في هذا البلد.. يطلق اسم “أشجار نوح” على أشجار الزيتون نظراً لقدمها
تنتشر أشجار الزيتون بكثرة في لبنان، لكن في قرية بشعلة بمحافظة البترون شمالي البلاد، تتواجد شجرة قديمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إذ قد يعود عمرها إلى أكثر من ألف عام.
تنمو أغصان هذه الشجرة في اتجاهات لا يمكن التنبؤ بها، وتخترق جذوع الأشجار الرمادية الشقوق والثقوب الكبيرة بما يكفي لإخفاء طفل نائم. ويعتقد الكثير من الناس أن عمر هذه الأشجار الحارسة هو آلاف السنين. وتعرف باسم “أشجار نوح” لاعتقاد البعض أن الأشجار هي مصدر غصن الزيتون الذي حملته الحمامة إلى سفينة نوح.
في الواقع، حدد العلماء عمرًا أكثر دقة للعديد من أشجار “بشعلة” اللبنانية ووجدوا أن عمر معظمها حوالي 500 عام. لكن أحدهما، وهو عملاق يبلغ قطره حوالي 14 قدمًا، يبلغ عمره أكثر من 1100 عام. هذه هي أقدم شجرة زيتون في العالم، حسبما أفاد الفريق الشهر الماضي في مجلة Dendrochronologia.
ولم يتم تأريخ العديد من أشجار الزيتون الكبيرة الأخرى بشكل موثوق، على الرغم من الأهمية الثقافية والروحية والاقتصادية لهذه الأشجار في أماكن مثل البحر الأبيض المتوسط.
وقال ج. خوليو كاماريرو، عالم التأريخ الشجري في معهد البيرينيه للبيئة في سرقسطة بإسبانيا، والذي قاد دراسة أشجار “بشعلة”، إن تحديد أعمار أشجار الزيتون علميًا يمثل تحديًا. وقال إن ذلك لأن هذه الأشجار غالبا ما تفتقر إلى حلقات نمو منتظمة. “ليس من السهل رؤية الحلقات.”
وغالباً ما يكون لأشجار الزيتون – التي أظهر العلماء سابقًا أنها يمكن أن تعيش مئات السنين – حلقات نمو سنوية غير منتظمة أو حتى مفقودة. علاوة على ذلك، يمكن لأشجار الزيتون القديمة أن تظهر جذوعًا متعددة وأجزاء داخلية مجوفة وتقلبات نمو أخرى تجعل من الصعب تحديد أعمارها. حتى علماء حلقات الأشجار المحترفين يواجهون مشكلة مع أشجار الزيتون.
وبسبب تلك الصعوبات، حاول الباحثون الوصول إلى عمر أشجار الزيتون بناء على أقطارها، ومع ذلك ربما تكون التقديرات غير مؤكدة، نظرًا لأن خصوبة التربة والظروف المناخية وعوامل أخرى، يمكن أن تؤثر على نمو الشجرة. وفي هذا السياق، قال الدكتور كاماريرو: «الحجم ليس هو نفس العمر».
من جهته، قال بيتر إم. براون، مدير Rocky Mountain Tree-Ring Research، الذي لم يشارك في الدراسة الجديدة، إن أشجار الزيتون لم تتم دراستها عمومًا نتيجة لذلك. وأضاف: “لم يول أحد اهتمامًا كبيرًا بالزيتون بسبب صعوبة إجراء أبحاث حول حلقات الأشجار معهم.”
وسافر كاماريرو مع مجموعة من الباحثين إلى بشعلة عام 2018، وقطعوا عينات أخشاب من 11 شجرة زيتون، بعد الحصول على إذن من وجهاء القرية. وخطط الباحثون لاستخدام التأريخ بالكربون لتقييم عمر كل شجرة وفق العينات.
وبالتحليل، حصل الباحثون على تقديرات موثوقة لعمر 4 أشجار، من المحتمل أن يتراوح عمر 3 منها بين 500 و700 عام، بينما عمر واحدة منهم حوالي 1100 عام.
ولفت عالم الزراعة بجامعة قرطبة في إسبانيا، والذي لم يشارك في الدراسة، كونسيبسيون مونيوز دييز، أن هذه الأعمار منطقية.
وأضاف أنه من المهم الأخذ في الاعتبار أن أشجار الزيتون في بشعلة ربما زُرعت عن طريق تطعيم جزء من الشجرة بجذور كانت موجودة بالفعل، وتابع: “لا يعرفون ما إذا كانت الأشجار مطعمة”.
وعملية التطعيم الزراعية تتضمن دمج أو نقل جزء من نبات إلى آخر، لتحسين نوع الثمار.
وفي ظل احتمالية أن يكون الحصول على العينات من الجزء الأقدم والذي لا يمثل الشجرة بكاملها، قال كاماريرو، إن هناك احتمالا آخر، هو أن تكون العينات من الجزء الأحدث، وبالتالي نتحدث هنا عن أن عمر تلك الأشجار أكبر من النتائج التي تم التوصل إليها.