أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – بواسطة (يزن خياط) بالتعاون مع أراجيك
إنه المشهد المعتاد الذي ينهي حياة العديد من شخصيات أفلام الخيال العلمي في الفضاء الخارجي، خلل في بذة الحماية يودي بالجسد إلى مواجهة عوامل البرودة الشديدة والضغط الجوي الذي يقارب الصفر، بالتأكيد فإن جسم الانسان لن يقاوم تلك المخاطر طويلاً وسوف يودي به إلى الموت المحتم في دقائق معدودة.
لكن هل ما نشاهده على شاشة السينما من تبخر للدم وانفجارات مرافقة للأعين وخلايا الجسم هو ما سيحدث بالضبط في الحياة الواقعية؟
حسناً سوف تنتهي حياة البطل في غضون دقائق لكن الإجابة على السؤال السابق مازالت بالتأكيد لا، في الحقيقة ما سيحدث على أرض الواقع أقل دراماتيكية بكثير مما نتخيله عن نهاية حياة رائد فقد خوذته في الفضاء الخارجي، بل سيكون أكثر رفقةً بجسدنا البشري مما قد يعجب البعض أيضاً !
ما سيتم عرضه هو نتائج لأبحاث وتجارب أجريت بنفس الظروف على الحيوانات في الستينات من القرن الماضي، فكم من تلك المشاهد قد سيطر علينا إلى الآن؟.
إن كنت في ذلك الموقف “لا قدر الله” فأول ما ستلاحظه انعدام وجود الهواء، وعلى عكس ما كنت تعلمه فإنك لن تفقد وعيك على الفور بل سيستغرق جسم الانسان حوالي 15 ثانية ليستهلك الجسم لا إرادياً احتياطي الأوكسجين المتبقي في مجرى الدم..
وإن كنت قادراً على التحكم بعض الشيء بآلية تنفسك فقد تتمم ما يقارب الدقيقتين دون أي إصابات تذكر.
إن لم تستطع حبس انفاسك فإن فقدان التوازن في الضغط الخارجي سيسبب دخول الغاز إلى الرئتين مما يجعلهما تبدآن في التضخم إلى أن تنفجرا وتطلقا باقي الهواء إلى نظام الدورة الدموية داخل الجسم لذلك ليس عليك سوى الزفير قدر المستطاع حين ذاك.
بعد حوالي عشرة ثواني من ذلك سيتمدد الانتفاخ إلى باقي البشرة والأنسجة الداخلية ليبدأ الماء حينها بالتبخر من الجسم في غياب الضغط الجوي.
لكن المفارقة الأخرى هو أن جسمك لن يستمر بالتضخم إلى حد الانفجار لأن الجلد البشري قوي بما يكفي للحفاظ على الشكل العام والوقوف أمام إمكانية حدوث تمزقات أو انفجارات، إضافةً إلى أن البشرة والأنسجة ستعود إلى طبيعتها حالما تصادف ضغط الجو الطبيعي.
الغريب في الأمر أن كل هذا لن يؤثر على جريان الدم وحركته داخل الجسد بينما ستتابع الدورة الدموية حفاظها على ضغط الدم مالم تتعرض إلى صدمة تخل بالدورة.
بالنظر إلى بعض العوامل الأخرى فإنك ستفقد رطوبة لسانك إلى درجة تسمح بغليان اللسان وذلك ما حدث لـ “Jim LeBlanc” الذي تعرض لتجربة تقارب الوقوع في الفراغ داخل حجرة للاختبار في مركز ناسا سنة 1965..
ما حدث للسان جيم هو آخر ما شعر به قبل أن يفقد الوعي خلال 14 ثانية حيث قام الباحثون بإنقاذه على الفور بعد حوالي 15 ثانية مما يؤكد الكلام السابق شريطة عدم وجود الغازات الفضائية وتسللها لرئتي الانسان.
ربما بسبب انعدام الغلاف الجوي ليحمي الجلد من الأشعة فإنك ستتوقع العديد من حروق الجلد البشعة والتسلخات الجلدية الحادة، إلّا أن هذا لحسن الحظ غير صحيح..
فبجانب تلك الأشعة الحارقة هنالك درجات تجمد عنيفة قد تحولك إلى قطعة من الجليد في غضون دقائق. أليك ما سيحدث في الواقع فعلى الرغم من درجات الحرارة شديدة الانخفاض فإن الأشعة الشمسية لن تعطي البرد الفترة اللازمة لتجميدك، لكنها كافية لقطع الحركة الدموية مما يودي بالبشري إلى الاختناق المفاجئ بسبب عدم وجود الحرارة المناسبة والمتوازنة.
إن حصل وتوفي أحدنا في الفضاء فبالتأكيد أن جسدنا لن يتحلل بطريقة تقليدية ليتناسب مع غرابة مكان الوفاة، ففي حال عدم وجود الأكسجين ستكون حبيس خيارين اثنين، أولهما التحنيط وذلك في حال اقترابك من أي مصدر للحرارة، أما الآخر فهو التجمد في قالب إلى أجل غير معلوم..
ويتم ذلك فقط شريطة انعدام الاكسجين، ففي حال توفي الشخص داخل بذة الفضاء فسوف يمر بحالات التحلل الطبيعية إلى حين انقضاء الاكسجين نهائياً من داخل البذة، وعلى الرغم من أن جسدك سيبقى لمدة طويلة جداً من دون هواء فإن الحالة التي ستصبح عليها من تحنيط أو تجمد ستكون كافية لجرفك ملايين السنين في رقعة شاسعة من الفضاء دون أي تغير فيزيائي ملحوظ.
لابد أن حدوث هكذا ظرف قاسي على أي بشري سيودي بالموت لا محالة، ولن تغير المقالة من أَجَله حين يعلق في تلك الدوامة، لكن ما أردت توضيحه هو الحقيقة العلمية الواقعية لتلك الحالة وليس ما تعرضه دور السينما من فظاعة وانفجارات داخل الجسم البشري.
في جميع الأحوال لا أتمنى لأي مخلوق الوقوع في هكذا مأزق، ولكن إن كان ولا بد فيجيب أن يعلم أنه سيبقى خالداً لأجل غير مسمى في الفضاء دون أي انفجار في عيونه أو احتراقات مشوِّهه على بشرته.