أخبار الآن | قرطاج – تونس (أ ف ب)
يروي فيلم تدمر الذي قدم ضمن فعاليات مهرجان قرطاج السينمائي في دورته السابعة والعشرين قصص التعذيب والمعاناة لمعتقلين لبنانيين سابقين خلال سنوات الحبس الطويلة في سجون الاسد، في عمل يمزج بين النمط الوثائقي والاعادة التمثيلية للاحداث.
أقرأ أيضا: "فيلكومن دي بين هارلمانز" فيلم جديد يتناول أزمة اللاجئين في المانيا
وتقول مونيكا بورغمان التي اخرجت العمل الى جانب زوجها الناشط الحقوقي اللبناني لقمان سليم، لوكالة فرانس برس إن المشاركين في الفيلم يدركون أنه ليس عملا عن الماضي بل عن الحاضر، انهم الناطقون باسم كل الصامتين او الذين لا يستطيعون الكلام
ويمزج الفيلم الذي اقبل عليه جمهور كبير من رواد المهرجان التونسي خلال عرضه ، بين التوثيق الأمين للاحداث واعادة الصياغة التمثيلية إذ تعود الشخصيات التي عاشت تلك المعاناة لتأدية دور الضحية والجلاد معا.
ويتضمن الفيلم مقابلات مع معتقلين لبنانيين سابقين في السجون السورية اضافة الى اداء تمثيلي لما عاشوه في هذه المعتقلات من حالات تعذيب وتنكيل.
وتوضح بورغمان "في مكان ما شعرنا ان العبارات لم تعد كافية، وقد جاء الاداء التعبيري الجسدي من السجناء انفسهم حين بدأوا يتحركون ليصفوا امامنا ما عاشوه".
ويعود اكثر من خمسة وعشرين رجلا من السجناء اللبنانيين السابقين في السجون السورية، لاستعادة ذلك الماضي الموجع، هذه المرة بعد ان اختاروا مدرسة مهجورة في ضواحي بيروت حولوها الى ما يشبه معتقل تدمر السوري الذي تتنوع فيه اساليب التعذيب وتتكرر لدرجة ان الاحياء يفضلون الموت على تلك الحياة، بحسب ما تروي المخرجة.
العلاج بالبوح
تعود فكرة العمل الى العام 2009 حين التقت المخرجة بجمعية مدافعة عن حقوق السجناء اللبنانيين في السجون السورية، اثناء معرض نظمته جمعية أمم الحقوقية اللبنانية عن مفقودي الحرب اللبنانية.
وبدأ العمل على الفكرة لعرض مسرحي قدم في بيروت عام 2012، حيث كان السجناء السابقون يقفون على خشبة المسرح ليرتجلوا حكاياتهم حول المعتقل امام الجمهور. لكن الارتجال لم يعد ممكنا حين طلب العمل ليعرض في خمس مدن المانية، اذ كان علينا ترجمة العمل الى الالمانية، وخلال اربعة اشهر تدرب المعتقلون على تأدية ادوارهم وتحولت الشهادات الى نص مكتوب وفق بورغمان.
كذلك كان من الصعب للفيلم الاعتماد بدرجة كبيرة على الارتجال مع 23 شخصا في عنبر واحد، لذلك وانطلاقا من حكاياتهم تم تدوين نص او صيغة مكتوبة بينما كان هامش الارتجال مفتوحا لسجناء العنابر الفردية في العرض المسرحي، كما في الفيلم.
وتضيف بورغمان التي توقع عملها مع شريك حياتها لقمان سليم الذي يتقاسم معها العمل على الذاكرة حين فكرنا في الفيلم، لم نكن نتصور ان الرجال سيتمكنون من الوصول الى حيث وصلوا في البوح، ولم اكن اتصور هذا الشكل الراهن للفيلم واعتقد اننا وصلنا الى هذه النتيجة تحديدا بفعل مسار طويل جدا.
أقرأ أيضا:فيلم "زهرة حلب" يفتتح مهرجان أيام قرطاج السينمائية في تونس
اما عن طريقة عملهما المشترك على اخراج الفيلم، فتوضح بأن هناك توزيعا للادوار فلقمان سليم هو من اجرى المقابلات، وخلال مرحلة المونتاج، كان على مسافة صحيحة تسمح بتصويب الاشياء بينما كنت انا في صلب عملية المونتاج، ملتصقة به دون اية مسافة.
ويظهر السجناء السابقون امام المشاهد وكانهم يتحررون من ذلك الماضي الثقيل رغم علاماته الباقية على اجسادهم وارواحهم.
ويتحول البوح في الفيلم بحسب المخرجة الى نوع من العلاج الذي يحقق لهم ايجابية ما، اذ ان هؤلاء الرجال اقوياء جدا وكانوا سعيدين بالعرض الخاص الذي اقمناه لهم، بعد ان انجز الفيلم تماما، كان الامر مؤثرا جدا.
لكن من بين التجارب الصعبة التي لم يخض فيها الفيلم، جوانب التعذيب الجنسي التي خضع لها السجناء وهي حالات فضل الرجال عدم التطرق اليها لحساسيتها الشديدة.
وتنشط جمعية أمم في العمل على الذاكرة الجماعية للحرب اللبنانية، وقد انجزت ضمن هذا الاطار عددا من الافلام والمعارض وورش العمل، وهي تعمل حاليا على ورشة ذاكرة قيد الانشاء.
وعملت الجمعية بداية على رصد تأثير ماضي الحرب اللبنانية على حاضر اللبنانيين، بينما هي تقوم اليوم برصد الحاضر في ارتباطه بماضي تلك الحرب.
أقرأ أيضا:
لاجئ سوري مدعو ليشارك نجمة الغناء البريطانية "جيسي جاي" حفلها في لندن