أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – بواسطة "زياد شعار " بالتعاون مع أراجيك
الشمس.. ذلك النجم الجميل الذي يضفي بضيائه على عالمنا الصغير كل صباح باعثاً الحياة في كل أطرافه. هي نجمة كباقي النجوم، تخضع لقوانين الكون وسنن الله عز وجل، فهي تولد وتعيش ثم تموت.
في هذا المقال سوف أتطرق للحديث عن بعض خصائص الشمس وتركيبتها، لكن التركيز سيكون على وصف نهايتها وكيف ستكون وما هو تأثير موتها على كوكبنا.
ليس الهدف من المقال إعطاء صورة مظلمة عن الحياة، بل لتذكير الإنسان بمكانه في الكون وعظمة الخالق عز وجل. سوف يتضمن المقال معلومات علمية فلكية تدور حول اللحظات الأخيرة من عمر الشمس وكيف يكون موتها. وقد حرصت على جعل المقال مفهوماً بقدر الإمكان..
بداية، لنعرفكم بالشمس. الشمس عبارة عن واحدة من مليارات النجوم الموجودة في مجرة درب التبانة والمليارات الأخرى في الكون وفي المجرات الأخرى. وتعتبر. الشمس من النجوم المتوسطة الحجم والحرارة فهناك نجوم أصغر ونجوم أخرى عملاقة.
تبعد الشمس عنا مسافة 93 مليون ميل (أو 149 مليون و600 ألف كلم)، ويحتاج الضوء إلى 8 دقائق و18 ثانية ليصل إلى الأرض. لو أردت أن تسافر إلى الشمس بطائرة ركاب فهل تعلم كم ستحتاج من الوقت للوصول إليها؟
حسناً، الشمس تبعد عنا 93 مليون ميل، ومعدل سرعة طائرات الركاب هو 550 ميل في الساعة، إذا قسمنا 93 مليون ميل على 550 ميل، فإننا سنحصل على عدد الساعات وهو (169090 ساعة)، قسم ذلك على 24 تحصل على (7045 يوماً)، ثم قسم هذا على 365، تحصل على (19 سنة تقريباً). أجل سوف تحتاج لما يقارب 19 سنة دون توقف لكي تصل إلى الشمس بطائرة ركاب، على افتراض أن الطائرة تحمل وقوداً لا نهائياً وتسير بسرعة ثابتة طبعاً!!
خصائص الشمس
تتكون الشمس بشكل رئيسي من غازي الهيدروجين والهيليوم بنسبة 74.9% هيدروجين و23.8% هيليوم. كما تحتوي على نسب قليلة من الأكسجين والكربون، والنيون والحديد.
يبلغ قطر الشمس حوالي مليون و391 ألف و684 كلم، وهي بذلك أكبر حجماً من الأرض بـ 109 مرات وأكبر كتلة بحوالي 330,000 مرة. وتشكل حوالي 99.86% من كتلة المجموعة الشمسية كلها. لاحظ حجم الأرض بالنسبة لها.
حجم الأرض بالنسبة للشمس
ولا بد هنا من ذكر طبقات الشمس لأن بعضها سوف يلعب دوراً رئيسياً في موت النجم لاحقاً. تتكون الشمس من..
1- القلب (The Core) وهو مركز الشمس ومصدر طاقتها النووية حيث يتم فيه تحويل الهيدروجين إلى هيليوم لإنتاج الطاقة الشمسية التي تصلنا على شكل حرارة وضوء. تبلغ درجة حرارة القلب حوالي 20 مليون درجة مئوية.
2- طبقة الإشعاع (Radiative Zone). وهي الطبقة التي تعمل على حمل الأشعة الشمسية الصادرة من النواة إلى الطبقة التالية وهي طبقة الحمل الحراري. وتحتاج فوتونات الضوء إلى حوالي 100 ألف سنة لكي تعبر من القلب إلى طبقة الحمل الحراري ومنها إلى سطح الشمس ثم إلينا.
3- طبقة الحمل الحراري (Convective Zone)، وهي الطبقة التي يتم فيها نقل البلازما الحارة من باطن الشمس إلى الأعلى عبر طريقة الحمل الحراري حيث تصعد البلازما الساخنة للأعلى بينما تهبط البلازما الباردة للأسفل بشكل دائري.
4- طبقة الفوتوسفير (Photosphere)، وهي سطح الشمس والطبقة المضيئة فيها ويمكن رؤيتها بوضوح من الأرض. تبلغ حرارتها حوالي 5730 درجة مئوية، بينما تبلغ سماكتها بين عشرات إلى مئات الكيلومترات.
5- طبقة الكروموسفير (Chromosphere)، وهي طبقة غير مرئية تُرى فقط خلال الكسوف الكلي للشمس، وتتميز بلونها الذي يتباين بين الأحمر والوردي.
6- الكورونا (Corona)، وهي هالة من البلازما تحيط بالشمس وتمتد لمسافة ملايين الكيلومترات في الفضاء وتُرى بوضوح خلال الكسوف الكلي للشمس أيضاً. درجة حرارة الكورونا أعلى بكثير من درجة حرارة سطح الشمس حيث تبلغ حوالي مليون درجة مئوية.
عمر الشمس وبداية موتها
الشمس الآن في منتصف عمرها المتوقع لنجم بحجمها وكتلتها وهو 10 مليارات سنة، حيث مضى على وجودها حوالي 4 مليارات و500 مليون سنة تقريباً ما يعني أنه بقي لها أقل من 6 مليارات سنة قبل أن تموت.
ومما يتفق عليه علماء الفلك أن النجوم تمر بالمراحل ذاتها حين تموت، لكن هناك اختلافات كبيرة في المراحل الأخيرة من موت النجوم. لا تتوقع أن موت الشمس سيكون فجأة وبانفجار هائل، بل على العكس، فمراحل موت الشمس سوف تستغرق ملايين السنين حتى عند وصولها إلى نهاية عمرها المتوقع..
لكن هناك فرق بين موت نجم وآخر اعتماداً على حجمه وكتلته، فالنجوم العملاقة التي يفوق حجمها 20 مرة حجم الشمس هي فقط من تنهي حياتها بانفجار هائل يسمى السوبرنوفا (Supernova)، لكن الشمس صغيرة ولا تمتلك الكتلة الكافية للانفجار، لذا فهي تنهي حياتها بطريقة مختلفة نسبياً مقارنة بنهاية النجوم العملاقة التي تنهي حياتها بانفجارات أعنف بكثير كما سيتم توضيحه لاحقاً.
يعتمد بقاء الشمس بشكل رئيسي على مقدار مخزونها من الهيدروجين، فما إن ينفذ الهيدروجين منها حتى تبدأ بالدخول في مرحلة الخطر. كما قلنا سابقاً، تعتمد طاقة الشمس على دمج ذرات الهيدروجين وتحويلها إلى هيليوم داخل القلب.
في الوضع الطبيعي (حالياً) فإن هذا الدمج النووي الذي يولده القلب من خلال دمج الهيدروجين وتحويله إلى هيليوم يولد طاقة هائلة تعمل على موازنة جاذبية الشمس الكبيرة، لذا فهي معادلة متكافئة، أي أن الجاذبية تحاول سحق النجم من الخارج إلى الداخل، لكن الطاقة الناتجة عن عملية الدمج النووي في القلب تعمل على معادلة قوة الجاذبية من الداخل إلى الخارج، والنتيجة استقرار في وضع النجم.
لكن ما أن يبدأ مخزون الهيدروجين بالنفاذ من قلب الشمس حتى يختل التوازن بين قوة الجاذبية الساحقة وقوة الدمج النووي الطاردة، وتصبح قوة الدفع الخارجية من القلب أضعف من قوة الجاذبية ويبدأ عندها القلب بالتقلص تحت تأثير الجاذبية…
لكن على الرغم من توقف عملية الدمج النووي في القلب إلا أنها تستمر في القشرة المحيطة بالقلب الواقعة بين القلب وطبقة الإشعاع..في هذه القشرة يستمر دمج الهيدروجين إلى هيليوم.
والطاقة الناتجة من هذا الدمج الجديد تعمل على تضخيم حجم الشمس بشكل هائل بين 20 إلى 30 مرة أكبر من حجمها الحالي ويميل لونها إلى الاحمرار ويزداد لمعانها وإضاءتها 100 مرة عما هي عليه الآن (يطلق العلماء على هذه المرحلة مرحلة العملاق الأحمر Red Giant Phase). وتستمر هذه المرحلة عدة مليارات من السنين.
بعد هذه المرحلة وحين يصبح قلب الشمس (العملاق الأحمر) ساخناً بدرجة كافية، يبدأ الهيليوم بالاشتعال (تذكر لم يعد الهيدروجين موجوداً) ويبدأ بعملية دمج أخرى جديدة ينتج عنها الكربون والأكسجين داخل القلب ما يعطي الشمس طاقة إضافية بعد نفاذ الهيدروجين لتستمر أكثر..
وفي المرحلة التالية تبدأ الشمس بالتقلص والتمدد مثل نبض قلب الإنسان بسبب عملية انسحاق قلب الشمس وتمدد الطبقات الخارجية، وتحدث هذه النبضات كل عدة مئات إلى آلاف السنين، وخلال هذه المرحلة تبدأ الشمس بابتلاع الكواكب واحداً تلو الآخر، حيث يكون عطارد أول الراحلين، يليه كوكب الزهرة ثم الأرض (على الرغم من وجود خلاف بين العلماء فيما إذا كانت الأرض سوف تُبتلع أم لا)..
بعد هذه المرحلة تبدأ الشمس بخسارة كميات هائلة من كتلتها وتضعف قوى الجاذبية الساحقة ويتحول لونها إلى الأزرق وترتفع حرارتها ويبدأ حجمها بالتقلص..
وهنا يبدأ غلافها الجوي بالانتشار بعيداً عنها كغيمة عملاقة ولا يتبقى من الشمس سوى قلبها ويطلق عليه (القزم الأبيض) ويكون حجمها عندها بحجم الأرض (نعم لقد تقلصت الشمس إلى حجم الأرض لكن كتلتها ما زالت كما هي، لذا إذا أخذت كمية من مادة القزم الأبيض بحجم هاتف محمول فسيكون وزن هذه المادة بوزن فيل كبير بسبب كثافتها الشديدة).
وعلى الرغم من أنها قصة موت حزينة إلا أن ما ينتج عنها يعتبر واحداً من أجمل المشاهد الكونية والمسماة السدم الكوكبية (Planetary Nebulae) الصورة أدناه هي لإحدى هذه السدم الكوكبية والناتج عن موت نجم مثل الشمس.