منحوتة لإخناتون ونفرتيتي تثير الجدل
تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي صورة يدّعي ناشروها أنّها لمنحوتة صنعها المصريّون القدماء تمثّل “حبّ الملك إخناتون لزوجته نفرتيتي”. إلا أنّ هذا الادعاء على غرار ادعاءات كثيرة عن مصر القديمة، لا صحّة له. فالمنحوتة حديثة الصنع، وقد نفّذها فنان روسي بواسطة الرمال وعرضت في متحف الرمال في اليابان.
يضمّ المنشور صورة لما يبدو أنه تمثال متقن الصنع يظهر إخناتون ممسكاً بيد نفرتيتي وإلى جانبيهما طفلان يحضنانهما.
وجاء في التعليق المرافق “حب الملك إخناتون لزوجته نفرتيتي… حب خلّدته جدران معابد المصريين القدماء”، في إشارة إلى أنّ هذه المنحوتة ترجع إلى حقبة مصر القديمة.
حققت الصورة آلاف التفاعلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي منذ بدء انتشارها بهذه الصيغة في آذار/مارس 2024.
إلا أنّ هذا التمثال لا يعود إلى حقبة المصريين القدماء.
فما حقيقته؟
صحيح أن قصة حب الملك إخناتون لزوجته نفرتيتي واحدة من أشهر قصص الحب فى التاريخ المصري القديم. إلا أن الصورة المنتشرة لا تظهر تمثالًا يعود إلى تلك الحقبة. كما أن هذا الرسم لم يظهر على جدران المعابد المصرية، بحسب ما أكده لصحافيي خدمة تقصي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس علي عبد الحليم وهو خبير في الآثار المصرية القديمة ومدير عام المتحف المصري في وسط القاهرة.
ويشرح علي عبد الحليم قائلاً إنّ “أسلوب النحت يختلف تماماً عما كان يصنعه المصريون القدماء في تلك الحقبة”.
وتابع الخبير مفصّلاً أن “التاريخ المصري القديم يضمّ العديد من التماثيل والجداريات التي توثق قصص حبّ شهدتها تلك الحضارة، على غرار قصة حب الملك أمنحتب الثالث لزوجته الملكة تي والتي كانت في الأصل سيدة عادية من عامة الشعب…”.
أما “قصة حب إخناتون ونفرتيتي فكانت مميزة” بحسب عبد الحليم. فلقد اشتهرت نفرتيتي بجمالها، وكان لها دور مهم في فترة حكم زوجها إخناتون، إذ شاركت في الجوانب الإدارية والاجتماعية وحتى الدينية.
وهناك صور وجداريات عديدة لإخناتون ونفرتيتي وحياتهما معاً على غرار لوحة الحجر الجيري التي تصوّرهما وهما يتعبدان للإله آتون بجانب أولادهما.
أما صورة المنحوتة الظاهرة في المنشورات المتداولة فلا شأن لها بمصر القديمة لا من قريب ولا من بعيد.
تمثال حديث من الرمال
يظهر البحث العكسي عن الصورة أنها منشورة على موقع متحف الرمال الياباني الذي يتخذ من مدينة توتوري اليابانية مقراً له.
والمنحوتة صنعت بالرمال وشكلت واحدة من مجموعة منحوتات رمليّة عرضت في المتحف ضمن معرض فني عن الحضارة المصرية في الفترة الممتدة بين تموز/يوليو 2022 وحتى كانون الثاني/يناير 2024.
ويقول الموقع الرسمي للمتحف إنه يعرض منحوتات مصنوعة من الرمال لفترة موقتة. وتكون المنحوتات فريدة من نوعها لا تتكرّر. وبعد انتهاء العرض تُعاد الرمال إلى حالتها الطبيعية.
أمّا الفنان الذي قام بنحت هذه التحفة بالرمال فهو الروسي دميتري كليمينكو.
وقد يكون الفنان الروسي استوحى عمله من نقش أثري حقيقي يصور إخناتون ونفرتيتي وبناتهما الثلاث سبق أن وزعت وكالة فرانس برس صورة منه.
وسبق أن ظهرت في السنوات الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي مزاعم كثيرة غير صحيحة عن الحضارة المصريّة القديمة، أصدرت خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس تقارير فنّدت الكثير منها، على غرار منشورات تزعم أن الابنة في مصر القديمة كانت هي المسؤولة عن توزيع الميراث “حتى بوجود الرجال”، أو أن أحجار الهرم الأكبر صُنعت يدوياً، أو عن استخدام المصريين القدماء “مصابيح كهربائية”، أو وصولهم إلى كوكب المريخ.