أخبار الآن | السعودية – bbc
ازدهرت في صحراء العلا بالسعودية حضارة النبطية أبتداءا من القرن الأول قبل الميلاد واستمرت نحو 200 عام.
ورغم أن النبطيين أداروا إمبراطوريتهم من عاصمتهم مدينة البتراء في الأردن إلا أنهم أقاموا مدينة حجرية (مدائن صالح الحالية) في صحراء العلا، وكانت بمثابة عاصمتهم الثانية.
وسكن النبطيين شمال شبه الجزيرة العربية وجنوب بلاد الشام، و كانت عاصمتهم البتراء، ولكن مدائن صالح في السعودية كانت مركزا مهما هي الأخرى.
وكانت طريقتهم في الهندسة المعمارية متأثرة بميزوبوتاميا واليونان حيث كانوا ينحتون مقدمات المعابد والقبور، كما كان هناك العديد من الأمثلة على فن الغرافيتي والرسوم النبطية ولكن لا توجد نصوص، وانتهى وضع النبطيين كدولة مستقلة عندما قام الإمبراطور الروماني تراجان بغزوهم.
وبدأ الفريق الذي يضم أكثر من 60 خبيرا، والذي سيجري أول تنقيب أثري في منطقة تعادل مساحتها مساحة بلجيكا، مشروعا يستغرق عامين لاستطلاع قلب المنطقة في مساحة تبلغ نحو 3300 كيلو متر مربع في شمال غرب السعودية.
وتجري عمليات التنقيب في “مدائن صالح” ومواقع نبطية أخرى منذ بعض الوقت على يد مجموعة من الخبراء السعوديين، ومن بينهم عبد الرحمن السحيباني المحاضر بجامعة الملك سعود في الرياض.
وقال السحيباني :”كنت أركز في وقت سابق على الحضارتين الدادانية واللحيانية، والآن فإن الهيئة الملكية للعلا تعمل بمنظور أوسع من أجل فهم أكبر لكيفية تطور المجتمعات المبكرة في المنطقة”.
وتعمل الهيئة على وضع أحدث التقنيات تحت تصرف خبراء الآثار في الموقع.
فبينما يمكن أن تميز خاصية “غوغل إيرث” والعين المجردة المدربة الصخور الطبيعية عن تلك التي تدخل فيها البشر، فإن الطائرات الخفيفة المزودة بكاميرات متخصصة هي التي توفر أكبر تفاصيل ممكنة عن المنطقة التي تشمل وادي العلا والوديان المحيطة.
فن من #فنون المحافظة على التراث الوطني في #السعودية حكاية حضارة مجموعة قصر البنت من أجمل المعالم النبطية بمدائن صالح pic.twitter.com/Fv39JHXHCH
— عبدالإله الفارس (@AbdulelahAlfars) April 21, 2016
وبحسب ربيكا فوت، عالمة الآثار الأمريكية المسؤولة عن التنقيب لحساب الهيئة الملكية بالعلا، فإن الجهود السابقة ركزت على الحفريات لأن التنقيب الشامل يتطلب يتطلب الكثير من الوقت والموارد المتاحين الآن.
وتعتقد فوت أن هذه الدراسة ستضع السعودية على خريطة التاريخ القديم.
وتضيف: “نعرف الكثير عن الفترة بين الألف الأولى والثالثة قبل الميلاد، نعرف الكثير عن مصر القديمة وميزوبوتاميا (بلاد الرافدين)، وبالمقارنة فإننا لا نعرف سوى القليل عن شبه الجزيرة العربية في التاريخ القديم، فكيف ستؤثر اكتشافاتنا على فهمنا للتاريخ القديم، لا نعرف بعد، ولكن من المرجح أنها ستعيد تشكيل رؤية العالم في التاريخ القديم”.
قضت فوت سنوات طويلة تعمل في البتراء، المدينة القديمة في الأردن والتي مازالت تمثل أشهر أثر خلفته الحضارة النبطية. وتقول إن المسح الجوي مهم لاكتشاف المواقع غير التقليدية الذي قد يتطلب الأمر سنوات طويلة لاكتشافها.
ومضت تقول :”إن التكنولوجيا توفر الآن رؤية شاملة يمكن الاعتماد عليها، فلم يحدث شيء من هذا القبيل وعلى هذا النطاق في ما مضى”.
وكانت بعثة فرنسية قد اكتشفت سابقاً شبكة طرق لتجارة البخور غربي السعودية تمر عبر صحراء العلا، وتريد ربيكا فوت أن تبني على هذه المعلومات، وأن تعرف أكثر عن دور المياه في ازدهار المنطقة.
وعلقت قائلة: “يمكننا أن نخمن أنه كان لديهم اقتصاد زراعي ناجح، ولكن هل كانت هناك ضرائب على البخور؟ وكيف أداروا مواردهم المائية؟”.
وعندما تبدأ الدراسات الهيدرولوجية ترد الإجابات، والتي يعود الفضل فيها جزئيا للفريق الجوي الذي يساعد في تحديد مواقع بعينها.
ويعتبر أنواع من الثدييات المرسومة على الصخور في العلا يوفر معلومات لها علاقة بانتشارها وطريقة حياتها والغذاء الذي كان متاحا لها في مشاهد ما قبل التاريخ.
كما تساعد رسوم الحيوانات أيضا في تحديد التواريخ. فقد كان من المستبعد مثلا وجود فرسان يمتطون الخيول أو الجمال قبل 1200 عام.
وكانت الماشية المدجنة من خراف وماعز قد عرفتها الجزيرة العربية بين عامي 6800 و6200 قبل الميلاد. وكانت بلاد الشام قد عرفتها أولاً ومنها انتقلت إلى الجزيرة العربية فهذه إحدى وسائل تحديد التاريخ حيث من غير المرجح وجود حيوانات في هذه المنطقة في هذا التاريخ.
ومن المرجح أن تؤدي المعلومات الغزيرة التي سيحصل عليها فريق العلا الدولي إلى الكشف عن الطرق التي ربطت بين البتراء ومدائن صالح.
وكان عبد الرحمن السحيباني قد قام بعمليات حفر لبضع سنوات في دادان، وهو موقع يشير إلى وجود حضارة سابقة للنبطيين. وقال :”إن الأمر قد يستغرق أجيالا لتظهر نتيجة هذا العمل، وما يجعل هذه العمل مهما على الصعيد العالمي أنه لا يقتصر على مدائن صالح والبتراء فقط بل يشمل الحضارات السابقة غير المعروفة لنا”.
ومن بين المهام المناطة بعبد الرحمن تدريب طلبة جامعة الملك سعود في موقع بالعلا. ويقول :”إنهم يتعلمون في إطار أحد أهم دراسات التنقيب الاستكشافي، فطلبة اليوم قد يتوصلون إلى اكتشافات لا يمكننا تخيلها”.
مصدر الصورة: Getty images
للمزيد: