أخبار الآن | نيودلهي – الهند ( وكالات )
حين أعلنت الهند إغلاقها الوطني في 24 مارس/آذار 2020، لكبح تفشي فيروس كورونا المُستجَد، رغم الحالات القليلة التي لم تتجاوز آنذاك 450 حالة، توقَّفَت جميع الأعمال في المدن توقُّفاً تاماً ما أثر على ما يزيد عن 100 مليون هندي كانوا يعيشون في المدن من أجل العمل.
الكثير من هؤلاء اتَّخذوا قراراً استثنائياً بالسير على أقدامهم آلاف الأميال عائدين إلى عائلاتهم، مع استحالة بقائهم في المدن، والتوقُّف شبه التام لشبكة السكك الحديدية الهائلة في الهند.
لكن لم ينجح كثيرون في ذلك. ففي إحدى الحالات، لقي 16 عاملاً حتفهم تحت عجلات قطار شحن، إذ كانوا نائمين فوق قضبان السكة الحديدية، فيما أودت حوادث الطرق بحياة آخرين. وقد تُوفِّيَ البعض نتيجة الإجهاد أو الجفاف أو الجوع. وأولئك الذين وجدتهم الشرطة أعادتهم مرةً أخرى إلى المدن التي حاولوا مغادرتها، وفق تقرير لشبكة CNN الأمريكية.
لكن قصة راجيش شوهان كانت شاهدة على معاناة أهل الريف الذين كانوا يعيشون في المدن وضاقت بهم السبل بعد إغلاق كورونا، فقد سار مسافة 620 ميلاً (ألف كيلومتر) في خمسة أيام فقط، وقد تورَّمَت قدماه وامتلأتا بالفقاعات والبثور. وكانت القطعة التي وجَدَها على قارعة الطريق من الستايروفوم تمتص القيح المتسرِّب من قدميه.
لكنه لم يتوقَّف عن السير. لم يكن بوسعه التوقُّف. كان ذلك العامل المهاجر في منتصف الطريق إلى منزله.
أدرك شوهان المخاطر، لكنه في 12 مايو/أيار قرَّرَ تحدي قوانين الإغلاق الصارمة في الهند وبدأ طريقه الذي يبلغ ألف كيلومتر من المركز التقني بمدينة بنغالورو إلى قريته بولاية أوتار براديش شماليّ البلاد.
كان على أملٍ أن تلتقطه سيارةٌ عابرة يقطع بها معظم الطريق، لكن الشرطة كانت تفتش الشاحنات بحثاً عن مسافرين مثله، ومن ثم ترغم السائقين على دفع غرامةٍ أكبر مِمَّا يحمله شوهان من مال. ولعشرة أيام، كان عليه أن يتفادى نقاط تفتيش الشرطة، ويعيش على الشاي والبسكويت، ويسير على قدميه المُتوجِّعتين.
يقول شوهان: “لا أعتقد أنني سأنسى هذه الرحلة طوال حياتي. ستحمل هذه الرحلة ذكريات القلق والحزن دائماً”.
انتقل شوهان إلى بنغالورو في ديسمبر/كانون الثاني 2019، للعمل بنَّاءً في موقع تشييد.
كان يكسب 250 روبية (3.3 دولار) في اليوم الواحد بقريته تريبهوفان ناغار، على الحدود الهندية مع نيبال. أما في بنغالورو، فكان بإمكانه أن يجني ضعف هذا الأجر.
كان هو وأخوه، الذي عمل في ولايةٍ أخرى، يرسلان إلى العائلة حوالي 14 ألف روبية (185 دولاراً) شهرياً -وهو مبلغٌ كافٍ لوضع عائلتهما المؤلَّفة من 11 فرداً، بمن فيهم طفلا شوهان ووالداه، على حدِّ الكفاف، في منزلهم المُسقَّف بالقشِّ وسط حقول القصب والقمح. انضمَّ ابن أخيه، أرفيند ثاكور، إليه في المدينة بمجرد أن بَلَغَ الـ14 من عمره، وهو السنُّ القانوني للعمل في الهند.
وفي الوقت الذي قرَّرَ فيه شوهان وابن أخيه وتسعة مهاجرين آخرين من قريته مغادرة بنغالورو، أُغلِقَ البلد بأسره لأسابيع. استأنفت بعض خطوط السكك الحديد العمل في 3 مايو/أيَّار 2020، مِمَّا سمح بالسفر بين الولايات، لكن ذلك كان خاضعاً لموافقةٍ من الشاق الحصول عليها.
إلى ذلك فقد أُخبِرَ المسافرون أن عليهم التسجيل من أجل خطط السفر في أقسام الشرطة. وبحلول 5 مايو/أيَّار، سجَّلَ 214 ألف شخص رغبتهم في مغادرة ولاية كارناتاكا، وعاصمتها بنغالورو. غير أن 10 آلاف شخص فقط هم من حصلوا على تذاكر، إذ كانت خدمات السفر بالقطارات محدودة.
مصدر الصورة : ( AFP )
للمزيد :