التوسع لفت الأنظار لخطورة سيطرة الصين على “الاتصالات”
لسنوات عدة كانت ذراع الاتصالات الصينية “هواوي” تتمدد وتعمل في العديد من بلدان العالم، حتى أصبحت أكبر مورد لمعدات الشبكات لأكثر من 170 دولة.
كانت استراتيجية هواوي المدعومة سياسيًا من بكين، تعتمد على طرح أسعار أقل من أجل دفع دول العالم للعمل معها، وتحقق ذلك في مشاركتها في أكثر من نصف شبكات الجيل الرابع، و59 من 90 من شبكات الـ 4.5G، بحسب إعلان الشركة نفسها في عام 2016.
هذا التوسع لفت أنظار دول العالم لخطورة وضع قطاع الاتصالات العالمي في يد الصين، خصوصًا أن هواوي بدأت مبكرًا طرح خططها لتأسيس شبكات G5 وبأسعار أقل عن منافسيها.
سارعت هواوي قبل إريكسون السويدية، ونوكيا الفنلندية، لتوقيع مذكرات تفاهم مع فودافون وأورانج لتجربة معدات الجيل الخامس.
لكن ما بين عامي 2018 و2019 أدركت العديد من دول العالم خطوة الهيمنة الصينية، وبدأت إجراءات حظر أو تقييد للشركة الصينية، خصوصًا أن هواوي ساعدت الدول الخاضعة للعقوبات مثل كوريا الشمالية وإيران، بمعدات للتجسس على السكان.
في هذا التوقيت، خرج مدير الاستخبارات الأسترالية مايك بورغس، ليؤكد أن توريدات هواوي “عالية المخاطر”، لأن شبكة الجيل الخامس ستدعم شبكات المياه والكهرباء والأنظمة الصحية، والسيارات ذاتية القيادة.
وفي مايو الماضي وقعت شركة الاتصالات الأردنية “أورانج” اتفاقاً جديداً لشراء معدات الجيل الخامس “5G”، وكانت الشركة عميلاً طويل الأمد لـ “شركة هواوي”، في مجال الاتصالات والتي تتعرض لعقوبات أمريكية، ولكن هذه المرة اختارت “نوكيا”.
توالي الحظر
ومنعت أجهزة الأمن النيوزيلندية هواوي من توريد عدة شبكات متنقلة إلى شركة محلية لاعتبارات الأمن القومي في نوفمبر/ تشرين الثاني.
وفي المملكة المتحدة، أعلنت شركة (BT) أنها ستزيل معدات هواوي من المناطق الرئيسية لشبكة الجيل الرابع، وسط مخاوف من MI6 حول مشاركة الشركات الصينية في مثل هذه البنية التحتية.
واعتقلت بولندا موظفًا صينيًا في هواوي بتهمة التجسس، ووقتها دعت الدول الأوروبية لعدم التعامل مع هواوي.
وتلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيرات أمريكية بشأن استخدام أجهزة اتصالات صينية في قطاعات حساسة في الأجهزة الأمنية.
وقررت السلطات الكندية منع شركة هواوي، في مايو 2020، من المشاركة في شبكات الجيل الخامس للهواتف المحمولة داخل أراضيها.
وفي أكتوبر 2020، نجحت نوكيا بالفوز بعقود شبكات الجيل الخامس في بلجيكا، مما مثل ضربة قوية لبكين.
وفي يوليو 2022، درست السلطات الأميركية حظر دخول جميع منتجات “هواوي” (HUAWEI) إلى الولايات المتحدة، بسبب مخاوف من حصولها على معلومات عسكرية حساسة عبر معداتها للاتصالات، ونقلها للصين.
موقف أوروبي موحد
أعلنت الحكومة الألمانية في مارس 2023 مراجعة شبكات الاتصالات المتنقلة عالية السرعة 5G في البلاد، كجزء من تجديد أوسع لعلاقتها مع الصين، مما يشير إلى أن برلين تقترب من حظر الموردين الصينيين من الشبكات الألمانية.
المفوضية الأوروبية تبنت مسألة استبدال هواوي في شبكات الجيل الخامس، وفي يونيو الماضي دعا تييري بريتون، مفوض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية، المزيد من الدول الأعضاء إلى إزالة الموردين ”ذوي المخاطر العالية” مثل هواوي وZTE من شبكات 5G الخاصة بهم، مشيرًا إلى مخاطر الأمن القومي.
قال بريتون إنه حتى الآن، قامت 10 دول فقط في الاتحاد الأوروبي بتقييد أو حظر هواوي من شبكات 5G الخاصة بها، وأنه ينتظر المزيد.
وفي تقرير لصحيفة Financial Times البريطانية، كشفت عن نية الاتحاد الأوروبي في فرض حظر على استخدام معدات هواوي في بناء شبكات الجيل الخامس 5G.
يأتي هذا الإجراء استجابةً للمخاوف المتنامية في بروكسل. بشأن التهديدات الأمنية التي تمثلها الشركات الصينية، بما في ذلك شركة هواوي.
ووفقًا للتقرير، يتأخر الإتحاد الأوروبي في إتخاذ إجراءات حاسمة تجاه هذه الشركات. مما يدفعه إلى النظر في فرض حظر إلزامي على الدول الأعضاء لمنعها من التعاون مع شركات الاتصالات الصينية.
حظر الشركة
وفي 15 مايو 2019، قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حظر وتقييد عمل شركة هواوي في الولايات المتحدة، ممكن كان له أثر بالغ في تقييد عمل الشركة في العالم أجمع.
ردت فودافون بإعلان وقف استخدام معدات هواوي في شبكاتها الأساسية، وعلقت ذلك حتى تتفق الحكومات الغربية على قرار موحد.
في نفس التوقيت كان ترامب يحاول إقناع مقدمي الخدمات اللاسلكية والإنترنت في الدول الحليفة بعدم استخدام معدات هواوي، خصوصًا أن الولايات المتحدة خشيت استخدام أجهزة اتصال صينية في دول تستضيف قواعد عسكرية أمريكية مثل ألمانيا وإيطاليا واليابان.
أثر ذلك في قيام حكومات نيوزيلندا وأستراليا بوقف استخدام معدات هوواي في إقامة شبكات الجيل الخامس للاتصالات.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن 4 دول أوروبية أخرى وقعت على بيانات أمان لشبكات الجيل الخامس 5G، وهي: سلوفاكيا وبلغاريا ومقدونيا الشمالية وكوسوفو.