التقط ناشط في رومانيا تسجيل فيديو لمتسول وهو يعبر أحد الشوارع مسرعا. وبدا الشاب في عجلة من أمره حتى أن ذلك أنساه أنه “معاق” يسير بمساعدة عكازين، لكن ما أن عبر المتسول “الناشئ” الشارع حتى عاد ليتقمص دوره مجددا، ووضع العكازين تحت إبطيه وبدأ يسير ببطء، أملا في أن يحسن أداء الدور أمام ضحايا حيلته من أصحاب القلوب الطيبة.
وقد تجاوزت ظاهرة التسول المرحلة الفردية إلى المرحلة المؤسساتية، وصارت عالمية، حيث ترى في المدن الكبرى، جحافل المتسولين التي تزدحم بها الطرقات، الشيء الذي يشي بوجود جهات احترافية منظمة خلفها، وصناع عاهات مهرة، يأتون بهؤلاء في كل موسم من دول معينة، ليعيثوا في الدروب تسولا،
وفي بعض العواصم العالمية تبدو الشوارع، وكأنها تتحول إلى «فاترينات» للعاهات، فهذا يخرج ذراعه المقطوعة، وذاك يكشف عن ساقه المحروقة، وثالث يبرز عينه المفقوءة، فتصير عملية الوقوف بجوار إشارات المرور عملية مرهقة للأعصاب، حينما يحشر أحدهم يده المسلوخة من نافذة العربة ليضعها بالقرب من وجهك فجأة.
وحسب الخبراء الاجتماعيون، فان المتسولين اليوم ليسوا هواة، ولا يتسولون وفق أمزجتهم، لكنهم في الغالب يخضعون لنظام صارم، يتسم بالدقة، والدهاء، والاحترافية، وتدير هذا النظام عقول ماكرة، تعرف كيف تستثير شفقة الناس، وعواطفهم. ولكي ينتهي هذا المسلسل الطويل، والممل، والمزعج، والمسيء، فإنه يجب الوصول إلى الرؤوس الكبيرة التي تقف خلف كتائب المتسولين، وتنظم نشاطهم وإيواءهم، وأماكن تمركزهم في كل مدينة، ومن غير الوصول إلى هذه الرؤوس سيستمر هذا المسلسل طويلا، وتتعاظم خطورة التسول إذا ما ربطنا بينه وبين الإجرام، فثمة علاقة وثيقة بينهما، فالمتسول مشروع مجرم في الكثير من الأحوال.