6325،5 مليون دينار في سنة 2021 قيمة العجز التجاري لتونس مع الصين
- المرصد التونسي للاقتصاد : مراجعة بعض الاتفاقيات التجارية هو الحل الأنسب
- دعوات للإقبال على استهلاك البضائع التونسية
أفاد المرصد التونسي للاقتصاد، بأن تعمّق العجز التجاري لتونس مع الصين يساهم في استنزاف الإحتياطي من العملة ويهدد جديّا الإنتاج المحلّي للبلاد التونسية.
وذكر المرصد أن العجز التجاري لتونس مع الصين تفاقمت قيمته بـ 6325،5 مليون دينار في سنة 2021 مقابل 5740 مليون دينار في سنة 2019.
والجدير بالذكر أنه على امتداد العقد الأخير غزت المنتوجات الاستهلاكية الأجنبية، بخاصة الصينية البلاد التونسية، حيث نلاحظ عشرات الأنواع والأصناف من السلع والبضائع الأجنبية التي اكتسحت المشهد التجاري التونسي، بأسعار لا تقبل المنافسة من نظيرتها المحلية، ما جعل المواطن البسيط يُقبل على هذه السلع ذات الجودة المتدنية.
ويمثل إغراق الأسواق التونسية بمنتوجات أجنبية لها مثيل محلي، خطراً داهماً يهدد النسيج الصناعي والتجاري، إذ يؤدي ذلك إلى تدمير مواطن الشغل بطريقة غير مباشرة، ويقضي على نسيج صناعي أضحى هشاً، تأسس منذ سبعينيات القرن الماضي، وأسهم في بناء الدولة الحديثة.
وحتى يجد المواطنون مبرراً معقولاً لاقتنائهم وتفضيلهم الأجنبي على التونسي المنحصر في الجودة والسعر المناسب، فإن المسألة أصبحت وعلى لسان العديد من المحللين والمختصين التونسيين تنذر بخطر كبير تجسّد في “تفاقم العجز التجاري جراء توريد منتوجات، تونس في غنى عنها”.
وانتشرت مؤخرا دعوات من طرف عدّة محللين ومختصين ومنظمات اقتصادية إلى الإقبال على استهلاك البضائع التونسية، كحلّ للحد من العجز التجاري والتوريد، بالتالي الدفاع عن الدينار الذي يشهد انهياراً متواصلاً منذ سنوات.
ووفق هؤلاء المحللين فإن تونس بإمكانها التقليص بما قيمته 2.5 مليار دولار من عجز الميزان التجاري بوقف توريد منتوجات ومواد، أكدوا أنها “غير ضرورية، ويمكن الاستغناء عنها”.
التبادل التجاري بين البلاد التونسية ونظيرتها الصينية
كشفت قاعدة البيانات الإحصائية لتجارة السلع الأساسية ” للأمم المتحدة ” عن ارتفاع هائل في مستوى التبادل التجاري بين تونس والصين بداية من سنة 2000. لتتطوّر الواردات التونسيّة من الصين بين سنوات 2000 و2010 من 250 مليون دينار إلى 1530 مليون دينار. إلاّ أنّ مرحلة ما بعد 14 يناير 2011، كانت النقطة الفارقة في العلاقات التجاريّة بين البلدين، لتكسر الصادرات الصينيّة إلى تونس حاجز الملياريْ دينار في نسق تصاعديّ بلغ 4330.6 مليون دينار سنة 2017. في المقابل، لم تتمكّن تونس من مجاراة تطوّر تدفّق السلع الصينيّة إلى السوق المحليّة لتظلّ الصادرات التونسيّة إلى السوق الصينيّة ثابتة تقريبا بمعدّل لم يتجاوز 60 مليون دينار خلال نفس الحقبة.
وأبرز بأن سيطرة بلدان الاتحاد الأوروبي على الواردات التونسية ما فتىء يتراجع لفائدة الصين، التّي تحتل، حاليا، المرتبة 3 ضمن البلدان المزوّدة لتونس وذلك بعد إيطاليا وفرنسا.
وتشكل المراتب المتقدمة للصين في تصنيف البلدان المزوّدة لتونس تهديدا لعدد من القطاعات، التّي ما فتئت تفقد حصّتها على مستوى السوق المحليّة.
يرى محللون أن حماية النسيج الاقتصادي الوطني ومراجعة بعض الاتفاقيات التجارية هو الحل الأنسب، خاصة بعد تعمق العجز التجاري لتونس مع الصين في استنزاف احتياطي من العملة ويهدد، جديا الإنتاج المحلي.
تشكو تونس من تفاقم غير مسبوق للعجز التجاري، بسبب تراجع الصادرات وتوسع واردات المواد الأولية، ما يسبب ضغطاً متواصلاً على رصيد البنك المركزي من العملة الصعبة، ويهدد الدينار التونسي بالانزلاق أمام اليورو والدولار، في ظل أزمة اقتصادية وسياسية تتخبط فيها البلاد.
والجدير بالذكر أن الرئيس التونسي قيس سعيد، أعلن يوم 13 ديسمبر 2021 ،عن خارطة طريق سياسية جديدة من شأنها الخروج من “التدابير الاستثنائية” التي فرضها منذ 25 يوليو 2021.
وانطلقت يوم 15 يناير، رسميا الاستشارة الوطنية عبر المنصة الإلكترونية التونسية ، ضمن هذه الخارطة، في إطار تحديد مواعيد للخروج من المرحلة الاستثنائية، تبدأ بالاستشارة “الشعبية الإلكترونية” وتنتهى يوم 17 ديسمبر من العام الحالى بـ “انتخابات تشريعية” مبكرة عوضا عن أكتوبر 2024 يتخللهما تنظيم استفتاء يوم 25 يوليو المقبل.
كما أن الاستشارة الوطنية تهدف إلى إتاحة الفرصة لجميع التونسيات والتونسيين، سواء داخل حدود الوطن أو خارجه، للتعبير عن آرائهم وتطلعاتهم بكل حرية وشفافية لدعم التحول الديمقراطي ، وفق آلية غير تقليدية ، في نهج تشاركي يتيح المفهوم المشترك لمستقبل البلاد.
أضافت أن الاستشارة تتكون من 6 محاور تمكن التونسيين والتونسيات في الداخل والخارج من إبداء آرائهم، في القضايا المتعلقة بالشأن السياسي والانتخابي بالشأن الاقتصادى والمالى والشأن الاجتماعى والتنمية والانتقال الرقمي والصحة وجودة الحياة والشأن التعليمى والثقافى.
وتطرح خارطة الطريق السياسية الجديدة التي رسمها الرئيس التونسي قيس سعيد مسألة حارقة حول ما إذا سيكون الاقتصاد التونسي متهاوي قادرا على تحمل سنة أخرى تطغى فيها التحديات والتجاذبات السياسية على حساب الأوضاع الاقتصادية والمالية وخاصة الأوضاع المعيشية في ظل الارتفاع الصاروخي لجل المواد الأساسية في تونس.
فهل سيتحمَل الاقتصاد التونسي فترة انتقالية أخرى إلى حين إنجاز انتخابات تشريعية في موفى 2022 ؟