بلومبرغ: العملة المرنة في مصر لا تزال ضعيفة للغاية
- الجنيه المصري كان مرشحًا للانخفاض أكثر بنسبة 2% هذا الشهر
- الجنيه سيظل تحت الضغط حتى يكون هناك المزيد من التدفقات الدولارية
في 27 أكتوبر الماضي، أعلن البنك المركزي رفع الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، ووجه بتحرير سعر صرف الجنيه المصري بشكل كامل حسب العرض والطلب، وهو ما يسمى محليًا بـ “التعويم الكامل للجنيه”.
هذا التعويم الذي جاء بسبب الأزمة الاقتصادية التي خلفها الغزو الروسي لأوكرانيا على الدول الناشئة، رفع سعر الدولار من حوالي 19.6 جنيه إلى 22.7 جنيه في نفس يوم التعويم، وتجاوز في الأيام التالية حاجز 24.5 جنيه.
تقول بلومبرغ، إن العملة المرنة في مصر لا تزال ضعيفة للغاية، بالنسبة للسوق الذي يستعد لمزيد من الاضطراب في المستقبل.
أزمة العام المقبل
من بين الدول النامية، تعد مصر الاقتصاد الأكثر عرضة لأزمة العملة على مدار الـ 12 شهرًا القادمة، وفقًا لمقياس Nomura Holdings.
يتوع بنك HSBC Holdings، الذي توقع سابقًا أن يستقر الجنيه حول 24 لكل دولار، أن يتحرك الجنيه الآن نحو 26، مما يعني انخفاضًا بنسبة 5.5 ٪ تقريبًا عن المستويات الحالية.
قال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في مجموعة جولدمان ساكس في لندن: “هناك الكثير من الالتباس الآن حول ما إذا كنا نتمتع بنظام مرن حقًا”. “لم يتم اختبار ما إذا كان الجنيه سيكون أكثر مرونة في مواجهة الصدمات الخارجية في المستقبل”.
تقول بلومبرغ إن الجنيه المصري كان مرشحًا للانخفاض أكثر بنسبة 2% هذا الشهر، لولا أن ضعف الدولار على مستوى العالم ساعد في قفز عملات الأسواق الناشئة بنسبة 3% في نوفمبر.
وتوقع سايمون ويليامز، كبير الاقتصاديين في HSBC Holdings: أنه “إذا استمر الوضع الراهن، فإن احتمالية حدوث تحول هبوطي أعمق في قيمة الجنيه سترتفع”.
في السوق الخارجية، صعد تجار المشتقات رهاناتهم على أن الجنيه سوف ينخفض أكثر من 13٪ في الأشهر الـ 12 المقبلة، أي أنه قد يلامس حاجز الـ 28 جنيه مقابل الدولار الواحد.
قالت كارلا سليم، الخبيرة الاقتصادية في ستاندرد تشارترد بي إل سي، إن الجنيه سيظل تحت الضغط حتى يكون هناك المزيد من التدفقات الدولارية من الخارج.
حلول البنك المركزي
في الأيام الأخيرة، ناقش حسن عبدالله محافظ البنك المركزي، عدة مقترحات تتعلق بزيادة حصيلة البنوك الدولارية في الفترة المقبلة خلال اجتماعًا عقده مع رؤساء البنوك العاملة في السوق.
تناولت المناقشات كيفية جذب الشركات السياحية لوضع حصيلتها الدولارية في البنوك، مشيرة إلى أنه في الفترة الماضية وبتعليمات من محافظ المركزي السابق طارق عامر كان يتم تمويل شركات السياحة بالجنيه المصري ودفع ذلك الشركات لعدم إيداع حصيلتها الدولارية في البنوك.
كما ناقش البنك المركزي مع البنوك إمكانية منح شركات السياحة تمويلات بالعملة الأجنبية حتى يمكن تشجيعها على إيداع حصيلتها بالعملات الأجنبية بالبنوك.
وتطرق الاجتماع إلى إمكانية وجود مرونة من البنوك في قبول الإيداعات الدولارية، حيث هناك إجراءات صعبة تلزم بها البنوك المودعين، ودراسة إصدار شهادات ادخارية للمصريين في الخارج.
حلول الحكومة
جاء الاجتماع السابق بعد يوم واحد من اجتماع محافظ البنك المركزي، مع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، وتم خلال الاجتماع التأكيد على استمرار التنسيق بين الحكومة والبنك المركزي فيما يتعلق بإتاحة الموارد الدولارية اللازمة لتدبير السلع الأساسية، وكذا مستلزمات الإنتاج المطلوبة للقطاع الصناعي.
وشهد الاجتماع التأكيد على أن ملف زيادة الاحتياطيات من النقد الأجنبي يحتل أولوية قصوى لدى كل من الحكومة والبنك المركزي، وفي هذا السياق يجري العمل خلال الفترة الحالية عبر تكثيف الجهود المشتركة لتنمية الموارد الدولارية من خلال جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلى جانب تحفيز القطاع السياحي، فضلا عن المبادرة الخاصة بسيارات المصريين العاملين في الخارج، وغيرها.
محطة ديسمبر
يقول جوردون باورز، المحلل في شركة Columbia Threadneedle للاستثمارات بلندن، إنه في الوقت الحالي، من المقرر أن تسمح مصر بـ “بعض الانخفاض السريع في قيمة العملة” قبل الموافقة المتوقعة الشهر المقبل على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، والذي يفضل سعر صرف أكثر مرونة كشرط للدعم المالي.
يعتزم البنك المركزي بحلول نهاية ديسمبر إلغاء شرط حصول المستوردين على خطابات اعتماد لشراء بعض السلع في الخارج. تحتاج البلاد أيضًا إلى تصفية الطلبات المتراكمة – المقدرة بأكثر من 5 مليارات دولار – من المستوردين والشركات للوصول إلى العملة الصعبة، وهي خطوة أخرى يمكن أن تزيد الضغط على الجنيه.
قال باورز: “يبدو أن السلطات تريد إدارة عملية المقاصة هذه، وبمجرد وصول الأعمال المتراكمة إلى مستويات يمكن إدارتها، يمكننا أن نرى المزيد من المرونة”. “ولكن حتى ذلك الحين، أعتقد أنه من السابق لأوانه التعرف على مدى مرونة نظام سعر الصرف الجديد حقًا”.
لكن قد تؤدي المخاوف بشأن التضخم والاستقرار الاجتماعي إلى وضع قيود على السياسة النقدية حتى لا يصاب المصريين بصدمة أسعار جديدة.