أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة – ( فاطمة جنان)
في أواخر القرن التاسع عشر، وقعت قصة حقيقية لكنها قريبة للخيال شيئا ما، بطلها كان رجل يدعى "جون لي"، وهو الرجل الذي شنق أكثر من مرة لكنه لم يمت، ولم يستطيعوا شنقه.
قال جون لي (John Lee ) عبارة "يعلم الله إني بريء" بهدوء وبرود تام حسده عليه جميع الحاضرين في المحكمة، بينما كان يخاطب القاضي الذي اصدر عليه حكما بالإعدام شنقا.
أما جريمته فكانت مليئة بالغموض، وملابسات إعدامه المثيرة جعلت من قصته حديث الصحافة في انجلترا في نهاية القرن التاسع عشر، فمن هو جون لي يا ترى وما هي قصته العجيبة؟
ولد جون لي عام 1864 في إحدى البلدات الصغيرة الواقعة على الجنوب من مدينة ديفون الانجليزية، كا كثير التنقل من عمل الى أخر لعدم انضباط سلوكه من جهة، ومن جهة أخرى الى السرقات الصغرى التي كان يقوم بها في مقر عمله.
وبعد أن تقطعت به السبل وفشل في جميع الوظائف التي عمل فيها عاد جون للعمل لدى الآنسة كيز في صيف عام 1884، التي كانت قد طردته من قبل، بعد أن توسطت له أخته إليزابيث، لكن هذه المرة كخادم وساقي.
لكن مرة أخرى لم يستطع جون كبح جماح عادته السيئة، فقام بسرقة بعض الحاجيات من منزل الآنسة كيز التي اكتشفت الأمر فعاقبته بقطع راتبه، وبعد منتصف ليلة 15 تشرين الثاني / نوفمبر عام 1884 تعرضت الآنسة كيز فجأة لهجوم شرس أثناء نزولها السلم من غرفة المطالعة إلى الطابق الأرضي.
كان شخص ما ضربها على رأسها بواسطة قضيب معدني، وهي وظيفة كان مناطة بجون، ونفس الشخص ذبح جدتها بواسطة سكين كبير، لتشذيب الأغصان، وهي نفس في نفس الوقت وظيفة جون، لكن القاتل لم يكتف بذلك بل رش الطابق الأرضي بالغاز وأشعل النار قبل أن يفر.
حينما شب الحريق أدى الى استيقاظ الخادمات، في هذه الأثناء هرول جون لي مسرعا نحو المنازل القريبة لطلب النجدة، الغريب في الأمر هو أن جون اخبر الجيران عن موت السيدة كيز مع انه لم يكن قد رأى جثتها بعد!، ثم عاد مسرعا إلى المنزل الذي كانت النيران تضطرم داخله وقام بإنقاذ الخادمة جان التي كانت محاصرة في غرفتها بالطابق العلوي.
أثناء إنقاذها انتبهت الخادمة إلى وجود جرح نازف على يد جون الذي زعم لاحقا أنه جرح يده أثناء كسره لزجاج نافذة الخادمة بينما كان يهم بإخراجها من الغرفة، لكن الشرطة توصلت فيما بعد إلى أن النافذة كسرت من الخارج وليس من الداخل، كما نفت الخادمة مشاهدتها لجون لي وهو يكسر زجاج نافذتها،
بعد ذلك عثرت الشرطة على قنينة غاز فارغة عليها آثار دماء في غرفة جون الخاصة داخل المنزل، اضافة الى تصرفات جون المشبوهة ليلة مقتل الآنسة كيز والجرح الغامض على يده، كل هذا أدى الى اتهامه بالقتل وتقديمه لمحاكمة سريعة لم تستغرق سوى أسبوعين، ثم أصدر القاضي في نهايتها حكما باعدامه شنقا.
الأكثر غرابة في الموضوع، هو أن جون كان في منتهى الهدوء يوم اعدامه في صباح يوم 23 شباط / فبراير عام 1885، بل انه تناول وجبة فطوره بشهية كبيرة.
ولم يكن مضطربا ولا خائفا من ما سيأتي، ثم ذهب مع السجانين إلى غرفة الإعدام كأنه ذاهب إلى نزهة، لم يقاوم ولم يصرخ كما يفعل الآخرون، كما أنهم لم يضطروا الى حمله قسرا الى غرفة الاعدام، كما أنه لم يفقد سلوكه حتى بعدما لفوا حبل المشنقة حول عنقه.
وقف جون فوق منصة المشنقة وبدا متماسكا وهادئا كأن الأمر لا يعنيه هو شخصيا، في تمام الساعة الثامنة صباحا قام الجلاد بسحب القبضة الخشبية التي تؤدي لفتح الباب السفلي لكن لشدة دهشة الرجل فأن جون ظل واقفا مكانه ولم يهوي نحو الأسفل!. قام الجلاد بأبعاد جون عن المشنقة ثم استدعى ميكانيكي السجن لمعرفة الخلل في الآلة.
الميكانيكي كان متأكدا من سلامة الآلة لأنه قام بفحصها عدة مرات في اليوم السابق، ومع هذا قام بفحصها وتجربتها مجددا أمام الجميع وما أن سحب القبضة الخشبية حتى انفتح الباب السفلي على الفور، كرر الميكانيكي العملية عدة مرات حتى اطمئن الجلاد إلى أن الآلة تعمل بصورة جيدة فقام بإيقاف جون مجددا فوق الباب السفلي ولف حبل المشنقة حول عنقه، ومرة أخرى قام الجلاد بسحب القبضة الخشبية لكن جون ظل واقفا مكانه هذه المرة أيضا.
هذه المرة قام السجانون بإعادة جون إلى زنزانته، ليقوم ميكانيكي السجن بفحص المشنقة بصورة دقيقة لمعرفة مكامن الخلل فيها، هذه العملية استمرت قرابة الساعة حتى تأكد الرجل بأن الآلة تعمل بصورة طبيعية وقاما بتجربتها عدة مرات.
في الساعة التاسعة والنصف صباحا اصطحب السجانون جون من زنزانته إلى غرفة الإعدام للمرة الثانية، وتارة أخرى قام الجلاد بإيقاف جون فوق الباب السفلي ثم لف الحبل حول عنقه. هذه المرة تمهل الجلاد لبرهة قبل سحب القبضة الخشبية كأنه كان يخشى أن تفشل عملية الإعدام مجددا وهو ما حصل بالضبط عندما سحب الرجل القبضة إذ بقى جون واقفا مكانه بهدوء من دون أن يهوي إلى الأسفل!
جميع من شاهدوا ما حدث ذلك اليوم أحسوا برعشة خفيفة تسري في أجسادهم، الجلاد ضرب جبهته بيده وكاد أن يفقد صوابه فيما تراجع السجانون إلى الوراء وهم ينظرون إلى وجوه بعضهم غير مصدقين ما يحدث.
الضابط المكلف بمراقبة تنفيذ الإعدام رفض أن يقف جون على المشنقة مرة أخرى وأمر السجانين بإعادته إلى زنزانته ريثما يقوم بإخبار مدير السجن أولا بتفاصيل ما حدث في ذلك الصباح العجيب. مدير السجن حضر بنفسه إلى غرفة الإعدام واستمع إلى شهادة الجلاد والسجانين حول ما حدث ثم قام بنفسه بسحب القبضة الخشبية فأنفتح الباب السفلي للمشنقة على الفور. مدير السجن أمر بإيقاف الإعدام مؤقتا.
وخلال أيام قليلة وصل الرد من لندن بإلغاء حكم الإعدام الصادر بحق جون لي وتخفيفه إلى عقوبة السجن المؤبد. منذ ذلك اليوم أصبح جون لي مشهورا في انجلترا بأسم "الرجل الذي لم يستطيعوا قتله"