أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – DW
هدايا "الصندوق السعيد" رسالة ترحاب مستمرة من المجتمع المدني الألماني للوافدين الجدد حتى بعد مرور نحو ثلاث سنوات على تدفق موجة اللاجئين. فكيف تلعب مثل هذه المبادرات الشعبية دوراً في الاندماج؟ وما مدى إقبال الألمان عليها؟
لينا بوتمان فتاة ألمانية. حضَّرَت هي وصديقها عدداً من الهدايا لطالبي اللجوء. وسلمتها لفريق مبادرة "الصندوق السعيد"، كي يوزع هداياهما للوافدين الجدد. لكنها لم تتوقف عند حد إهداء اللاجئين، بل إن حماستها الشديدة لهذا المشروع حفزتها لأن تلتحق بفريق "الصندوق السعيد" أو "هابي بوكس" HAPPY BOX".
كان ذلك بالتوازي مع تدفق موجة اللاجئين إلى ألمانيا قبل سنوات. والآن في عام 2017 يكاد الفريق لا يستغنى عن نشاطها المتمثل بجمع الهدايا من الناس في ألمانيا ترحيباً بالوافدين الجدد.
موقف شعبي ألماني ضد كراهية الأجانب
مبادرة "الصندوق السعيد" الرامية لتقديم الهدايا الشعبية للاجئين توجد في مدن ألمانية عديدة مثل: كولونيا ومونستر وبون وهانوفر. لكنها كانت انطلقت من مدينة هايدناو بولاية ساكسونيا شرقي ألمانيا عام 2015 مع مجيء أعداد كبيرة من طالبي اللجوء إلى ألمانيا.
إقرأ: رياضي تخلى عن بطولة ليقف دقيقة صمت على ضحايا برشلونة (فيديو)
وكان الدافع وراء إطلاقها في هذه المدينة بالذات هو أعمال الشغب المناوئة للوافدين الجدد التي وقعت في ذلك الوقت أمام أحد مساكن اللاجئين في هذه المدينة، كما يقول مُطلِق المبادرة ومدير المشروع ماتياس هيرفيكس لموقع مهاجر نيوز، مضيفاً: "لقد أردنا من خلال هذا المشروع إظهار علامة إيجابية لطالبي اللجوء، وكان من المهم بالنسبة إلينا أن يرى سكان مأوى اللاجئين أن أناساً كثيرين في ألمانيا يرغبون في اتخاذ موقف ضد الكراهية والعنف".
ويرى معظم المشاركين في الإهداء أن "هذا المشروع بادرة رائعة نظراً لبساطة إجراءاته وسرعته في إيصال الهدية للمتلقين" من اللاجئين. ويبدي ملتقو الهدايا من الوافدين الجدد شكرهم حين يتلقون صندوق هدايا، وتكون سعادتهم غامرة عند استلامهم هدية، رغم رمزيتها وبساطتها، ويذهبون إلى أعضاء فريق التوزيع ويعانقونهم أو يصفاحونهم بحرارة، "وهذه تماماً الرسالة الجميلة التي يهدف إليها مشروعنا"، كما يقول هيرفيكس.
خطوة مهمة في طريق إدماج الوافدين الجدد
وفي كل مدينة ألمانية يقوم فريق من المدينة نفسها تابع للمشروع بعملية جمع الهدايا. "كل صندوق هدايا يشكل بالنسبة إلينا خطوة مهمة في طريق إدماج الوافدين الجدد في المجتمع الألماني. ونحن فخورون بما نعمله، ونشعر بالحماسة في كل مرة يقع فيها صندوق هدايا في يد شخص لاجئ"، يضيف هيرفيكس لموقع مهاجر نيوز.
يختلف ما يقدمه سكان ألمانيا في هداياهم من شخص إلى آخر. فمنهم من يقدم كأساً للشاي بالإضافة إلى نوع من أنواع الشاي في الهدية الرمزية. ومنهم من يضع في "الصندوق السعيد" لعبة الورق أو حلويات. وفي معظم الأحوال يكتبون تحية شخصية على ورقة ويضعونها في الصندوق، وهذا من الأهمية بمكان في رأي مدير المشروع، فمن خلال ذلك تنشأ حتى صداقات شخصية بين الألمان والوافدين الجدد.
مساواة في الهدايا
ويرى فريق "الصندوق السعيد" أنه من أجل المساواة في الهدايا، ينبغي ألا يتجاوز حجم كل هدية حجم صندوق الأحذية الكرتوني المعروف، وينبغي أن تتراوح القيمة المالية لمحتوى كل صندوق من 15 يورو إلى 20 يورو، وينبغي ألا تتجاوز قيمة الهدايا المالية 10 يوروهات، كي تبقى قيمة الهدية عادلة لجميع المتلقين.
وعند تحضير الهدية يكتب الـمُهدي على الصندوق ما إذا كانت الهدية مناسبة للذكور أو للإناث أم مناسبة لكلا الجنسين، ويكتب الفئة العمرية كذلك: أقل من سنتين أو بين 3 وَ 4 سنوات أو بين 8 وَ 14 سنة. لكن فريق "الصندوق السعيد" يشير إلى أن عدد اللاجئين الشباب هو أكبر من غيرهم من الفئات العمرية، ولذلك فإن
الفريق يفضّل زيادة عدد الهدايا المخصصة للشباب.
ويوصي الفريق بأن تكون الهدايا خليطاً من أشياء شخصية مثل: بطاقة مكتوبة أو صورة أو خريطة للمدينة أو دعوة لتقضية أوقات الفراغ في حفلة للشواء أو للعب تنس الطاولة أوكرة القدم أو لتعلم اللغة الألمانية أو الذهاب إلى السينما المرافقة إلى مرافق السلطات الألمانية، ومواد التعليمية مثل: القواميس والكتب االتعليمية، وألعاب مثل: لعبة الشطرنج وأقلام التلوين، وغيرها من الأشياء المفيدة مثل: الحقائب ومزيلات العرق أو القبعات أو المجوهرات الصناعية والقداحات والجوارب. ويترك الفريق للمُهدين مهمة الإبداع في اقتناء الهدايا.
إقرأ: بالفيديو: مطرب يتوقف عن الغناء لتوبيخ متحرش وقح
كما أن تبديل محتويات صناديق الهدايا -بحيث تكون مناسبة لما يحتاجه المتلقي- هو جزء أيضاً من عمل فريق "الصندوق السعيد". فيسألون اللاجئ عما إذا كانت الهدية ملائمة له وإلا فإنه يتم تبديل الصندوق -أو بعض محتوياته- بصندوق آخر مناسب.
منظمة من المجتمع المدني غير حكومية وغير ربحية
ويقول القائمون على مبادرة "الصندوق السعيد" إن هناك خيارات أخرى بالإمكان دعم هذا المشروع من خلالها، وخصوصاً أن منظمتهم هي منظمة غير حكومية وغير ربحية، وذلك من خلال التبرع للمنظمة مالياً، كي تستمر في هذه المبادرة.
في السنوات الثلاث الماضية تمكن "الصندوق السعيد" عبر إعلاناته في الفضاء الألماني العام وعلى شبكة الإنترنت وخصوصا وسائل التواصل الاجتماعي من جمع 3.600 صندوق هدايا للاجئين، وذلك من سكان 11 مدينة ألمانية، وكما يقول مدير المشروع هيرفيكس لموقع مهاجر نيوز: "من خلال ذلك استطعنا الترحيب بالوافدين الجدد بطريقتنا، وليس ذلك فحسب بل أيضاً سنحت لنا فرصة الشعور بالسرور برؤية وجوههم المبتسمة في كل مرة نقوم فيها بتسليم هدية لأحدهم".
إقرأ أيضا: الحرب السورية سلبتها قدميها.. والحب إنتشلها! (صور)