أخبار الآن | الأردن – (RFS)
يقول عالم الآثار الفرنسي شارل فيرلو: لكلّ إنسانٍ متحضر في هذا العالم وطنان؛ وطنه الأم وسوريا
ومن هنا كانت الحضارة السورية وتفاصيلها حاضرة عبر التاريخ، وهي اليوم موجودة في قلوب وعقول السوريين أينما ذهبوا، لينقلوا أصالة التراث الدمشقي العتيق عبر فنون مختلفة في الأدب والشعر والفن والنحت.
أقرأ أيضا: ندى المصيطف لاجئة سورية أبهرت الألمان بأطباقها الشهية في برلين
الفنان محي الدين محمد عيد قاسم من مواليد مدينة دمشق 1957، خرج من بلده سوريا إلى الأردن منذ حوالي أربع سنوات، حيث كان يعمل في مجال الديكورات التجميلية وهندسة المزارع والمطاعم الكبرى في دمشق، وذلك من خلال النحت وتصميم الأعمال الفنية بأشكال الصخور والأشجار على شكل مجسّمات فنية مستخدماً مادة اسمنتية بالإضافة إلى مادة الفلّين ليضفي لمسة ساحرة على المكان.
قرر محي الدين أن يجسّد شوقه للشام وحاراتها على طريقته الخاصة، فكان فنّه حاضراً في مجسّم يروي حكايات الشام العتيقة ويُسمع فيه صوت الأذان وتدقّ أجراس الكنائس وتختلط أصوات الباعة بصخب لعب الأطفال الصغار، بأدوات بسيطة صنع هذا الفنان جداريّة مجسّمة لحارة شامية قديمة تبلغ أبعادها 57 سم ارتفاعاً و170 سم طولاً، وعرض 25 سم.
وفي لقاءٍ خاص مع المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية يقول القاسم: صنعتُ هذه اللوحة لتكون تجسيداً لشوقي للشام وحاراتها، أنشأت فيها البيوت على طبيعتها وقمتُ بالاهتمام بالتفاصيل الدقيقة كالأبواب وصنابير المياه والمسجد الذي يكون عادةً في بداية الحارة أو نهايتها، مستعيناً بصديق لي يعمل في الخراطة وذلك لأجسّد ذاكرة المشتاق وأروي للناس الذين لم يزوروا الشام حكاياتنا البسيطة وتاريخنا الجميل وذاكرتنا المفعمة برائحة الياسمين الدمشقي.
وعن المواد المستخدمة في صُنع هذه الجدارية يضيف القاسم: استخدمت في إنشاء هذه اللوحة مواداً بسيطة كالفلّين و "البوليسترين" كما تحتوي على عناصر خشبية ومعدنية كالنحاس، فمن الخشب صنعتُ الأبواب ومن النحاس صنعتُ قبضات الأبواب القديمة بالإضافة إلى عناصر أخرى استخدمتها للشبابيك والشرفات الملوّنة لأعطي الطابع الحقيقي للحارة الشامية.
كما أشار القاسم إلى أن ما دفعه لصناعة هذه اللوحة كان حبّه و شوقه لدمشق، لكنّه فُوجئ عند انتهائه منها بردّة فعل من رآها مضيفاً: تلقّيتُ الكثير من العروض لشراء هذه اللوحة وكان هذا حافزاً لي لأقرر إنشاء ورشة كبيرة لصناعة حارة دمشقية متكاملة ومتنوعة فأجسّد القهوة الشامية والجزار والخضري والسمان والحلاق لإيصال التراث الدمشقي وأصالة الحارة الشامية العتيقة.
ويختم القاسم كلماته بقوله: عندما أنظر الى هذه اللوحة، أشعر بأنني أركض فيها وأتمشى في شوارعها وكأنها شوارع حقيقية، فأتنفس هواء الشام وأشرب من مائها وأسمعها كقصيدة نُظمت في حبّ دمشق وأهلها.
اقرأ أيضا:
تلاميذ مدرسة تركية يتبرعون بمصروفهم لاطفال حلب
اللاجئون السوريون في الأردن تناسوا أوجاعهم وركّزت أمانيهم على "حلب الشهباء"