ارتفاع الدولار يؤثر على قطاعات الإنتاج في مصر
ارتفاعات متتالية للدولار أمام الجنيه في مصر، ومحاولات من البنك المركزي المصري لمناورة السوق السوداء التي تنامى التداول بها مع انخفاض الجنيه أمام الدولار بعد انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية.
الدكتور وائل النحاس، المستشار الاقتصادي وخبير أسواق المال، صرح سابقًا لـ”أخبار الآن” أن التذبذب اليومي في سعر الصرف جزء من مناورة البنك المركزي لاحتواء السوق السوداء في مصر، واصفًا بالقرار بأنه ضروري وجاء متأخرًا.
فما تأثير ارتفاعات الدولار على القطاعات الإنتاجية في مصر؟ وهل تحركات البنك المركزي كافية لحل الأزمة؟
عاملان أساسيان
يقول الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية لتكنولوجيا العلوم والنقل البحري، إن قطاعات الإنتاج في مصر تتأثر بعاملين أساسيين: ارتفاع الدولار وما ترتبط عليه من ارتفاع تكلفة الإنتاج ومستلزمات الإنتاج، مما ينعكس على أسعار السلع النهائية.
ويضيف الإدريسي، في تصريح خاص لـ”أخبار الآن”، إن العامل الثاني هو ارتفاع أسعار الفائدة والتي رفعتها مصر خلال العام الماضي لأكثر من 8%، مما زاد من تكلفة الإقتراض بالنسبة لقطاع المنتجين.
ويوضح الإدريسي أن هناك عدة تحديات أخرى متمثلة في تكلفة الحصول على الطاقة، ومشاكل الإجراءات الخاصة بالاستيراد، والتي بدأ البنك المركزي في حلها الآن.
يقول الإدريسي: “لا نستطيع أن نقول أننا قمنا بحل جميع المشاكل، فما زالت لدى قطاع الزراعة أزمة في العلف، ولدى الصناعة أزمة في مستلزمات الإنتاج والآلات والمعدات المستوردة”.
أزمة البيع الآجل
ومن جانبه يقول محمد محمود، مستثمر عقاري، إن زيادة تكاليف مواد البناء خلقت أزمة كبيرة في سوق العقارات، وخصوصًا أن السوق يعتمد في جزء كبير من مبيعاته على البيع بالتقسيط.
ويضيف محمود، في تصريح خاص لـ”أخبار الآن”، إنه بسبب زيادة تكاليف مواد البناء بشكل شبه يومي مُني المستثمرون العقاريون بخسائر كبيرة، لأنه طالما هناك عقد موضح به المبلغ الذي دفع مقدمًا وقيمة الأقساط المتبقية فلا يجوز زيادة الأسعار على المستهلك.
ووصف محمود هذه الفترة بأنها “فترة خسائر” لكل من المستثمرين العقاريين، ولذلك يحاولوا الانتهاء سريعًا من المشروعات القائمة حتى لا تزيد عليهم التكلفة، لكنهم في الوقت نفسه لا يشرعون في مشروعات جديدة انتظارًا لثبات الأسعار.
أزمات أخرى
يعلق الإدريسي على محمود، ويوضح أن الطلب على العقارت تراجع مع طرح الشهادات ذات العائد 25%، لأن مكسبها أكثر ضمانًا من الاستثمار في سوق العقارات في هذه المرحلة.
ويؤكد زيادة تكاليف الإنتاج في قطاع العقارات، حيث تجاوز سعر طن الحديد 30 ألف جنيه لأول مرة في تاريخه، وكذلك زادت أسعار الأسمنت وتكاليف الطاقة وأجور العمالة.
ويوضح الإدريسي أن هناك تحديات كثيرة تواجه المستثمرين، والدولة تحاول حلها على مدار الوقت، لكنها لن تنتهي في يوم وليلة.
وطالب الإدريسي بزيادة التسهيلات المقدمة للمستثمرين من خلال تخفيض تكاليف الطاقة وحل مشاكل الاستيراد وخصوصًا لمستلزمات الإنتاج.
كما طالب بإقامة حوار موسع مع المستثمرين في جميع القطاعات للاستماع لمشاكلهم وحلها من قبل الدولة، لتسهيل أعمال الاستثمار حتى لا يتحول السوق لسوق احتكاري تتحكم فيه بعض الشركات فقط نتيجة قدرتها على العمل خلال الأزمة الحالية.
توقعات صندوق النقد
يذكر أن صندوق النقد الدولي خفض توقعاته لنمو الاقتصاد المصري إلى 4% في العام المالي الجاري بدلاً من توقعاته السابقة في أكتوبر الماضي المقدرة بـ 4.4%.
واستبعد الصندوق، إنحسار ذروة التضخم في مصر قبل عامين من الآن، متوقعاً تراجع معدلات التضخم إلى 7% في العام المالي 2024 – 2025، بحسب إيڤانا هولر رئيس بعثة مصر في الصندوق خلال مؤتمر صحفي إفتراضي عقد يوم 10 يناير.
وقدر الفجوة التمويلية في مصر خلال السنوات الأربعة المقبلة، بنحو 17 مليار دولار، متوقعة أن يسهم تمويل الصندوق في دعم الجهود لسد هذه الفجوة.
ورجّح الصندوق ارتفاع صادرات مصر من البترول والغاز بنسبة 30.6% في العام المالي الحالي إلى 23.5 مليار دولار، في المقابل توقع الصندوق زيادة فاتورة دعم الوقود العام المالي الحالي 62% لتبلغ 97 مليار جنيه.
وأبدى الصندوق ثقته في قدرة مصر على سداد ديونها المستحقة له، متوقعاً انخفاضها إلى 7% من الاحتياطيات الأجنبية بنهاية البرنامج، بعدما زادت إلى 60.7% في 2021/ 2022. كما رجح الصندوق ارتفاع صافي احتياطيات النقد الأجنبي إلى 41.5 مليار دولار بنهاية برنامج الإصلاح الذي يدعمه.