دراما رمضان ارتبطت بنجوم كبار من الثمانينات والتسعيننات
غالبا ما يكون الأسبوع الأول من رمضان عبارة عن تجمعات أسرية، ومحاولة لضبط مواعيد الاستيقاظ والنوم، وحالة رفض لمعظم الأعمال الدرامية التي يصعب الارتباط بها من الأسبوع الأول.
في حين يبدأ الجمهور في المتابعة والالتفاف حول بعض تلك الأعمال مع نهاية أول أسبوع ووضع أعينهم علي الأعمال التي جذبت الانتباه لها في أولي حلقاتها.
غالبا هذا ما يحدث مع معظم المشاهدين خلال السنوات القليلة الماضية بينما يعود من تخطوا الثلاثينات من أعمارهم لرمضان ” بتاع زمان“ الذي يصعب تخطي طقوسه ومسلسلاته وبرامجه وفوازيره.
وهنا سوف يحاول البعض المقارنة بين رمضان زمان والحالي إلا أن هذه المقارنة دائما ما تكون ظالمة لنجوم الجيل الحالي الذين يحاولون دائما إرضاء جمهور تعايش مع فوازير عمو فؤاد ونيللي وفطوطة وشيريهان واستمتعوا بأحاديث إمام الدعاة الشعراوي وتابعوا حلقات طارق حبيب ومواويل سيد مكاوي وكاريكاتير رمسيس وشاهدوا مسلسلات أسامه أنور عكاشة وبوجي وطمطم وبكار.
حتي من لم يعاصر هذا الفن فهو يعرفه أو شاهده من خلال اليوتيوب، عالم مختلف من السحر والجمال صنعه كل هؤلاء ليحفروا ببصماتهم في شهر رمضان ويفتحوا المجال لكل المبدعين للاجتهاد ومنافسة ما قدمه هؤلاء العظماء لإضفاء البهجة والسعادة علي روح شهر الخير والكرم.
وفي هذه المساحة الصغيرة قررنا الاحتفال بكل من ادخلوا السعادة في قلوبنا بأعمالهم الرمضانية السابقة باعتبارهم صناع السعادة الرمضانية منذ سنوات.
فوازير رمضان
منذ سنوات طويلة كانت الفوازير وجبة رئيسية في شهر رمضان، وكان أبطال الفوازير هم نيللي وشريهان وسمير غانم، ورغم محاولات بعض النجوم لتقديم هذا اللون والمنافسة به بعد ذلك، لكن دون إحداث التأثير المطلوب.
كانت الاكسسوارات والبروفات والاستعراضات، أهم عوامل نجاح الفوازير، التي كانت تحتاج وقت طويل، وتفرغ تام من الممثل، ما جعل الجيل الحالي يكتفى بفوازير زمان، ويشاهدها على أنها من الأشياء التراثية التي لن تكرر، بعد أن عرف شهر رمضان قديما بأنه “موسم الفوازير“.
سمير غانم
فطوطة، قزم ظريف بملابس خضراء فضفاضة وشعر كثيف وحذاء كبير، هكذا حفرت الصورة الذهنية لشخصية فطوطة الذي أدى دوره الفنان الراحل سمير غانم في أذهان المشاهدين.
كانت شخصية فطوطة الكوميدية هي الأشهر للرجل القزم، والفوازير التى كان يقدمها تعتبر من أبرز الفوازير الرمضانية التى ظهرت في الثمانينيات وأصبحت أحد رموز فوازير رمضان التى يحفظها الجمهور عن ظهر قلب.
نيللي وشريهان
النجمة شريهان اعتبرها الجمهور موهبة فذة، لديها القدرة على سحر المشاهدين من خلال استعراضاتها وخفة ظلها، وجودة الفوازير التي قدمتها، وهو ما مكنها، من تقديم أكثر من عمل للفوازير وأصبحت علامة مميزة في هذا المجال، مثل “ألف ليلة وليلة”، “ورد شان”، “حاجات ومحتاجات”، “عروسة البحور”، و”فاطيمة وكريمة وحليمة”، وجميعها فوازير استعراضية لملكة الفوازير التى لم تتكرر موهبتها حتى الآن.
وأيضاً من خلال الفوازير المتميزة التي قدمتها استطاعت الفنانة الاستعراضية نيللي أن تتربع على عرش الفوازير، في الفترة منذ منتصف السبعينات حتى التسعينيات، بتقديم عدة فوازير، أبرزها: “الخاطبة”، “عروستى”، “عالم ورق”، “صورة وفزورة”، صندوق الدنيا” و”أم العريف“.
فوازير عمو فؤاد
ظلت العديد من الأجيال، تنتظر حلول الساعة ٣:٣٠ عصرًا طوال شهر رمضان المبارك، فى الثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضى، لمشاهدة فوازير “عمو فؤاد”، التى كانت تعرض على القناة الأولى بالتليفزيون المصري.
الفوازير كانت بطولة الكوميديان الكبير الراحل فؤاد المهندس، الذى نجح من خلال فوازيره الشهيرة، فى التأثير على أجيال، وحرصه على تقديم رسائل هادفة من خلال فنه الراقى، الذى تميز بخفة روحه وكاريزمته التى لن تتكرر، وقدّم ما يقرب من ١٠ مواسم رمضانية ناجحة.
ثانيا.. برامج رمضان
“رمسيس زخارى”
مئات اللوحات والشخصيات التي أضاف إليها لمساته الخاصة، عكس انفعالاتها واستطاع أن ينقلها بالصوت والصورة، بين الفنانين العظماء والمثقفين والعلماء سبح بريشته ما يزيد عن عشرين عاماً، فتح منذ بدايتها نافذه صغيره أطل منها مع ضيوفه على المشاهدين الذين تجمعوا حول شاشه التليفزيون باللونين الأبيض والأسود، لمتابعه أول برنامج تليفزيونى في شهر رمضان، فتح من خلاله فنان الكاريكاتير المبدع رمسيس زخارى باباً لبرامج تليفزيونيه تمتلئ بها شاشات رمضان حتى اليوم.
إبراهيم نصر
بموسيقاه المميزة وشخصياته المتعددة، استطاع الفنان الراحل إبراهيم نصر أن يحجز مكانًا بين نجوم الفن في الوطن العربي، وأصبح الأشهر في برامج المقالب، من خلال “الكاميرا الخفية” التي تعدت عدد حلقاته 600 حلقة.
واعتاد تقديمه في شهر رمضان لعدة سنوات، خاصة مع شخصية زكية زكريا التي حققت نجاحًا مدويًا.
وتعد شخصية “زكية زكريا” أحد أكثر الشخصيات شهرة والتي قدمها خلال المقالب، بجانب جملته الشهيرة انفخ البلالين يا نجاتي.
طارق حبيب
طارق حبيب إعلامي ومقدم برامج شهير عمل لفترة في مجال البنوك كمدير لبنك أمريكان أكسبريس وبدأ العمل في التلفزيون المصري عام 1970، وكان له السبق في أنه أول من سجل لقاء مع الأدباء الكبار في مصر أمثال طه حسين، ونجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، وكذا الرئيس الفرنسي ديستان، والملك قسطنطين آخر ملوك اليونان، والزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا، وملكة مصر والسودان ناريمان، وملكة الأردن دينا عبد الحميد، وحاور الدكتور مصطفى محمود والشيخ محمد متولي الشعراوي والموسيقار محمد عبد الوهاب، وعشرات النجوم الذين قدم بعضهم في كتاب بعنوان «هؤلاء من الألف للياء.
وكان محاور ماهر له أسلوب مشوق في تقدم برامجه. من أشهر البرامج التي قدمها: “أهلا وسهلاً”، و”حروف وألوف”، و”أتوجراف”، “الكورة فن”، و”مِن الألف إلى الياء”، و”فلاش”، و”تليسكوب”، و”أمس واليوم وغداً”، و”كرسي الاعتراف”.
الشعراوي
كان الشيخ محمد متولي الشعراوي أحد علامات شهر رمضان المسجلة والتى لا يمكن أن يشعر الصائم بقرب الإفطار إلا عندما يشاهد برنامجه “حديث الروح”، والذى تربي عليه أجيال كثيرة.
وقد كان لشهر رمضان مكانة خاصة عند إمام الدعاة حيث كان كثير التحذير من الإسراف في الطعام والشراب فى هذا الشهر الفضيل قبيل حلوله، وكان دائم النصح للجميع بحسن استغلال هذه الأيام المباركة في العبادة والتقرب إلى الله.
أما برنامج “خواطر الشعراوى” الذى كان يعرض على شاشة القناة الأولى وإذاعة القرآن الكريم، لإمام الدعاة، فعندما تشير عقارب الساعة إلى تبقي ٢٠ دقيقة فقط على أذان المغرب فى رمضان، نجد جميع الصائمين فى البيوت والمحلات والمقاهى والشوارع والشركات يلتفون حول “خواطر الشعراوى” يستمتعون بتفسير آيات القرآن الكريم، يهون عليهم يوم كامل من عناء ومشقة الصيام ويروى الشعراوى بأسلوبه الجميل عطش الصائمين وبطريقته الساحرة البسيطة الجاذبة لكل الأعمار، ينصت إليه الجميع منتظرين أن يمضى الوقت لينطلق مدفع الإفطار.
وعاما بعد عام أصبح البرنامج من الوجبات الروحانية التى تلتف حوله الأسرة، ورغم رحيل الشيخ الشعراوى عام ١٩٩٨ إلا أنه الحاضر الغائب على مائدة الإفطار فى رمضان، ومعه تهل روائح الشهر الكريم ويشعر الصائمون برمضان من خلال نبراته وصوته الفريد وأدائه المميز الذى يستحيل أن تتوه عنه أو يصعب عليك معرفته ولو للحظة واحدة، ويمكننا بلا مبالغة أو جدال ومن خلال الواقع الذى نعيشه، أن نؤكد على أن “خواطر وأدعية الشعراوى” ارتبطت بالصائمين فى رمضان.
المسحراتي
شيخ الملحنين سيد مكاوى، المتربع فى وجداننا، الحاضر دوما فى خاطرنا، بشخصية “المسحراتى” الذى دخل ــ ولا يزال ــ معظم البيوت المصرية والعربية، موقظا النائمين، ومنبها الغافلين عن واجباتهم، تجاه أنفسهم وأوطانهم في شهر رمضان الكريم.
نعم سيظل “المسحراتى سيد مكاوى” يوقظ فينا بكلمات أبو شعراء العامية، فؤاد حداد كل ما هو جميل فى هذا الوطن،
رحم الله الشيخ سيد مكاوى، كلما صحى النائم ووحد الرزاق، وقال “نويت بكره إن حييت الشهر صايم والفجر قايم”.. ورمضان كريم.
ثالثا.. أشهر مسلسلات زمان
“بوجي وطمطم”
ارتبط جيل الثمانينيات والتسعينيات بمسلسل الأطفال الشهير “بوجى وطمطم”، الذى ظل يتابعه طوال 18 سنة هي فترة عرضه، حيث أصبح أحد طقوس الأطفال خلال شهر رمضان وهو التجمع حول التليفزيون بعد أذان المغرب لمشاهدة المسلسل، وبعد انتهاء عرضه، ما زال يتذكره جيل الشباب الذى تربى على حلقاته ويشاهده بشغف.
ويعد بداية مسلسل العرائس الأشهر في مصر والعالم العربي، عام 1983 علي يد الراحل محمود رحمي، مؤلف ومخرج “بوجي وطمطم”، الذي استطاع أن يخلق شخصياته ويبث الروح بعرائس أحبها الجمهور وألف رؤيتها في رمضان، واعتبرها من أفراد عائلته.
“الشهد والدموع”
وخلاف ذلك سوف تكتشف أن هناك أعمال درامية رمضانية ما زالت محفورة بنجومها وأحداثها ومؤلفيها ومخرجيها مهما مرت الأيام والسنوات، من ينسي “الشهد والدموع”
وهو واحد من روائع الدراما المصرية، نجح في أن يحظى بنسب مشاهدة واسعة، ليصبح منذ عرضه في موسم رمضان سنة 1984، جزءا من وجدان جمهور الوطن العربي كله.
ليالي الحلمية
أما مسلسل “ليالي الحلمية” فقد نجح بأجزائه الخمسة في تحقيق نسب مشاهدة ليس لها مثيل طوال سنوات عرضه خلال المواسم الرمضانية المتتالية، ليصبح مع الوقت جزء لا يتجزأ من طقوس شهر رمضان خلال فترة الثمينينات.
“رأفت الهجان”
ومن أهم أعمال الدراما في رمضان ظهرت ملحمة وطنية من طراز خاص طل علينا بها النجم محمود عبد العزيز بشخصية “رأفت الهجان”، إلى جانب النجم الكبير يوسف شعبان، والذي أجاد في تجسيد دور “محسن بيه ممتاز”، ليرتبط المشاهد العربي في مختلف أرجاء هذا الوطن الكبير بشاشة التلفزيون الرمضانية خلال موسمين متتاليين.
“المال والبنون”
هناك أيضا مسلسل المال والبنون بجزأيه حيث نجحا في الإحتفاظ بمتابعة الملايين منهذ عرض جزأه الأول سنة 1993 إلى يومنا الحالي، ليصبح واحد من أهم علامات الدراما المصرية والعربية.
ضم فريق العمل كل من النجوم عبد الله غيث ويوسف شعبان وأحمد عبد العزيز وشريف منير وهادي الجيار، وغيرهم.
تترات رمضان
“رمضان زمان” لم يشهد هذا السيل من المسلسلات، رغم كثرتها أيضا مقارنة بباقي شهور العام، إلا أن العدد لم يكن بهذه الكثافة، ربما يرجع ذلك، بجانب قلة منصات البث، إلى أن الأعمال كانت تقوم على أيدي عمالقة الفن في مصر والعالم العربي.
لم يكن هناك مسلسلا عاديا وآخر ضخم، بل كانت، تقريبا، جميع الأعمال ملحمية من هذا التنوع الذي يترك بصمة خالدة في ذاكرة المشاهدين وفي تاريخ الدراما المصرية والعربية.
ولأن المخرج والمؤلف والممثلين كانوا من عمالقة الفن، كان لابد أن يكتمل المشهد بعمالقة أشعار وألحان وغناء من صناع المقدمات الموسيقية.
وببحث بسيط عن المسلسلات في الفترة بين 1980 و2000، ستجد أن أكثر من 80% من أِشهرها وأكثرها قيمة كانت بمقدمات موسيقية من تأليف شعراء كالعملاق سيد حجاب، والراحل أحمد فؤاد نجم، والرائع جمال بخيت، والألحان للراحل عمار الشريعي، والفنان راجح داوود، والموسيقار عمر خيرت، و ياسر عبد الرحمن.
أما المطربين، فهناك أصوات يستطيع أبناء جيل الثمانينات وحدهم تميزها، تألقت في غناء مقدمات الأعمال الفنية ثم خفت نجمهم لأسباب غير معروفة، أشهرهم المطرب حسن فؤاد الذي زين مقدمة مسلسل “أرابيسك” بصوته المحمل بالكثير من الشجن.
“حسن فؤاد” أيضا هو صاحب تتر مسلسل “علي بابا والأربعين حرامي”، الذي قام بأداؤه بخفة متناهية تختلف تماما عن هدوء وشجن “أرابيسك”.
من الأصوات التي استطاعت الاستقرار في وجدان أبناء جيل الثمانينيات والتسعينيات، عاصم فوزي، الفنان الذي أدى مقدمة ونهاية مسلسل “سوق العصر”، بصوته الدافيء، لكنه اختفى عن الساحة الفنية بعدها.
صاحبة الصوت الرقيق “حنان ماضي”، بدأت مشوارها الغنائي بالصدفة أثناء تسجيل تتر مسلسل اللقاء الذي كان من المقرر أن يغنيه “علي الحجار” بمفرده، وكانت تشارك في الفرقة الموسيقية كعازفة كمان، لكن الموسيقار عمر خيرت طلب منها تجربة غناء جزء من التتر، وبعدها طالبها علي الحجار بمشاركته الغناء، بعدها شاركت علي الحجار أيضا في غناء نهاية المسلسل الرمضاني “المال والبنون”
بعدها قدمت حنان ماضي وحدها مسلسل البحار مندي، بأغنية “إسكندرية” من كلمات الراحل أحمد فؤاد نجم، ولا يعلم الكثير من مستمعي الأغنية حاليا أنها في الأساس كانت مقدمة للمسلسل.
أما الفنان علي الحجار فصاحب نصيب الأسد في غناء مقدمات أهم المسلسلات المصرية، وهو نفسه يعتبر أن التترات هي جزء هام من تاريخه الموسيقي الذي شرف بغناؤه في الوقت الذي كان يعتبره عملاقة الغناء أمر هين غير جدير بالاهتمام.
“محمد الحلو” هو السبب في أن تظل جملة “عمار يا اسكندرية” من الأقوال المأثورة التي يتداولها الناس كلما جاءت سيرة المدينة الساحرة، بعد أن قام بأداء تتر مسلسل “زيزينيا” وظل صوته في ذاكرة وآذان كل أبناء هذا الجيل والأجيال التي تلته.
أما “ليالي الحلمية” والكلمات المميزة للشاعر الكبير سيد حجاب، فصوت “محمد الحلو” أضاف سحرا خاصا للكلمات بأداءه المقدمة والنهاية الموسيقية للمسلسل.
“هدى عمار” من الأصوات التي تركت بصمة في تاريخ المقدمات الغنائية للمسلسلات رغم قلة مشاركتها، إلا أن العمل الأشهر«هوانم جاردن سيتي» الذي قامت بأداء مقدمته بنعومة بالغة وطريقة مميزة للدرجة التي تجعل مجرد تخيل استبدالها بصوت آخر من المستحيلات.