بالإضافة لما شهدته هذه المنطقة الخصبة من إمبراطوريات و حضارات بشرية عدة جعلتها من أكثر مناطق العالم زخرا بالتاريخ الإنساني.أثبتت الدراسات الحديثة فوائد طعام البحر المتوسط الكثيرة لصحة الإنسان.تشمل سمات النظام الغذائي في هذه المناطق إرتفاع كميات زيت الزيتون والبقوليات والحبوب والفواكه والخضروات مع كميات معتدلة من منتجات الألبان والسمك بالإضافة إلى كميات منخفضة من اللحوم.ويعتبر الشرق المتوسط منطقة زاخرة بالعديد من المأكولات الغنية بالمكونات و الطعمات الفريدة.
نورد هنا أشهر الأكلات التي يشتهر بها المطبخ الشرق متوسطي و أصولها التاريخية.
10-اليبرق-ورق العنب:
محشي ورق العنب أو اليبرق أو ورق الدوالي، هي أكلة أخذها العرب من الأتراك أثناء حكم الدولة العثمانية في حوالي عام1300ميلادي.و كلمة “يبرق” تعني بالتركية ورق العنب.و مع مرور الوقت عرفت الأكلة في العديد من البلدان وأصبحت أكلة مشهورة في بلاد الشام ومصر والعراق وتركيا والبلقان والقوقاز.
وعموما فاليبرق هو محشي ورق العنب بالرز واللحم المفروم والمطيبات والبهارات، أما “اليالنجي” و هو نوع من أنواع ورق العنب ويكون خاليا من اللحم أصل تسميته مأخوذمن كلمة تركية بمعنى الكذاب وذلك إشارة لخلوه اللحمة.
9-المسخن:
المسخن من أشهر الأكلات الفلسطينة التراثية، حيث ابتكرت من قبل الفلاحين هناك حيث تكثر المناطق الريفية.ومكونات هذه الأكلة جاءت من بيئة الأرض الفلسطينية حيث تتكون من طبقات الخبز البلدي المخبوز على (الطابون) الذي اعتاد السكان على صنعه منذ زمن بعيد.وكذلك من البصل البلدي، وزيت الزيتون الفلسطيني الذي يغمر هذه الأكلة و أخيرا بإضافة السماق الفلسطيني الذي ينمو بكثرة في البرية واضافة الدجاج و أحيانا الصنوبر حيث تنمو أشجار الصنوبر في الأراض الفلسطينية بصورة طبيعية.و إعتاد الفلسطينيون على تقديم المسخن في الولائم و الأعراس الريفية.ثم أصبح المسخن شائع في أغلب المدن في بلاد الشام وأنتشر للعالم .و تسميته تعود لطريقة تحضيره.
8-المناقيش:
كلمة مناقيش مشتقة من كلمة “نقش” التي في اللغة العربية تعني تلوين الشيء بالشيء، ومن هنا أتت تسميتها على الأرجح.تطورت المناقيش من أقراص العجين التي يقال أن المصريين القدماء كانوا الاوائل في اكتشاف طريقة صنعها عن طريق عملية تخمر طحين القمح و الشعير التي كانت تقود الى صنع الخبز.و اوضحت الاكتشافات انهم كانوا يصنعوه بشكل قرص و هذه الطريقة القديمة لا تزال مستخدمة في الكثير من البلدان و خاصة بلاد الشام و ذلك لتحضير الخبز على الصاج أو التنور ( في سوريا و لبنان ) أو الشراك (في الأردن). ومن أقراص العجين تم لاحقا في بلاد الشام إضافة بعض المنتجات الموجودة بكثرة في مناطق فلسطين و الأردن و لبنان و سوريا على أقراص العجين مثل الجبن و الفليفلة و الزعتر لتصبح المناقيش أكلة شعبية و متداولة.و تشتهر في بلاد الشام خصوصا لبنان وسوريا والأردن وفلسطين وهي من أنواع المعجنات.
7-حلوى أم علي :
هذه الحلوى ترتبط قصتها بقصة “شجرة الدر” الشهيرة و التي كانت جارية من أصل تركي أو خوارزمي اشتراها السلطان “الصالح ايوب” و تزوجها في مصر، ثم توفى بعدها بفترة وما كان من “شجرة الدر” إلا أن تحقق حلمها بحكم مصر ولكنها لم تستمر الا لمدة 80 يوما، وذلك لأنها قوبلت بمعارضة كبيرة من الشعب الذي لم يألف أن تحكمه إمرآة.
وحينها لم تجد “شجرة الدرّ” إزاء هذه المعارضة الشديدة بدًا من التنازل عن العرش للأمير “عز الدين أيبك” الذي تزوجته ومارسة الحكم عن طريقه، فكان خاضعا لسيطرتها وأرغمته على هجر زوجته الأولى أمّ ولده “علي” وحرّمت عليه زيارتها هي وابنها.
وحين بدأ “عز الدين”يعترض على حكمها أشاعت “شجرة الدرّ” أن “المعزّ لدين الله أيبك” قد مات فجأة بالليل، ولكن المماليك لم يصدقوها فقبضوا عليها وحملوها إلى زوجة عز الدين أيبك الأولى “ام علي” التي أمرت جواريها بقتل شجرة الدر بعد أيام قليلة، فقاموا بضربها بالقباقيب علي رأسها وألقوا بها من فوق سور القلعة.ولم تدفن إلا بعد عدة أيام.وبعد موتها قامت الزوجة الأولى لعز الدين “ام علي”بعمل حلوى الثريد التي سميت لاحقا بحلوى “ام علي” و وزعتها في انحاد البلاء ولا تزال منسوبة لها حتى الآن.
6-الكنافة :
هناك روايتان في أصل حلوى الكنافة بحسب المؤرخين، الرواية الأولى تقول ان أول من تناولها هو “معاوية بن أبي سفيان” حين صنعها له الطهاة ليتناولها في سحور رمضان حتى لا يشعر بالجوع أثناء الصيام، وكان ذلك أثناء فترة إمارته لولاية الشام.اما الرواية الأكثر انتشارا والأرجح فتعود لمصر حيث صنعها المصريون وقدموها الى “المعز لدين الله الفاطمي” عند مجيئه الى مصر في القرن الثالث الهجري كأحد مظاهر الاحتفال والترحيب به. وقد اشتهرت الكنافة باسم «زينة موائد الملوك» لارتباطها بهم.يذكر أن الكنافة كلمة عربية تعني الستر والرحمة والظل، فيقال «فلان في كنف الله» أي أنه في حوزته.و انتشرت من مصر الى بلاد الشام بعد ذلك.
وكتب الشاعر العربي ابو الحسين الجزار بالكنافة: “ومالي أرى وجه الكنافة مغضبا ولولا رضاها لم أرد رمضانها ترى اتهمتني بالقطائف فاغتدت تصد اعتقادا أن قلبي خـانها “.
5-البقلاوة:
يفتخر الأتراك بامتلاكهم الحق التاريخي في البقلاوة،ويعتبرونها أحد أهم موروثاتهم الشعبية التي انتقلت الى شعوب العالم الأخرى، والحقيقة أن تاريخ البقلاوة يعود في شكلها البدائي إلى الآشوريين الذين صنعوها من رقائق العجين المحشو بالفواكه المجففة، كما قدموها محشوة بالمكسرات.ثم أخذها عنهم الاتراك في عصور الدولة العثمانية و طوروها حتى صنعو منها أكثر من 20 نوعا.وبمرور الوقت، ومع انتقالها من بلد إلى آخر، تغير بعض مكوناتها حسب المتوفر، فيقال إن الأرمن أضافوا لها القرفة، بينما اضاف إليها العرب ماء الورد، واليونانيون العسل لتحليتها.
وعن أصل تسميتها حسب ما أفادت احدى الروايات انه كان للسلطان العثماني “عبد الحميد” طباخة اسمها (لاوة) وهي التي ابتدعت هذه الحلوى وعندما ذاقها السلطان لأول مرة قال لضيف عنده: ( باق لاوة نه بايدي ) أي انظر ماذا صنعت “لاوة”.
و أول من أدخل صناعتها الى حلب شخص يدعى “فريج” من استنابول كان يعيش قبل أكثر من مئة عام في حلب وفتح لها دكانا قرب محله الجديدة ليبيعها في شهر رمضان فقط ثم أصبحت تباع في جميع أيام السنة.
4-التبولة:
ترجع قصة التبولة إلى أيام “الكلدانيين”، وهم من الشعوب السامية التي استوطنت بلاد ما بين النهرين، في الألف الثالث قبل الميلاد.وكلمة تبولة مشتقة من الجذر (ت ب ل) ويعني خلط الخضار.وكلمة تبولي هي فعل الأمر من “ت ب ل” الكلدانية.وكان أهل تلك البلاد يخلطون جميع أنواع الخضار في طبق واحد ويقدمونه لكبار القوم.و يرجع فضل تطويرها الى لبنان حيث انتقلت هذه التسمية لخلط الخضار إلى لبنان مع الفتوحات الأشورية.ولكن لا يعرف أحد بالضبط متى تم إدخال البرغل إلى خلطة التبولة ويرجح أنها تمت في العصر المملوكي في منطقة البقاع بسبب انتشار زراعة القمح في سهل البقاع.والتبولة أصبحت في القرن العشرين من أهم الأكلات التراثية اللبنانية.
3-البابا غنوج :
بابا غنوج أو متبّل (باليونانية:μελιτζανοσαλάτα ميليتسانوسالاتا) هو نوع مشهور من المازات في الشرق الأوسط،
يصنع بصورة رئيسية من الباذنجان ويخلط مع الطحينة والبهارات والمطعمات الأخرى المنوعة من ضمنها الثوم.ويرجع سبب التسمية الى قس عاش في القرن الأول بعد الميلاد في منطقة بلاد الشام وكان محبوبا بين تلاميذه ورعيته اسمه “بابا غنوج”وفي أحد الأيام قام أحد تلاميذه باعداد وجبه خاصه له من الباذنجان والخضار، لكن القس رفض أن يأكلها بمفرده وقام بتوزيعها على الناس، فاطلق الناس على هذه الأكلة اسم “بابا غنوج” ولا زالت منتشرة عالميا بهذا الإسم.
2-الحمص:
يحضر عن طريق طحن حبات نبات الحمص و خلطها بالطحينة و زيت الزيتون و الحامض.وهذه الأكلة من أقدم الأكلات التي عرفها وحضرها البشر.و هناك الكثير من الدول التي تدعي بدء تحضيرها منها مما يصعب معرفة أصل الحمص.ولكن أغلب الظن أن أول من حضر الحمص هم سكان فلسطين القدماء حيث ينبت الحمص طبيعيا في فلسطين القديمة منذ الاف السنين.و أول ما أكل الحمص كحب كان في روما القديمة حيث ذكر “أفلاطون” و “أرسطو” بعض الملاحظات عن فوائد الحمص في آثارهم المكتوبة.ثم بدأ سكان فلسطين بطحنه باستخدام الجرن وخلطه بزيت الزيتون و الحامض المنتشر في تلك المناطق و أصبح طبقا منتشرا هناك وسرعان ما أخذ شعبية كبيرة و انتشر في بلاد الشام، ثم أشتهر عالميا.
1-الفلافل:
تصنع الفلافل من خلط البقول و البهارات و قليها، و تعد أشهر الأكلات الأوسطية عالميا.يجمع المؤرخون أن أول ما صنعت الفلافل وبيعت كان في مصر القديمة حيث تذكر المصادر أن الأقباط المصريين اخترعوا الفلافل كأكلة تأخذ مكان اللحوم أيام الصيامات المسيحيية.و كلمة فلافل نفسها هي كلمة قبطية قديمة، وهي مكونة من ثلاثة أجزاء: “فا“، “لا“، و“فل” (بمعنى “ذات الفول الكثير“).وانتشرت الفلافل من أقباط مصر إلى بلاد الشام ومن ثم إلى بقية أنحاء العالم.تاريخيا يعتقد بأن المصريين القدماء منذ حوالي 1000 سنه قد جلبوا الفلافل الى بلاد الشام من خلال تنقلاتهم وهناك تم إستبدال حبوب الفاصولياء و عدل عليها، و من ثم إنتشرت الفلافل بالشرق الأوسط و أصبحت من المأكولات السريعه و المحببه.