الليرة اللبنانية تتدهور أمام الدولار.. الشارع ينتفض والمشهد قاتم
على وقع التحركات الشعبية التي تشهدها معظم المناطق اللبنانية بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية التي باتت صعبة جداً، يواصل سعر صرف الليرة أمام الدولار ارتفاعه “الجُنوني” في السوق السوداء، حيث وصل اليوم إلى 10700 ليرة، علماً أن السعر الرسمي لدى المصرف المركزي يتحدّد بـ1515 ليرة.
وفعلياً، فإن هذا التدهور الكبير للعملة الوطنية أدى في المقابل إلى ارتفاع أسعار السلع بشكل هائل، وهو الأمر الذي أسس لمخاوف أكبر لدى المواطنين الذين يرون أن المشهد بات قاتماً.
أسباب ارتفاع سعر الدولار في لبنان
وفي حديث لـ”أخبار الآن“، يشرح الخبير الاقتصادي اللبناني البروفيسور باتريك مارديني أسباب تدهور الليرة أمام الدولار، ليؤكد أنه “طالما لم يكن هناك أي إصلاح، فإن الليرة ستفقد قيمتها أكثر”.
ويضيف: “السبب الأول لارتفاع سعر صرف الليرة أمام الدولار هو أن نفقات الحكومة اللبنانية أكبر من إيراداتها، وهي تقوم بتغطية الفرق من خلال طباعة الليرة، وهذا الأمر نسميه تسييلاً لخدمة الدين العام. أمام السبب الثاني فهو أنّ المواطن اللبناني فقد ثقته بالليرة. ولهذا، إذا كانت بحوزة الشخص عملة الليرة، فإنه سيبادر إلى شراء ما تيسر من سلع، أو سيقوم بشراء الدولار. وفي ما خص السبب الثالث، فإنّه في لبنان لدينا نمو سلبي، كما أن كمية الليرة تزداد بوتيرة أكبر بسبب قيام المصرف المركزي بطباعة العملة بشكل هائل، وهذا الأمر يجعل الدولار يرتفع بشكل كبير”.
ويتابع: “كذلك، فإن ارتفاع سعر الدولار يرتبط بمدى طباعة الليرة. ما يحصل أن هناك كمية هائلة من الليرة والناس تأخذها وتقوم بتحويلها إلى دولار. وفي حال قمت بوقف الطباعة، فإنه لن يعود هناك إمكانية لأخذ ليرة وتحويلها إلى العملة الصعبة. فأمر التحكم بالسوق السوداء يرتبط بمدى طباعة الليرة، وهو أمر يجب أن يتوقف بسرعة”.
ويقول مارديني: “الثقة بالليرة باتت معدومة، والهروب منها يساهم في ارتفاع سعر الدولار. كذلك، فإنّ المستثمر لا يمكن أن يأتي ويضع ماله في لبنان بينما لا يوجد سعر صرف محدد ومضمون”.
وخلال الأسبوعين الماضيين، شهد سعر صرف الليرة أمام الدولار قفزة كبيرة، وهو أمرٌ تسارع مؤخراً، وباتت السوق السوداء للدولار هي التي تتحكم بكل شيء في وقتٍ تغيب فيه الرقابة والآليات الفعالة للجم هذا التدهور القائم.
وفي هذا الإطار، يقول مارديني لـ”أخبار الآن” أن ما جعل وتيرة تدهور سعر الصرف تزداد بشكل كبير في الآونة الأخيرة هو أنه جرى الطلب من المصارف أن تزيد رأسمالها، والأهم هو أنه تم الطلب منها زيادة ودائعها لدى المصارف المُراسلة، وهذا الأمر مرتبط بما يسمى بالفريش دولار أو الدولارات الطازجة. ولهذا، اضطرت بعض المصارف لجمع الدولار من الصرافين، وهذا الأمر سرع في وتيرة صعود سعر الدولار بشكل كبير”.
ويشير مارديني إلى أنّه “لا يرى أن هناك تحريراً للودائع من الدولار إلى الليرة، لأن ذلك سيخلق تضخماً، وفي حال حصل ذلك، فإن سعر الدولار سيرتفع بشكل أكبر”، ويردف: “إن حل مشكلة الودائع لا يكون عبر تحريرها بل عبر هيكلة الدين العام، لأن أموال المودعين مع الدولة. ومع هذا، فإن اعادة هيكلة المصارف واطلاق النمو في البلد هي أمور ضرورية جداً، ويجب تشكيل حكومة اصلاحات بأسرع وقت ممكن”.
الغلاء الفاحش.. يعيد لبنان إلى عصر “المقايضة”
باتت المقايضة عبر “الإنترنت” ملاذا لبعض اللبنانيين، بعد أن تسبب الانهيار المالي بارتفاع الأسعار بشكل حاد هذا العام.