونا”.
وضمن السياق السابق، توقع أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية، البروفيسور جاسم عجاقة، أن عجلة النمو تحتاج إلى وقت حتى تعود إلى وتيرة دورانها الاعتيادية. وقال في مقابلة مع أخبار الآن: “نحتاج إلى وقت حتى يستطيع الاقتصاد العالمي العودة إلى النمو والتعافي بشكل جيد، ويمكن القول بأن جائحة كورونا التي شلت الماكينة الاقتصادية العالمية، إضافة إلى تفاقم الصراعات التجارية الدولية، شكلا أهم الأسباب في تأخر النمو الاقتصادي وأنا اتفق مع السيد محمد العبار رئيس مجلس إدارة شركة إعمار العقارية حول توقعاته بتحسن النمو العالمي بشكل بطيئ أي وفق مفهوم حرف U”.
مسؤولية الصين في تأخر النمو الاقتصادي العالمي
وعن مسؤولية الصين في تأخر النمو الاقتصادي العالمي، اعتبر الخبير الاقتصادي أن بكين تتحمل مسؤولية كبيرة في التدهور الاقتصادي الذي يشهده العالم في الوقت الراهن، وقال: “الصين تتحمل المسؤولية من ناحية التجارة العالمية، ومن المعروف أن صندوق النقد الدولي ومنذ أكثر من 10 سنوات يطالب الصين بضرورة تطوير سوقها الداخلية التي تضم أكثر من مليار ونصف المليار نسمة كثير منهم يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم، إضافة إلى وجود مناطق داخل الصين لا تصلها خدمة الكهرباء كل ذلك بسبب إهمال الصين لتلك السوق والتوجه نحو السوق الخارجية متبعة نهجاً عدائياً في المنافسة التجارية عبر استخدامها سياسة تقليد المنتج الأصلي الذي يصدر من البلد الأم دون مراعاة انعكاسات ذلك على المنتجات الصينية التي تحتاجها السوق الداخلية”.
وأوضح: “ما سبق يشكل خطرا على الصعيد المحلي لأي دولة، لأن هناك منافسة شديدة من قبل المنتجات الصينية التي تقلد المنتج الأصلي، إضافة إلى أن أي مشكلة قد تواجه الصين فإن انعكاساتها سترتد على الاقتصاد العالمي”.
عجاقة اعتبر أن إهمال بكين تطوير سوقها الداخلية كان له أثر على كثير من اقتصادات العالم، وقال: “الصين لم تقم بتطوير سوقها الداخلية كما يجب، ولو أن النظام الصيني فسح المجال لدخول المنتجات العالمية إلى البلاد، لكان ذلك مشجعاً للدول المنتجة التي ستجد بدون أدنى شك سوقا ضخمة تضم أكثر من مليار ونصف المليار شخص، إلا أن الاستراتيجية المتبعة من قبل النظام الصيني، هي استراتيجية نحو الخارج وهي استراتيجية خطيرة للغاية”.
وأردف: “اليوم نحن نرى أن الصين تسببت بمشاكل كبيرة للغاية لاقتصادات دول أخرى لأن أساس الناتج المحلي الإجمالي لبكين يعتمد بشكل أساسي على التصدير وهذا الأمر باعتقادنا أنه يمثل تموضعاً خاطئاً وفق المفاهيم الاقتصادية، فالصين كما ذكرنا سابقا تتحمل مسؤولية عدم تطوير سوقها الداخلي، وهو أمر يشكل في الأساس واجبا وطنياً على عاتق النظام الصيني، كما أنه من الواجب على بكين تجاه العالم أن تنبذ الاستراتيجية الاقتصادية المبنية على العداء”.
وعن الأضرار التي أحدثتها سياسة الصين الاقتصادية قال عجاقة: “نحن نعتقد أن الصين بطريقة دخولها إلى الأسواق العالمية، قد أضرت بكثير من الاقتصادات حول العالم، وشاهدنا ردود أفعال من بعض دول العالم حول تلك السياسة عبر تخفيض عجز الميزان التجاري مع ذلك البلد، وهو أمر سيكون له تداعياته، لأنه وفق علوم الاقتصاد كلما كان هناك تبادل تجاري عالمي واسع النطاق كلما زاد الناتج المحلي الإجمالي العالمي وهو الأمر الذي حادت عنه الصين بعدم السماح لدول أخرى أن تأخذ فرصتها في المنافسة الاقتصادية العالمية. وفي النتيجة أنا أرى أن الصين بشكل عام تتحمل مسؤولية تباطؤ النمو الاقتصادي في العالم“.