أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة
ما أن وصلت مجموعة من الصحفيين برفقة الممثلة الكويتية سعاد عبد الله إلى مخيم الفاعور للاجئين السوريين في البقاع الأوسط شرقي لبنان حتى تجمهر حولها حوالي 100 طفل يسألونها أين هي كريستال؟.
ثم تهدد فتاة "11 سنة" تبرجت ولبست أجمل ما عندها لتقديم مسرحية هي بطلتها قائلة “إن لم تأت كريستال لن نقدم المسرحية”. فيرد صبي آخر "10 سنوات" ونحن أيضا لن نغني ما تعلمناه طيلة 3 أشهر“. وفقا لرويترز.
فهم القائمون على مشروع "قافلة الفن" الذي اختتم المرحلة الأولى من أعماله بحفلة لأطفال من اللاجئين السوريين واللبنانيين في قرية الفاعور أن كريستال مدني، المعالجة بالدراما، التي كانت من مؤسسي المشروع ودربت الأطفال مرتين أسبوعيا على التمثيل، هي المحفز الأول لهم.
تركت كريستال عملها مع جمعية "لوياك" التي تتخذ من الكويت مقرا لها وافتتح مركزها في لبنان مشروع "قافلة الفن" في يونيو/حزيران 2017 والتحقت بعمل آخر يبعد 20 دقيقة عن المخيم.
لكن إصرار الأطفال على حضورها وتعلقهم بها جعل رئيسة جمعية "لوياك" في لبنان سالي حمود تؤخر موعد الحفلة الختامية للمرحلة الأولى والاتصال بكريستال لتأتي لمساندة أصدقائها فأتت بأقصى سرعة.
وعندما وصلت حضنها الأطفال وقبلوها وصرخوا مرحبين بمدربتهم التي حولتهم من أطفال يعانون من الصدمة ويميلون للعنف إلى أطفال فرحين مبدعين.
بدأت الحفلة بأغنية سيد درويش "الحلوة دي" التي أداها بشكل تمثيلي حوالي 15 طفلا مع آلات موسيقية إيقاعية بمرافقة أستاذ الموسيقى وعازف العود تمام سعيد.
ثم جاء دور أغنية فيروز والأخوين الرحباني "قمرة يا قمرة" مع مجموعة أصغر سنا تتألف من حوالي 20 طفلا تمايلوا ورقصوا وأغمضوا عيونهم كأن كلمات الأغنية تطلع من قلوبهم وليس من أفواههم. انتهت الفقرة الموسيقية مع "يا لور حبك" لفيروز أيضا وأداها حوالي 17 طفلا.
إقرأ: لاجئ سوري يستخدم الموسيقى لغة والعود وسيلة للاندماج بألمانيا
أصوات الأولاد كانت عالية ونبراتهم تشي باعتزاز رغم ما مروا به من مأساة منذ تركوا بلدهم بسبب الحرب قبل أكثر من ست سنوات ثم تتالت المشاهد المسرحية التي شارك فيها حوالي 120 طفلا تتراوح أعمارهم بين ثلاث سنوات و15 سنة.
عروض شملت الأزياء الملونة وتصفيفات الشعر المناسبة للأدوار والإخراج البسيط الذي يتلاءم والمسرح الذي كان عبارة عن طاولات ومقاعد أو عشب اصطناعي تحت مظلة حديدية أقامتها جمعية "لوياك" لتكون ملعبا ومسرحا وملجأ من الحر والشمس والمطر.
وبعد هذا الكم من الفرح والحماسة والعيون اللامعة العطشى للعلم والطامحة بمزيد من التدريبات والاهتمام والمحبة افتتح الأطفال الصغار معرضهم التشكيلي في إحدى القافلات المخصصة للرسم. لوحات تملؤها الحقول والعصافير والأطفال والألعاب التي تعبر عن عالم هؤلاء الصغار.
يستغرب الحاضرون من متطوعين وصحفيين جاؤوا من القاهرة والكويت وبيروت، ويسألون مؤسسة "لوياك فارعة السقاف، والمعالجة بالدراما كريستال مدني ”من أين يأتي هؤلاء الصغار بكل هذه الطاقة الإيجابية؟ وكيف وصلتم إلى هذه النتيجة؟“.
تجيب السقاف ”نعمل كجمعية في الكويت على تمكين الشباب وإيجاد فرص عمل في مختلف البلدان العربية وعملنا مع فئات مهمشة على صعيد التربية والرياضة ووجدنا أن أطفال الحروب يحتاجون إلى الفن“.
وتضيف قائلة ”العلاج بالفن يغسل المشاعر السلبية التي حملتهم إياها أدوات القتل والدمار ويعطيهم مساحة للتعبير عن أنفسهم ليكونوا متوازنين ويعم السلام في أنفسهم ومن خلالهم في المجتمع“.
وتتابع قائلة ”لذا أردنا بدء عملنا مع الأطفال النازحين من خلال مشروع قافلة الفن المؤلف من ثلاث قاطرات تتحول إلى فصول تعلم الأطفال الموسيقى والرسم والفنون الأدائية“. وتشير إلى دمج الأطفال اللبنانيين من أبناء المنطقة مع الأطفال اللاجئين لما يسهل التواصل بين البيئة الحاضنة واللاجئ.
وفي لبنان أكثر من مليون نازح سوري مسجلين لدى المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة 54 في المئة منهم تحت سن الرشد "18 سنة" و482 ألفا منهم في عمر التعليم أي بين ثلاثة أعوام و18 عاما بحسب آخر إحصاء صدر عن المفوضية في 30 يونيو/حزيران 2017. لكن كثيرا من اللاجئين ومنهم في مخيم الفاعور غير مسجلين لدى المفوضية.
تشرح كريستال أن الأطفال كانوا خجولين ويتعاملون بعنف وليس لديهم مهارات اللعب الجماعي يعيشون في فوضى ولم ينالوا الفرصة لاكتشاف طاقاتهم. احتاج الأمر إلى حوالي 10 أيام من العمل المكثف لتنمية الثقة ولبناء علاقة مع الأطفال اللبنانيين ثم بدأ فريق العمل على تنمية قدراتهم الإبداعية كل بحسب رغبته.
وتقول كريستال ”هدفنا إعطاء الأطفال مساحة آمنة للتعبير. هم بحاجة للعب المنظم من أجل البناء المتكامل لشخصيتهم“. وتضيف ”كانوا مصرين على حضوري ليُظهروا لي كم هم تغيّروا وليُثبتوا أنهم نجحوا“.
يبقى الأمر الأهم أن هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى تعليم مدرسي جدي ودورات محو أمية كي لا يمتهنون الحرب التي هجرتهم ويكونون ضحايا مرتين. وهنا توضح سعاد عبد الله ”المشروع جيد وأتمنى أن يتطور ليشمل دورات تعليمية وقراءة مكثفة أو حتى بناء مدارس“.
إقرأ أيضا: في زمن الحرب.. عائلات سورية تجتمع على "واتسآب"