لبنان يقرر تسعير السلع بالدولار
أعلنت حكومة تصريف الأعمال في لبنان، السماح بتسعير بضائع محلات البقالة والسوبر ماركت بالدولار، مع اعتماد سعر الصرف الرائح في الأسواق.
واستثنت الحكومة تسعير الدخان والخبز بالدولار، وأكدت أنه يمكن للمستهلك أن يدفع بالليرة اللبنانية حسب السعر المعتمد في السوبر ماركت.
“أخبار الآن” تواصلت مع عدد من الخبراء الاقتصاديين لتفسير طبيعة القرار اللبناني وتأثيره على المواطنين.
الهدف: وفرة السلع
قال الدكتور وائل النحاس المستشار الاقتصادي وخبير أسواق المال، إن هذا القرار خطوة لوقف الدولرة واختفاء السلع من السوق، فبدلاً من وجود سوق سوداء للسلع وحدوث مضاربة على السلع بسبب الدولار، فسيكون الدولار مرجع لقيمة السلع.
واعتبر النحاس، في تصريح خاص لـ”أخبار الآن” أن هذا القرار يعطي نوع من الهدوء للسوق اللبناني، ويجعل كل من لديه سلع مكتنزة يخرجها للبيع طالما أن سعرها سيتحدد بالدولار، فانخفاضات الليرة المتتالية جعلت الكثير من التجار يمتنعون عن البيع والشراء، كما يدفع القرار مكتنزي الدولار لإخراجها للبيع والشراء.
وأكد النحاس أنه سيحدث تضخم في أسعار السلع لكنه ليس كبيرًا، لأن السوق اللبناني منذ فترة وهو يقبل البيع والشراء بالدولار، والعديد من المتاجر كانت تسعر السلع بالدولار والليرة، حتى قبل قرار الحكومة.
ووصف النحاس القرار بأنه خطوة لتحويل الاقتصاد غير الرسمي لاقتصاد رسمي، وأن تأثيرها الإيجابي سيكون وفرة السلع في الأسواق، مرجحًا أن يتم تعديل القرار بعد احتواء الأزمة.
قرار ذو وجهين
ومن جانبها قالت الدكتورة هدى الملاح، مدير المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، إن القرار قد يكون له أسباب سياسية أو اقتصادية.
وأضافت الملاح، في تصريح خاص لـ”أخبار الآن”، أن الشق السياسي قد يكون إرضاء لصندوق النقد الدولي، الذي حاول لبنان الحصول على قرض منه لتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد، الذي تأثر بشكل كبير خلال السنوات الماضية.
وبخصوص الجانب الاقتصادي، قالت الملاح: قد يكون الغرض تسهيل المعاملات التجارية بين التجار، ووضع معيار ثابت لسعر السلع، بدلاً من التذبذب في سعر صرف الليرة، وأن يكون الغرض أيضًا خلق وفرة للدولار في الأسواق.
واعتبرت الملاح أن القرار له إيجابياته وسلبياته، ومن إيجابياته أنه ترك الباب مفتوح للشراء بالليرة أو الدولار، ولم يلزم المواطنين بالشراء بالدولار فقط.
آلية التسعير
أكد وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية أمين سلام، أنه “لا يمكن أن نعول على سعر منصة معينة ولن يتم تسعير الدخان اللبناني والخبز بالدولار، ويمكن للمستهلك أن يدفع بالليرة اللبنانية حسب السعر المعتمد في السوبر ماركت”.
وذكر في مؤتمر صحافي في مكتبه بالوزراة، “قررنا السماح بتسعير بضائع السوبرماركت بالدولار واعتماد سعر الصرف الرائج في السوق، والهدف ليس الدولرة ولكن حماية المستهلك، وأعطينا مهلة حتى الأربعاء المقبل لتطبيق الآلية الجديدة لضبط الأسعار”.
جاء ذلك بعد بحث رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الخميس، الأوضاع النقدية وملف المحروقات، مع عدد من وزراء ومسؤولي البلاد، في اجتماعين منفصلين.
في الاجتماع الأول، تم بحث الحلول المطلوبة من أجل معالجة الأوضاع النقدية في البلاد في ظل الانهيارات المتتالية والمستمرة لسعر صرف العملة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي، بحضور وزيري المالية يوسف خليل والاقتصاد والتجارة أمين سلام، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووفد من المجلس المركزي للمصرف وعدد من المسئولين.
وتم الاتفاق على إبقاء الاجتماعات مفتوحة، وذلك بعدما تجاوز سعر صرف العملة اللبنانية في السوق غير الرسمية حاجز الـ 80 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد في أكبر انهيارات متتالية للعملة المحلية منذ بداية الأزمة المالية والاقتصادية قبل نحو 3 سنوات، حيث ارتفع سعر صرف الدولار بأكثر من 20 ألف ليرة لبنانية خلال قرابة 10 أيام فقط، وهو ما ينعكس على أسعار جميع السلع والخدمات التي يتم تسعيرها وفقا لسعر صرف السوق.
وفي الاجتماع الآخر الذي ترأسه رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، تم بحث ملف المحروقات، بحضور وزير الاقتصاد والتجارة ووزير الطاقة والمياه وليد فياض وممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا وأمين سر نقابة المحطات حسن جعفر ورئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس.
مطالبات بالدولرة
يأتي ذلك في وقت يطالب فيه أصحاب محطات الوقود بتسعير المشتقات البترولية بالدولار الأمريكي في ظل الانهيارات المتتالية في سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار.
وكانت وزارة الطاقة قد أصدرت جدول أسعار للمنتجات البترولية تضمن زيادات كبيرة بعد إعادة تسعير الوقود وفقا للانهيار الجديد مساء أمس في سعر صرف العملة اللبنانية، حيث تم التسعير على أساس 77 ألف ليرة للدولار الواحد بدلا من 73 ألف ليرة في جدول تسعير أمس الأول، إلا أن الليرة شهدت انهيارا جديدا صباح اليوم حيث وصل سعر الصرف إلى 80 ألف ليرة للدولار وهو ما دفع عدد من المحطات لامتناع عن تسليم المحروقات للمواطنين وسط مطالب بدولرة قطاع المحروقات.
ويترافق انهيار الليرة اللبنانية هذه المرة، مع إضراب مفتوح تنفذه المصارف في البلاد، اعتراضا على بعض القرارات القضائية الصادرة ضدها، في حين يستكمل القضاء مساره بملاحقة المصارف، حيث تم الادعاء في الساعات الماضية، على أحد أكبر مصارف البلاد وهو بنك عوده ورئيس مجلس إدارته بجرم تبييض الأموال، وهو ما زاد المخاوف من انفجار الوضع المالي في البلاد بشكل لم يسبق له مثيل، حيث اعتبرت جمعية مصارف لبنان أن تلك القرارات التعسفية، قد تدفع بالمصارف العالمية الكبرى المراسِلة، إلى وقف تعاملاتها بشكل تام مع مصارف لبنان، ما سيؤدي إلى عزل البلاد ماليا عن العالم.