يمكنكم أيضاً الاستماع إلى الحلقة الكاملة عبر تطبيق بودكاست
إذا، أعلنت داعش الأسبوع الماضي عن مبايعة خليفة جديد على رأس التنظيم، هو أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، يبدو أن أحداً لا يعرف من هو أبو إبراهيم هذا. التكهنات تذهب في اتجاه أنه حجي عبدالله قرداش الذي يُعتقد أنه مقرب من البغدادي.
وحتى في هذا الأمر، ثمة من يذهب مذهب أن الرجل قتل منذ سنوات . جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في مدينة بون الألمانية يقول إن لدى الاستخبارات العراقية ما يثبت أن الرجل قتل بعد عام ٢٠١٧.
مراقبون آخرون وفي سيناريو لافت يرجحون أن الخليفة المُعلن مهما كان هو مؤقت يؤسس لمرحلة تالية . د. محمود علم الدين، استاذ الإعلام في جامعة القاهرة وعضو الهيئة الوطنية للصحافة، يقول إن الخليفة المعلن على الأرجح “خليفة مؤقت” أو “قائم بالأعمال” إلى حين تعيين خليفة آخر. ويرجح أن يكون هذا الآخر هو جمعة البغدادي شقيق أبو بكر البغدادي.
الخليفة “الكرتوني المتسردي”
في ردود الفعل على إعلان خليفة جديد لداعش، الحسابات الرسمية للقاعدة وهيئة تحرير الشام لم تذكر أي شيئ في هذا الخصوص. وإن كان بعض أنصار هيئة تحرير الشام مثلاً سخروا من هذا الإعلان ومن هذا الخليفة “المجهول” ، حسابات داعش الإعلامية الرسمية سارعت إلى مبايعة الخليفة الجديد، و نشرت صوراً لمقاتلي التنظيم يبايعون في حوران (سوريا)، خراسان (أفغانستان) وتونس. كما قام أنصار داعش بتغيير صور ملفاتهم إلى كلمة البيعة، أهم رد فعل جاء من تيار البنعلي المنشق عن داعش والمتمثل في مؤسسة التراث العلمي ومؤسسة الوفاء الإعلامية والمعارج.
وينسب هذا التيار إلى تركي البنعلي الذي كان كان قاضياً شرعياً في داعش قُتل في غارة على المنطقة الشرقية من سوريا في مايو ٢٠١٧ وكان معروفاً بمخالفته تيار المغالين والتكفيريين في داعش والمعروف بتيار الحازميين نسبة إلى أحمد الحازم وهو رجل دين متطرف ولم يكن عضواً في داعش، والبنعلي كان له دور مهم في تدعيم حكم البغدادي فهو الذي كتب المطوية الشهيرة “مدوا الأيادي لبيعة البغدادي” .
إذاً، لا أعلم بداعش من هؤلاء. فهم منهم. انشقوا ولما ينضموا إلى أي تنظيم آخر أو يشكلوا تنظيماً موازياً. يكتفون بالرد على داعش وتسريب وثائق من السنوات التي كانوا فيها يأتمرون بأمر البغدادي. وهذا ما يجعل ردهم على مباعية الخليفة الجديد مهم. وصفوه بـ “الكرتوني المتسردب”.
ينشرون وثائقهم وآراءهم على حساب ناشر المؤسسات الذي يضم مجموعات إعلامية منشقة هي التراث العلمي ومؤسسة الوفاء الإعلامية والمعارج، الرد المنشور هذا الأسبوع جاء بعنوان “سقوط الخرافة” كتبه المدعو ابن جبير.
وفي هذه المطوية مسائل مهمة: تجيب على السؤال الذي بدأنا به أي تنظيم يرثه الخليفة الجديد.
أولاً: لا يبدو أنهم يعرفون هوية الخليفة الجديد. فيصفونه بالمجهول اسماً ورسماً. وفي معرض الحديث عن “قلة العلم” التي تميز قيادات التنظيم، يعددون قيادات من بينهم المدعو حجي عبدالله قرداش من دون أي إشارة إلى احتمال أنه الخليفة الجديد.
ثانياً: الطعن في شرعية الخليفة الجديد، ليس على أساس النسب العربي القرشي؛ فلا يتطرقون لهذه المسألة أبداً. ولكن على أسس شرعية خاصة شرط أن يكون الخليفة معروفاً للمسلمين اسماً ورسماً.
ثالثاً: انتقاد الطبقية أو العنصرية داخل تنظيم داعش. فأشار ابن جبير إلى التمييز بين الداعشي العراقي والداعشي غير العراقي. وأبرز تلك الإشارات عندما تحدث ابن جبير عن وضع الداعشيات الأسيرات في مخيمات الهول وروج وعين عيسى.
ففي معرض الحديث عن خيانة البغدادي لهؤلاء النساء فلم يبادر إلى نجدتهن بأي شيئ، في مقابل تفضيل الأسيرات العراقيات، يقول ابن جبير:
“بينما العراقيات وخاصة زوجات الأمراء والحجاج فهؤلاء يوكل لهن المحامون وتدفع لاستخلاصهن الملايين وعجبي إذ يحل لآل بغداد ما لا يحل لغيرهم؛ فتوكيل المحامي والتحاكم إلى المحاكم الكفرية … كفر اكبر مخرج من الملة، أما إذا فعله آل بغداد لاستخلاص أسراهم ونسائهم فحلال زلال”
رابعاً: تورط البغدادي و”بطانته” في قتل مشايخ “برعوا في نسف شبهات المبتدعة” ويقصد المقربين من البغدادي المغالين في التكفير.
الداعشي العراقي والداعشي غير العراقي
جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في مدينة بون الألمانية، يرى أن تنظيم داعش من أكثر التنظيمات البيروقراطية التي قامت على “حلقة مغلقة أساسها من العراقيين. وكان الحاج بكر هو ضابط عراقي سابق هو من أسس التنظيم وهو من جاء بالمكنى أبو بكر البغدادي من أجل استعادة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق آنذاك. لذلك التنظيم عراقي الهوى والمعقل هو المناطق الغربية في العراق خاصة الأنبار. فإذا الحالة العراقية والهوى العراقي هو من يسيطر على هذا التنظيم ولهذا ظهرت الطبقية في التعامل مع بقية القوميات والأعراق وكان للجنسية العراقية الأولوية في القيادة ولم تُسند القيادات الاستراتيجية إلا للعراقيين . بالنسبة للقيادات لاميدانية ربما دفع البغدادي بقيادات مثل الشيشاني وغيره من الجنسيات لكن القيادات الاستراتيجية في إدارة التنظيم وشبكة الأموال هي عراقية مغلقة. هي دائرة علاقات عائلية ومقربة بعيدة جداً عما يدعيه البغدادي من عوملة الجهاد أو كل الأساسيات التي تعتمدها التنظيمات الجهاذية؛ فإذا الطبقية موجود. وحتى وقعت مواجهات مسلحة بين جنسيات عربةي وقيادات عراقية. والآن التركة ثقيلة التي تركها البغدادي وستزيد من الانشقاقات. ”
ثروة التنظيم/البغدادي
يقول جاسم محمد إن البغدادي كان مسيطراً على موارد التنظيم وسلم الإدارة إلى عائلته وخاصة أشقائه. ولا يستبعد أن يكون لشقيقه، جمعة، دور مهم في هذه المسألة. ويقول: ” ولا أستبعد أنه تم تكليف جمعة البغدادي مهمة العلاقات الخاصة والعامة لترتيب أمور التنظيم،” في إشارة إلى رحلات جمعة المتكررة إلى تركيا.
قرداش مات
يستذكر جاسم محمد تقارير استخبارات عراقية تقول إن قردش، الشخص المرجح أن يكون الخليفة أبو إبراهيم، قد مات قبل سنوات. ويقول:
“قردش حسب التقارير هو من أصول تركمانية عراقية تعيش شمال العراق ربما في تلعفر أو كركوك. المعلومات تقول إن والده كان إمام مسجد وخطيب. وهو خريج مدرسة أو أكاديمية إسلامية بالرغم من أن تقارير قالت إنه ضابط عسكري لكن المرجح أنه غير عسكري وأنه درس الشريعة الإسلامية في المدارس العراقية. تقرير للاستخبارات العراقية يقول إن بنت قرداش محتجزة لدى الاستخبارات العراقية وأن والدها قتل ما بعد ٢٠١٧ لكن التنظيم لم يعلن ذلك والاستخابرات العراقية لم تعلن ذلك فمصيره لا يزال غير معلوم.”
الخليفة المؤقت
الدكتور محمود علم الدين، استاذ الإعلام في جامعة القاهرة وعضو الهيئة الوطنية للصحافة ، يتوقع أن أبو إبراهيم الهاشمي شخصية مرحلية. ويقول: “أتوقع أنه ربما يكون هذا الشخص قائم بأعمال إلى حين اختيار خليفة جديد لأن ليس له ماضي في العمل التنظيمي داخل داعش يؤهله لذلك. أعتقد أنه مجرد شخص مرحلي، لكن هناك شخص آخر جاري البحث عنه وإعداده ليستلم الخلافة فيما بعد. خليفة مؤقت حتى يرضي جميع الفرقاء. ربما تتم مفاوضات ومساومات بين الإرهابيين من أعضاء التنظيم من عراقيين وغير عراقيين والتوصل لصيغة مناسبة. ”
ولا يستبعد أن يكون جمعة البغدادي هو المرشح الأقوى لتولي زمام الأمور في المرحلة التالية. ويقول: “ربما يكون هذا هو الخليفة القادم بالفعل. ربما. ويتم تهيئته بعد أن يتم الاعتراض على الخليفة ونقده. فبدل من تسريب اخبار أن فلان هو الخليفة، يتم تعيين خليفة ثم يقولون إنه لم يحصل على إجماع وهو ركن أساسي عند داعش. ولهذا يلجأؤون إلى شخص آخر وقد يكون شقيق البغدادي.”