الكمان.. واحد من الآلات الموسيقية ذات الأهمية البالغة
عندما نتحدث عن الآلات الموسيقية التي كان لها وجود منذ زمن بعيد في حياة البشرية؛ لا بد أن يكون الكمان واحداً منها. كان الكمان ولا زال واحداً من الآلات الموسيقية ذات الأهمية البالغة في أداء عازفي الأوركسترا منذ زمنٍ طويل، إلا أن الأشخاص الذين لا يندرج الكمان ضمن اهتماماتهم قد لا يعلمون شيئاً عن تاريخ هذه الآلة أو عن أنواعها وهذا ما نتطرق إليه في مقالنا هذا اليوم.
تاريخ الكمان
- إن اختراع الكمان تم عبر عملية طويلة الأمد بدأت مع أجداد الكمان الأوائل في الشرق الأوسط (الربابة) حتى انتشاره في أوروبا عبر إسبانيا (الأندلس في ذلك الحين) ثم إيطاليا التي لعبت دوراً كبيراً في انتشار شعبية هذه الآلة. ويمكن القول أن الكمان انتشر في أرجاء أوروبا بسبب التجارة بشكل أساسي.
- أول كمان معروف في التاريخ كان يدعى (Ravanastron) الذي ظهر في العصور الوسطى في الهند حيث احتكره الملوك والنبلاء. فيما بعد قام التجار بنقل هذا الكمان إلى الشرق الأوسط بين القرن السابع والقرن العاشر مما أدى إلى تطوير هذه الآلة التي تعتمد على الأوتار والقوس في كل من آسيا وأفريقيا وأوروبا.
- إن أول أجداد الكمان الحديث المعروفين هو الربابة التي ظهرت خلال القرن الثامن في الشرق الأوسط وانتشرت في آسيا الصغرى ومنها إلى شمال أفريقيا وأوروبا عبر مسارات التجارة الاعتيادية في ذلك الوقت.
- ظهرت بعد ذلك آلة الريبيك (Rebec) التي انتقلت إلى أوروبا بعد الفتوحات العربية لشبه الجزيرة الإيبيرية.
- ظهرت الليرا وهي آلة موسيقية مشابهة للكمان ذات شكل الإجاصة (Lyra) في القرن العاشر حتى الثاني عشر أي خلال ازدهار الامبراطورية البيزنطية والتي لا زالت بعض نسخها موجودة حتى الآن ويتم العزف عليها من قبل الكثيرين.
- ظهرت آلة الفييل (Vielle) التي تميزت بشكلها البيضوي وأوتارها التي تراوح عددها بين (3 و 5) وكانت مجهزة بأوتاد ضبط النغمة.
- وقبل أن يظهر الكمان بنسخته المعاصرة ظهر (Viola da Gamba) وكانت النسخة الأفضل في عصرها.
أنواع الكمان
كمان الباروك (The Baroque Violin)
أول كمان معياري ظهر في القرن السادس عشر، وهو الأب الأساسي للكمان الحديث ويتميز بزاوية أقل للعنق وسماكة تساهم في شد الأوتار. الفرق الوحيد بين نسخة الكمان هذه والكمان الكلاسيكي هو أنّ شدّ الأوتار أقل من الشدّ المعتمد في الكمان الحديث.
بدأ صانعو آلة الكمان بإجراء تعديلاتٍ على كمان الباروك مع تطور تقنيات الصناعة مما خولهم من التوصل إلى معايير صناعة الكمان الجديدة. بالإضافة إلى ذلك يختلف الباروك عن الكمان الحديث باستخدامه لأوتار تتم صناعتها من أحشاء الحيوانات وبأنها مصممة بجسورٍ وألواح أصابع أكثر استقامة من الكمان الحديث.
كانت أقواس كمان الباروك تتميز بانحناء بسيط للجهة الخارجية مما يجعلها تبدو مثل أقواس الرماية، ولا زال العديد من الموسيقيين يستمتعون بالعزف باستخدام أقواس على طراز أقواس الباروك.
الكمان ما قبل الباروك ذو الأوتار (Pre-Baroque Stringed Instruments)
تم اختراع عدة آلات موسيقية مشابهة للكمان قبل التوصل إلى الكمان بشكله الحالي، ومع أن الكثيرين يطلقون على هذه الآلات مصطلح “الطرازات الأولى من الكمان” إلا أن هذه التسمية ليست سليمة بشكل كامل لأن هذه الآلات الموسيقية كانت تعتبر نوعا مغايراً للكمان.
من هذه الآلات نذكر آلة الفيوليتا ذات الأوتار الثلاثة التي كان يتم تثبيتها أثناء العزف تحت الذقن وآلة الليرا التي شاع استخدامها في العصر البيزنطي. وبالرغم من تشابه هذه الآلات مع الكمان المعاصر، إلا أنها مغايرة تماماً وتعتبر آلات منفصلة.
الكمان الكلاسيكي (Classical Violin)
يطلق عليه أيضاً اسم الكمان الصوتي أو الكمان الحديث ولطالما كان جزءاً مهماً من حفلات الموسيقى الفخمة. عندما بدأ الطراز الجديد من أقواس آلة الكمان بالانتشار خلال القرن الثامن عشر والتاسع عشر، ازداد الشد في أوتار هذه الآلة الموسيقية، وفي الحقيقة ما يميز الكمان الحديث عن الكمان الكلاسيكي هو حدة الصوت، بالإضافة إلى ذلك، يتمتع الكمان الحديث بعنق أكثر نحولة.
يستخدم الناس اليوم الكمان الكلاسيكي لتقييم بعض أنواع أو آلات الكمان حيث أن الطراز الكلاسيكي يعتبر أكثر ملائمة بالمقارنة مع غيره من أنواع الكمان بسبب سنادة الذقن المزود بها والتي تساعد العازفين على إمساكه والعزف بشكل مريح.
تقدم الكمان الحديث مع الوقت أصبح مجهزاً بأوتار ذات نوعية أفضل وأجزاء أكثر ملاءمة للعزف مما يساهم في إصدار صوت كمان أشبه بصوت الكمان الكلاسيكي.
كمان ستروه (Stroh Violin)
صممه جون ستروه في القرن التاسع عشر ويطلق عليه أيضاً اسم كمان البوق وعوضاً عن صندوق الصوت يعتمد هذا الكمان على بوق لإصدار النغمات ويوصف صوته بشكل عام بأنه أقوى من الكمان الصوتي التقليدي إلا أنه لا يتمتع بشعبية كبيرة بين العازفين.
الكمان نصف الكهربائي (Semi-Electric Violin)
هو عبارة عن كمان تقليدي مجهز بمعدات تعمل على تكبير الصوت بشكل إلكتروني ويطلق عليه في بعض الأحيان اسم الكمان الصوني الكهربائي. يتميز الكمان نصف الكهربائي بأن صوته أقدر على إبداء خصائص صوت الكمان الصوتي أكثر من الكمان الكهربائي بالكامل.
الكمان الكهربائي (Electric Violin)
يصدر الكمان الكهربائي النغمات والأصوات بشكل كامل اعتماداً على التقنيات الإلكترونية وله أشكال وطرازات عديدة لأنه لا يحتاج إلى صندوق الصوت مما يخول مصممي الآلات الموسيقية من تجاوز الحدود التقليدية عند تصنيعه ويلاحظ أن شعبية هذا النوع من الكمان تزداد يوماً بعد يوم عالمياً.
الكمان الصامت (Silent Violin)
يمكن القول أن هذا النوع من الكمان هو أفضل خيار للأشخاص الذين يودون تعلم العزف على الكمان، ومع أن الاسم يشير إلى أنه لا يصدر أي صوت إلا أن ذلك غير صحيح. الكمان الصامت عبارة عن كمان كهربائي مزود بمأخذ سماعات للأذنين أي أن الشخص قادر على سماع النغمات التي يعزفها دون أن يزعج من حوله.
بالرغم من الفائدة الكبيرة لهذا النوع من الكمان بالنسبة للعازفين المبتدئين والهواة، إلا أنه قد لا يعطي نفس الشعور بتجربة العزف كما أنه يعتبر ذا تكلفة عالية نظراً لأن هناك حاجة لاستبداله بعد إتقان العزف.
كمان فيدل (The Fiddle)
نوع من الكمان تم تحسينه وتعديله لعزف نوع محدد من الموسيقى مثل موسيقى الغرب الأمريكية على سبيل المثال، وعادة ما يفضل عازفو كمان فيدل الأوتار الفولاذية على الأنواع الأخرى من الأوتار.
الفيدل واحد من أنواع الكمان وهو بالتأكيد ليس نوعاً آخر من الآلات الموسيقية بالرغم من الاختلاف بينه وبين الأنواع الأخرى من الكمان من حيث السياق وأسلوب العزف ونوع الموسيقى وتختلف طريقة تعديله بين نوع من الموسيقى وآخر وبين بلد وآخر.
الكمان ذو الأوتار الخمسة (Five-String Violin)
لا يمكن بشكل عام العزف على الكمان ذي الأوتار الخمسة في المقطوعات الكلاسيكية ويستخدمه الموسيقيون بهدف الاستفادة من وتره الإضافي لأغراض إبداعية وللمعزوفات الارتجالية ولهذا يعتبر هذا النوع من الكمان مثالياً في موسيقى الجاز وموسيقى الغرب الأمريكي واللبوغراس والروك و السوينغ.
كمان هاردانجر فيدل (The Hardanger Fiddle)
آلة موسيقية نرويجية مجهزة بخمسة أوتار تحت جسر الكمان تصدر الصوت عند عزف نغمات متقاربة لهم، كما يمكن العزف على هذه الأوتار بواسطة الأصابع عند الحاجة.