يستثمر أكثر من 220 مليون فرد في أسواق الأوراق المالية الصينية
لم تكن بداية أزمة سوق الأسهم الصينية سيئة فقط في 2024، بل بدأت الأزمة فعليًا منذ فبراير 2021.
على مدى السنوات الثلاث الماضية، تم محو حوالي 6 تريليون دولار – أي ما يعادل ضعف الناتج الاقتصادي السنوي لبريطانيا تقريبًا – من قيمة الأسهم الصينية وهونغ كونغ.
انهار مؤشر هانغ سنغ بنسبة 10% حتى الآن هذا العام وحده، في حين انخفض مؤشر شنغهاي المركب ومؤشر شنتشن المركب بنسبة 7% و10% على التوالي.
تسلط الخسائر المذهلة، التي تذكرنا بانهيار سوق الأسهم الصينية الأخير في الفترة 2015-2016، الضوء على أزمة الثقة بين المستثمرين القلقين بشأن مستقبل البلاد.
كتب محللو بنك غولدمان ساكس في مذكرة بحثية: “كانت السنوات الثلاث الماضية بلا شك فترة صعبة ومحبطة للمستثمرين والمشاركين في السوق في الأسهم الصينية”.
وأضافوا: “الصين تتداول حاليًا بتقييمات مكبوتة ومخصصات منخفضة منذ عقد من الزمن عبر تفويضات الصناديق الاستثمارية”.
معاناة الاقتصاد الصيني
يعاني ثاني أكبر اقتصاد في العالم من عدد لا يحصى من المشاكل، من بينها تراجعا قياسيا في العقارات، والانكماش، والديون، وانخفاض معدل المواليد، وتقلص القوة العاملة، فضلا عن التحول نحو السياسات التي تحركها الأيديولوجية والتي هزت القطاع الخاص وأخافت الشركات الأجنبية.
أدى انهيار الأسهم إلى جعل الأسواق الصينية هي الأسوأ أداءً في العالم حتى الآن هذا العام، إذا ما قورنت مع ارتفاع سوق الأسهم العالمية، بقيادة الارتفاع القياسي الذي حققته وول ستريت، واليابان في آسيا.
هناك دلائل على أن الحكومة الصينية بدأت تشعر بالقلق، ولذلك طلبت بكين من البنوك بيع الدولار لدعم اليوان، وقالت بلومبرغ إن الحكومة تستعد للتدخل بشكل مباشر لدعم الأسهم.
لماذا انهار سوق الأسهم؟
باختصار، يشعر المستثمرون بالقلق إزاء عدم وجود سياسات فعالة من جانب بكين لتحفيز التعافي الاقتصادي المستدام.
نما الاقتصاد الصيني بنسبة 5.2% في عام 2023، وكانت تلك أبطأ وتيرة توسع منذ عام 1990، باستثناء سنوات الوباء الثلاث.
ويتوقع الاقتصاديون الدوليون أن يتباطأ نمو البلاد بشكل أكبر هذا العام إلى حوالي 4.5% وينخفض إلى أقل من 4% على المدى المتوسط .
ورغم أن هذا قد يبدو معقولا بالنسبة لاقتصاد كبير، فإنه أقل كثيرا من معدل النمو الذي حققته الصين في العقود الماضية.
وقال المحللون إن البلاد ربما تتطلع إلى عقود من الركود القادمة، لأن التباطؤ هيكلي بطبيعته ولن يتم عكسه بسهولة.
وقال محللو نومورا في مذكرة بحثية صدرت: ” لم يقدم البنك المركزي الصيني التخفيض المتوقع كثيرًا لأسعار الإقراض القياسية الأسبوع الماضي”. وأضافوا أن تعليقات كبار المسؤولين تشير إلى أن بكين مترددة في السعي لتحقيق النمو على المدى القصير على حساب زيادة المخاطر على المدى الطويل.
في الأسبوع الماضي، أبقى بنك الشعب الصيني (PBOC) سعر الفائدة على تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل ثابتًا، على عكس توقعات السوق بأنه سيجري أول خفض له منذ أغسطس.
يوم الاثنين، أبقى البنك المركزي أيضًا سعر الفائدة الرئيسي على القروض- وهو سعر فائدة رئيسي يؤثر على الرهون العقارية- دون تغيير، مما حطم الآمال في الخفض.
هل تتدخل الحكومة للإنقاذ؟
خلال العام الماضي، لم تطبق بكين سوى سياسات مجزأة لدفع التعافي الاقتصادي، وكان هذا ليس كافيا لحل أزمة سوق الأسهم، وفقا لمحللي غولدمان ساكس.
وقالوا: “إن تيسير السياسة الكلية التقليدية لم يرق حتى الآن إلى مستوى توقعات المستثمرين”، وأشاروا إلى أنه “قد تكون هناك حاجة إلى تحول في قواعد التيسير التدريجي إلى نهج أكثر جرأة وقوة لقلب السرد السلبي في السوق”.
وأشاروا إلى أنه على وجه الخصوص، هناك حاجة إلى “دعم حكومي فعال” لدعم مطوري العقارات الفاشلين وتحفيز الطلب على الإسكان لحل الأزمة العقارية الحالية، والتي تقع في قلب العديد من المشاكل الاقتصادية في الصين .
تعهد رئيس مجلس الدولة لي، الذي ترأس اجتماعا لمجلس الوزراء يوم الاثنين، باتخاذ إجراءات لتعزيز سوق الأسهم وتحسين السيولة.
لكن في اليوم نفسه، تحركت البنوك الكبرى المملوكة للدولة لدعم اليوان الصيني، من أجل منع العملة من الانخفاض بسرعة كبيرة مع انخفاض الأسهم الصينية.
وذكر تقرير بلومبرج أن السلطات الصينية تدرس التدخل بشكل مباشر أكثر من خلال ضخ حوالي 2 تريليون يوان (282 مليار دولار) كجزء من صندوق استقرار سوق الأوراق المالية، وذلك بشكل رئيسي عن طريق استخدام الحسابات الخارجية للشركات الصينية المملوكة للدولة.
وأثار تراجع سوق الأسهم غضبا شعبيا على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، حيث دعا العديد من الأشخاص المنظمين إلى اتخاذ تدابير فعالة لوقف الانخفاض.
ويستثمر أكثر من 220 مليون فرد في أسواق الأوراق المالية الصينية، وفقاً للأرقام الرسمية، ويمثل هؤلاء الأشخاص 99% من إجمالي قاعدة المستثمرين.
كانت المواضيع المتعلقة بـ “هبوط السوق” و”إنقاذ سوق الأسهم الصينية” رائجة على موقع ويبو يوم الثلاثاء.
وحتى الشخصيات المؤثرة البارزة التي عادة ما تتحدث عن الخط الرسمي حثت بكين على اتخاذ إجراءات فورية لإنقاذ صغار المستثمرين.