السلطات الصينية تقمع النجوم وتحاربهم على الانترنت
- الحزب الشيوعي الصّيني يقوم بقمع النجوم ونوادي المعجبين في البلاد
- أصبحت صناعة الترفيه في الصين هي العنصر الأحدث الذي يقع في مرمى نيران الحزب الشيوعي الحاكم
- السلطات الصينية تحذف مواداً مرتبطة بالمشاهير من الانترنت
نشرت شبكة “CNN” الأمريكية تقريراً أشارت فيه إلى أنّ الحزب الشيوعي الصيني يقوم بقمع النجوم في البلاد.
وجاءت حملة القمع بسرعة وكاسحة، إذ قضت على بعض أكبر النجوم ونوادي المعجبين في الصين في غضون أيام.
وخلال الأسبوع الماضي، أصبحت صناعة الترفيه في الصين هي العنصر الأحدث الذي يقع في مرمى نيران الحزب الشيوعي الحاكم، بعد قمع شي جين بينغ للمعارضة السياسية والنشاط الاجتماعي والليبرالية الأيديولوجية والشركات الخاصة.
ورأت زاهو وي، إحدى الممثلات الصينيات البارزات، إن كل ما يرتبط بها على الانترنت قد جرى حذفه في البلاد بين ليلة وضحاها.
وفعلياً، فإن صفحة معجبي وي على موقع “ويبو” الصيني قد جرى توقيفها، كذلك فإنّ الأفلام التي لعبت فيها وي دور البطولة وبعضها يعود إلى ما قبل عقدين، قد تمت إزالتها من منصات البث، كما أزيل اسمها أيضاً من قوائم الممثلين.
كذلك، فقد أزال المذيعون ومواقع الفيديو في الصين أعمال تشنغ شوانغ، الممثلة الصينية البارزة الأخرى التي تم تغريمها 46 مليون دولار بتهمة التهرب الضريبي يوم الجمعة.
وجاءت إزالة الأعمال في الوقت الذي تداول فيه ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي قائمة سوداء وضعتها السلطات البث الصينية وتضمّ أسماء “مشاهير يسيئون التصرف”.
وكان كل من تشاو وتشينغ على القائمة، بالإضافة إلى نجم البوب الصّيني الكندي كريس وو ، الذي تم اعتقاله للاشتباه في تعرضه للاغتصاب هذا الشهر. ولم يتضح على الفور سبب استهداف تشاو.
وعلى الرغم من أن الحكومة استهدفت المشاهير الصّينيين من قبل، إلا أن الحملة الأخيرة أوسع نطاقا ًوأكثر قسوة، حيث تم إزالة أي شيء يرتبط بهم من الإنترنت في البلاد.
كذلك، استهدفت السلطات ثقافة المعجبين المشاهير التي تحظى بشعبية بين شباب الصّين. ووفقاً لـ”CNN”، فقد أعلنت إدارة الفضاء الإلكتروني الصينية (CAC) يوم الجمعة عن 10 إجراءات “لتنظيف” ما أسمته “فوضى” نوادي مشجعي المشاهير، بما في ذلك حظر أي محاولة لتصنيف المشاهير على أساس الشعبية، وتشديد القوانين حول وكالات المواهب والمعجبين. وفي اليوم السابق، ألغت منصة الفيديو الشهيرة “iQiyi” جميع عروض المواهب، ووصفتها بأنها “غير صحية”.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي الصّينية، قالت بعض التعليقات إن حملة القمع تذكرنا بالثورة الثقافية، وهي عقد من الاضطرابات السياسية والاجتماعية بين عامي 1966 و 1976 اقتصرت خلالها الفنون والثقافة على الترويج للدعاية الحزبية.
والحزب الشيوعي، الذي ينظر إلى الثقافة الشعبية على أنها ساحة معركة إيديولوجية رئيسية، أبقى قيوداً صارمة لفترة طويلة على قطاع الترفيه، إلا أنه في المقابل جرى تشجيع ودعم الأفلام والعروض المحلية التي تهدف إلى جذب الجمهور الصّيني من هوليوود وغيرها من الإنتاجات الأجنبية.
غير أنه في عهد شي (الرئيس الصّيني)، أصبح الحزب مهووساً بالسيطرة الأيديولوجية والثقافية. وفعلياً، يُنظر إلى انبهار النجومية وثورة المعجبين بشكل متزايد على أنهما تأثير خطير وخبيث خصوصاً على شباب البلاد.
وعلى مدى عقود، كان النمو الاقتصادي القوي ركيزة أساسية لشرعية الحزب. ومع تباطؤ الاقتصاد الصّيني، دعا شي إلى الحاجة إلى “الرخاء المشترك” وتعهد بإعادة توزيع الثروة، حيث كان المشاهير وكبار رجال الأعمال من بين أول من يتحمل العبء الأكبر.
والدخل المرتفع لبعض المشاهير في القائمة الأولى هو تذكير صارخ بفجوة الثروة المتفاقمة في الصين. وبحسب ما ورد حصلت تشنغ على أكثر من 24 مليون دولار لمدة شهرين ونصف الشهر من تصوير دراما رومانسية، وحققت متوسط أجر يومي يزيد عن 300000 دولار. وفي العام الماضي، على سبيل المقارنة، كشف رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ أن أكثر من 600 مليون صيني يكسبون بالكاد 140 دولاراً في الشهر.
ومن منظور أيديولوجي، يريد الحزب أن يصبح المشاهير قدوة في المساعدة على تعزيز قيم مثل الوطنية والحب للحكومة.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، عمل الممثلون والمغنون والمؤثرون وغيرهم من الفنانين في كثير من الأحيان كمدافعين أقوياء عن الحكومة الصينية، وتحدثوا في دعم شرطة هونغ كونغ خلال الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية عام 2019. ومع هذا، فقد سارع الممثلون الناجحون أيضاً إلى الظهور في الأفلام الوطنية والبرامج التلفزيونية، ويشعر المشاهير بشكل متزايد بأنهم مضطرون للتبرع بملايين الدولارات في شكل تبرعات عند وقوع كارثة كبرى.
غير أن ذلك لا يعتبر كافٍ، ويرى الحزب أن أسلوب الحياة الباهظ لبعض المشاهير علامة على الانحلال الأخلاقي. كذلك، أثارت الإجراءات المتطرفة التي اتخذها بعض المعجبين للدفاع عن الفنانين مثل الإساءة عبر الإنترنت مخاوف أيضاً.
ويوم السبت، انتقدت هيئة مراقبة مكافحة الفساد التابعة للحزب ما وصفته بثقافة المشاهير “السامة”، متهمة إياها “بالدعوة إلى قيم خاطئة” لدى الشباب الصيني.
وقالت الهيئة في بيان: “إذا لم يتم توجيهها وتغييرها، فسيكون لها تأثير مدمر هائل على الحياة المستقبلية للشباب والأخلاق الاجتماعية”.
لكن الأهم من ذلك، أن الحزب يشعر بالقلق من ولاء كبار المشاهير من بين المشجعين الشباب، الذين أظهروا قدرة ملحوظة، سواء عبر الإنترنت أو خارجها، على التعبئة لدعمهم.
وبعد اعتقال وو، دعا بعض المعجبين علنًا إلى “عملية إنقاذ” للمساعدة في تحريره من الشرطة، مما أدى إلى فرض الرقابة على الحزب ووسائل الإعلام الحكومية.
وفي حين أن القليل من الناس قد يأخذون خطة “الهروب من السجن” على محمل الجد، إلا أنه بالنسبة لحزب حاكم مهووس بالحفاظ على الاستقرار والسيطرة، فإنها بمثابة تحذير من أن بعض الشباب في البلاد على استعداد لتحدي سلطته في موضوع عبادة آخر غير نفسه.
أما بالنسبة للمنظمين الصينيين، فقد كانوا صريحين بشأن النوايا السياسية وراء حملة القمع.
وفي بيانها يوم الجمعة، حثت “CAC” مختلف السلطات على تنفيذ حملة القمع “بحس من المسؤولية والرسالة والإلحاح”، وأن تضع في الاعتبار أنها ولدت من الحاجة إلى “حماية الأمن السياسي والأمن الأيديولوجي على الإنترنت”.