أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (وكالات)
في بيت قديم، وسط بلدة عرّابة، القريبة من مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، تمارس المسنة الفلسطينية سميحة لحلوح (87عاما)، هواية فن الرسم.
تمسك بيدها المرتجفة ألوانا خشبية وأخرى مائية، ترسم ذكرياتها وكل ما تشاهده عينها، لتكون المتفردة التي تمارس مثل هذه الهواية، وعلى مدى ست سنوات خلت، استطاعت لحلوح، المكناة بـ أم سمير، رسم نحو 400 لوحة متنوعة، تحتفظ بها.
ورسمت أم سمير الزهور والبيوت والحيوانات والطيور، ولكل لوحة قصة، كما تقول في بيتها الذي يعود تاريخ بنائه إلى منتصف القرن الماضي.
إقرأ: سيدة فلسطينية تتحدى واقعها.. وتعلم قيادة الشاحنات
وعن بدايتها في الرسم، تضيف : خُيّل لي أن كلبا يصطاد فريسته، فطلبت من أحد أحفادي أن يشتري لي أقلاما وألوانا ودفترا، وبدأت بالرسم، كانت البداية مضحكة ولكنها جميلة، وأضافت لحلوح: أرسم لأتغلب على وقت الفراغ، أستمتع بذلك وأرسم كل شيء، أفرح لذلك ويفرح لي الناس.
تمسك لوحة للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وتقول: في المنام زارني (عرفات) وطلب مني أن أرسمه، ضحكت وقلت له: صعب بعدني في البداية، لكنه أصر عليّ، وفي الصباح أخبرت أبنائي فأتو لي بصورته (عرفات) ورسمته.
وتحتفظ لحلوح برسوماتها، وترفض أن تهدي أحدا أي منها، لكنها تقول: من يريد أن أرسم له لا أتردد أما رسوماتي، فلا أفرط في أي منها، هي خاصتي، كما تتسامر أم سمير ليلا مع أحفادها، وترسم لهم واجبات مدرسية.
تبتسم وتقول: مرة طلبت مني حفيدتي أن أرسم لها صورة بمناسبة مناهضة العنف ضد المرأة، فرسمت لها رجلا يرتدي قمبازا (لباس تراثي)، ويمسك بيده عقالا (يوضع على الرأس) ويَهمُ بضرب زوجته التي بدورها ترفع يديها خوفا منه.
وعلى مدى عشرات السنوات اشتهرت لحلوح في بلدتها والبلدات المجاورة بحياكة الملابس، فكانت تعد واحدة من أمهر السيدات اللواتي يصنعن الملابس، وما تزال حتى اليوم تحتفظ بآلة الخياطة الخاصة بها.
وتعدت موهبة أم سمير فن الرسم على الدفاتر إلى الرسم على جدار المنزل، حيث زينت جدران منزلها الخارجية برسومات الأزهار، وتخطط ابنتها كفاية لحلوح، بتنظيم معرض لصور والدتها.
وتقول: تبدو الرسومات بسيطة ولكنها تعبر عن قصص، وتحمل كل منها معنى خاص، جسدته والدتي بيدها المرتجفة، بعد أن بلغت هذا العمر، وتضيف الابنة:” تتلقى أمي منا الدعم الكامل، نشجعها ونحن فخورون بها”.
وتابعت: في كثير من الأحيان أشاهد والدتي في الشوارع تقف بجانب بعض الصور وتعيد رسمها على دفترها.
وترى الابنة لحلوح أن والدتها وجدت ضالتها في الرسم، تجسد من خلالها ذكرياتها وآمالها، والأهم أنها قتلت وقت الفراغ بأسلوب ممتع، وأضافت: لم نرها بهذه السعادة من قبل.
ولا تملك أم سمير مرسما خاصا، بل تستخدم فراشا أرضيا بسيطا، كما أنها تعتز كثيرا بلقب الفنانة، حيث تقول: الكل في البلد بحكو (يتحدثوا) عني: الفنانة أم سمير (كنيتها)، وللسيدة لحلوح 23 حفيدا، منهم طلبة على المقاعد الجامعية.
إقرأ أيضاً:
فنانة فلسطينية تعيد تدوير الصحف القديمة لأعمال فنية متميزة
مدينة عربية بين الأقدم عالمياً والأولى مدينة فلسطينية
تابعوا كذلك بثنا المباشر عبر "يوتيوب" لمزيد من البرامج والنشرات