رجال اعمال وكيانات سورية على صلة وثيقة بنظام بشار الأسد، أعلن الإتحاد الأوروبي الاثنين فرض عقوبات اقتصادية عليهم. رجال اعمال حققوا ارباحا خيالية بسبب دعمهم وصلتهم الوثيقة بالأسد وقد اكدّ الإتحاد الاوروبي في البيان الذي اصدره انهم استفادوا ماديا من علاقتهم بالنظام.
من بين هؤلاء الذين فرضت عليهم عقوبات جديدة مجموعة قاطرجي التي لعبت دورا وسيطا بين نظام الأسد وتنظيم داعش الإرهابي عبر تسهيلها نقل الشاحنات النفطية بالإضافة الى تزويد النظام بالغاز وشحنات اسلحة و تقديم الدعم المالي.
مجموعة قاطرجي وواجهتها حسام قاطرجي عضو مجلس الشعب ليست المرة الاولى التي تواجه فيها عقوبات دولية فوزارة الخزانة الامريكية فرضت عليها عقوبات ايضا في ايلول من العام 2018.
ما هي حقيقة الدور الذي لعبته مجموعة قاطرجي وكيف كانت تتم عملية نقل الشحنات النفطية؟ هذا ما تمكنا من جمعه والكشف عنه من خلال هذا التقرير الاستقصائي:
مناشدة عبر الفيسبوك لمجموعة قاطرجي لتحسين اوضاع السائقين العاملين على خط نقل النفط الى نظام الأسد، هذه المناشدة كفيلة الى جانب العديد من الصور و الفيديوهات المسربة بقطع الشك باليقين حيال تورط هذا الوسيط بعملية تأمين النفط الخام الى نظام الاسد.
القصة الكاملة
العام 2014 اصدر مجلس الامن الدولي تحذيرا لأي جهة يجري ضبطها تتعامل في النفط مع الجماعات الإرهابية، تحذير وجهه مجلس الامن الى الدول لكن على ما يبدو لم يسمع نظام الأسد بهذه التحذيرات وكان اول المسارعين الى عقد الصفقات مع داعش الإرهابي في تجارة شكلت صدمة للكثيرين ولا سيما انها معقودة بين طرفين مفترض انهما يقارعان بعضهما البعض على مساحة وطن واحد و تحول النظام الذي يدعي محاربة داعش الى اكبر شريك له.
في العام 2013 اي بعد نحو عامين على انطلاق الثورة السورية احتل داعش الإرهابي آبار النفط شرقي سوريا بعد معارك و لا سيما مع أبناء العشائر ونذكر هنا عشيرة الشعيطات التي فظع داعش بأبنائها و منذ ذلك الوقت بدأت التحولات و بدأ الإعداد لصفقة تعاون تجارية بين داعش والنظام و بدأ معها تمويل داعش من قبل نظام الأسد.
بحلول نيسان 2014 احتل تنظيم داعش حقول دير الزور الغنية بالنفط من بينها حقل ” العمر” و ” التنك” و “العزبة” ما عدا حقل ” التيم” الذي بقي بيد النظام و الذي انخفض انتاجه ليصل الى اقل من 300 برميل في اليوم و بذلك اصبح داعش الآمر الناهي و المتحكم بحقول النفط و على اقل تقدير نحو 60 بالمئة من انتاج سوريا و نحو 200 الف برميل في اليوم الواحد.
في آذار من العام 2015 برز اسم جورج حسواني لأول مرة و عُرف كوسيط بين داعش ونظام الاسد. حسواني المسيحي السوري يحمل الجنسية الروسية ويملك شركة مقاولات تدعى ” هيسكو ” يدير مكتبها في موسكو شقيق زوجته.
في هذا الوقت كان النظام يتكبد الخسائر المادية الفادحة التي فاقت ال 200 مليار دولار بحسب المركز السوري لبحوث السياسات ولولا الدعم الإيراني الذي كان وفق التقديرات ايضا يتراوح بين 6 و 14 مليار سنويا لما استطاع النظام الصمود و رغم ذلك برز رقم الأربعين مليون دولار شهريا كرقم جناه داعش من نظام الأسد مقابل ذهب النفط و الكلام لوكيل وزارة الخزانة الأمريكية.
عبدالجليل الملاح.. زعيم مافيا تهريب النفط الإيراني
النفط بين داعش و نظام الاسد…تحالف مصالح و تجارة خبيثة
على عكس حربهما العلنية أظهرت الوثائق المسربة من تنظيم داعش أنه يجني 40 مليون دولار شهرياً من مبيعات النفط السرية لنظام الأسد. فالتطورات الجارية لم تترك للنظام خيارات كثيرة، انخفاض حاد في الإنتاج و حصار اوروبي بسبب العقوبات.
وانكشفت هذه المعلومات من وثائق تمكنت القوات الأمريكية الخاصة من الحصول عليها العام الماضي في واحدة من أكبر العمليات الاستخبارية التي تقوم بها، حيث تبين أن المسؤول عن النفط لدى “داعش” هو مقاتل يُدعى أبو سياف، وهو يقود الصفقات التي يتم بموجبها بيع النفط للنظام ويتلقى أموالاً ضخمة نتيجة لذلك.
من بين الوثائق الداعشية المسربة واحدة تحمل الرقم (156) ويعود تاريخها إلى 11 فبراير 2015 وهي مرسلة من وزارة الخزانة في “التنظيم” إلى مكتب أبوسياف المسؤول عن النفط، وهي تتضمن طلباً “لتأسيس علاقات استثمارية مع رجال أعمال مرتبطين بنظام بشار الأسد.
كما تشير الوثيقة ذاتها إلى وجود اتفاقات تتيح للنظام تمرير شاحنات واستخدام خطوط إمداد برية من حقول نفطية إلى مواقع أخرى تابعة للنظام لكنها تمر عبر الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم.
في احد التقارير الصحفية تشير صحيفة ” ديلي تلغراف” الى ان المعروف بأبي سياف هو مقاتل تونسي سافر الى العراق و من ثم انضم الى خلايا داعش ليصبح اكثر المقربين من ابي بكر البغدادي و نقل ايضا انه كان يعرض على نفس العاملين في الحقول النفطية رواتب مرتفعة جدا وصلت الى اربعة اضعاف ما كانوا يحصلون عليه.
تعامل النظام مع داعش احدث ارتباكا داخليا في التنظيم الإرهابي. حسابات مقربة من الاوساط الجهادية أبدت امتعاضها و البعض الآخر طرح تساؤلات عن الحرام و الحلال.
سائق صهريج: “قاطرجي” عراب النفط من داعش إلى النظام السوري
اذا العلاقة بين النظام وداعش اصبحت مثبتة بالبرهان و الوثائق و لكن كيف كانت تتم العملية؟ و ما الذي كان يتم التبادل فيه بين النظام و داعش؟ و ما هي تفاصيل عملية النقل؟
ابوعلي من مدينة الرقة كان يملك صهريجا مخصصا لنقل المشتقات النفطية وبحمولة تصل الى 110 براميل قال في لقاء مع “أخبار الآن” انه كان يشتري النفط (الفيول) من داعش بسعر (٤٠ دولار أمريكي)، للطن الواحد (٥ براميل ونصف) و يبيعه للحراقات البدائية في مناطق ريف حلب، لكنه كان يخسر بهذه التجارة لقيام داعش ببيع النفط بالدولار، وفرق سعر صرفه باليرة السورية.
و يضيف:”اقترح أقاربي الذين يعملون بنقل النفط من داعش إلى النظام أن أعمل معهم، وقبلت وسجلت صهريجي لدى مكتب داعش الذي يقوم بتسجيل الصهاريج التي تنقل النفط إلى النظام، وكان أمير المكتب اسمه أبو حمزة المصري وهو من مصر”
كانت الصهاريج تتزود بالنفط من حقل “العمر” الواقع في دير الزور، المتميز بمواصفاته العالية، و جميع أصحاب الصهاريج يدفعون مبلغا ماليا لمكتب أبو حمزة المصري في مرة يتم فيها التزود بالحمولة، بواقع (ألف ليرة سوري) للبرميل الواحد“.
السائق الثلاثينيي اوضح أن الرحلة تنطلق بتوجه رتل كبير من الصهاريج إلى مناطق النظام وبمرافقة من عناصر داعش لضمان عدم اعتراض الرتل، وصولا الى أول حاجز يتبع للنظام في منطقة بريف حلب الجنوبي الشرقي.
رتل الصهاريج، وعند دخولها مناطق النظام، يتوجه الى مكتب تعود ملكيته لشركة “قاطرجي” من اجل حصول كل سائق على قسيمة مكتوبُ عليها “شركة قاطرجي” لنقل النفط إلى مصفاة حمص، ويدرج عليها اسم السائق الثلاثي، لافتا ألى ان النظام لا يسمح بتواجد مرافق للسائق.
الشاب الرقاوي، اوضح ايضا أن سيارات عسكرية تتبع لـ“قاطرجي“، ترافق الرتل لضمان عدم الاعتراض وتأمين وصول الصهاريج إلى مصفاة حمص، لتفرغ الأخيرة حمولتها بخزانات وتصطف لاحقا داخل ساحة بجانب المصفاة يوجد داخلها مكتب محاسبة يدفع لنا أجور النقل، بواقع (25 ألف ليرة) لكل طن، بالإضافة الى بقشيش يصل الى (٧٥ ألف ليرة)، وأنبوبة غاز.
يقول ابو علي، إن النظام السوري، هو من صنع شركة قاطرجي كواجهة من اجل التعامل مع تنظيم داعش، مضيفا أن تلك الشركة قاطرجي أستحوذت على جميع التجارة لأن النظام لايستطيع التعامل مع تنظيم إرهابي أمام الرأي العالمي.
إقرأ أيضاً: العقوبات الأوروبية الجديدة تزيد الضغط على نظام الأسد وداعميه
قاطرجي ارتباطات اقتصادية و سياسية
محمد قاطرجي و شركة قاطرجي يمتلكون ممتلكات تجارية واسعة في سوريا ، تتراوح بين شركة أمنية إلى شركة زراعية و تستثمر الشركة في القطاعات التجارية والصناعية والعقارية والسياحية.
يشغل حسام أحمد قاطرجي شقيق محمد قاطرجي ، وهو عضو في البرلمان السوري ، منصب رئيس شركة قاطرجي. ويملك الشقيقان أسهمًا في عدد من الشركات التابعة لشركة قاطرجي بما في ذلك شركة قاطرجي للتطوير العقاري ، وشركة اخرى في حلب للحلول والدراسات الأمنية ، وشركة للزراعة والثروة الحيوانية.
لدى محمد آغا قاطرجي حصص ملكية في عدد من الشركات التابعة لشركة قاطرجي. يمتلك محمد آغا قاطرجي بشكل منفصل حصة 90 في المائة في شركة زمان الخير للاستثمارات ، وهي شركة لخدمات نقل البضائع مقرها طرطوس ، سوريا.
في مارس من العام 2018 ، أسس محمد قاطرجي وحسام أحمد قاطرجي شركة جديدة تابعة لشركة قاطرجي في سوريا اسمها ارفادا للخدمات البترولية ، وهي شركة البترولية وحفر آبار النفط. يمتلك الأخوان مجتمعين 67٪ من الشركة.
ووفقًا لتقرير استقصائي لعام 2017 ، شارك حسام أحمد قاطرجي في شراء القمح من المزارعين في المناطق التي يحتلها عليها داعش في شمال شرق سوريا ونقله إلى مناطق دمشق التي تسيطر عليها الحكومة السورية. أعطى التجار الذين يعملون لصالح حسام أحمد قاطرجي 20 بالمائة من إمداداتهم إلى داعش وفق المعلومات الإعلامية التي تم التداول بها حول هذا الموضوع.
ارتباط قاطرجي في هذه الوساطة و تشكيله فيما بعد لمليشيا قاطرجي لم يلق ترحيبا حتى لدى مؤيدي النظام فيما انبرى آخرون لتبرير هذه التجارة بأن قاطرجي قدم لسوريا الكثير.
ما كان ينفيه الرئيس الاسد مرارا و تكرارا برره الكثيرون من المقربين من النظام وهو ما سبق و اشار اليه مدير مجموعة قاطرجي بأن النظام لم يجر اتصالات مباشرة بداعش و انما الإتصال كان عبر وسطاء من الاراضي الخاضعة لسيطرة داعش.
ما حاول النظام نفيه، اكده النائب العام السابق لمدينة تدمر الذي انشق عن النظام و هو كان شاهدا على التجارة بين مناطق سيطرة داعش والنظام خلال 3 سنوات كنت فيها نائبا عاما ما بين عامي 2013 و2015، حيث ازدهرت تلك التجارة في مجالات النفط والغاز والقمح والشعير والمواشي، بالإضافة إلى تجارة المواد الغذائية والألبسة والأدوية وكل أنواع التجارة كانت قائمة بينهما.
النائب العام السابق لمدينة تدمر نقل عن العميد مازن عبد اللطيف رئيس فرع استخبارات أمن الدولة في تدمر، بأن لهم أذرع وعملاء داخل داعش، وأنهم قادرون على التأثير في قرار التنظيم، وأن العملاء هم على اتصال دائم معهم، وينقلون لهم كل أخبار تنظيم داعش.
سائق صهريج: النظام السوري كلف قاطرجي بنقل النفط من داعش
لماذا تعامل النظام السوري مع تنظيمِ #داعش الارهابي بتجارةِ النفط؟ ولماذا لم تتوقف تلك التجارة في ذلك الوقت؟ أسئلة أجاب عليها سائق صهريج النفط ابو حسان، في لقاء مع “أخبار الآن” ويتحدث ايضا عن قاطرجي، واصفا اياه بانه شخص معروف لدى جميع من تعامل في هذا القطاع.
محور التجارة الداعشية الاسدية الروسية
تقارير اعلامية صدرت في العام 2016 اكدت ان مهندسين روس كانوا يعملون في مصنع غاز يحتله داعش.
كذلك بثت وسائل اعلام تقارير عن وثائق كانت قد حصلت عليها من بعض المنشقين عن داعش تثبت أيضا وجود علاقة بين مثلث الأسد وداعش وروسيا. وتوضح الوثائق أن استعادة نظام الأسد لمدينة تدمر خلال أيام قليلة فقط في 27 مارس/آذار 2016 إثر الهجوم الذي تم بدعم روسي كان جزءا من اتفاق سري تم الترتيب له مسبقا، ويسمح بنقل داعش أسلحته الثقيلة من المدينة قبل الانسحاب المتفق عليه وهو الأمر الذي تم بالفعل كما أثبتت الوقائع على الأرض دون التعرض للتنظيم.
حقائق و أرقام و ووثائق تثبت بلا شك خبث داعش في تحوير فتاويه الوهمية و اشهار محرماته بما يخدم مصلحته و دائما على حساب المواطنين السوريين الابرياء.