أخبار الآن | أمريكا (AAAS-SCIENCE)
نشر الموقع البحثي SCIENCE التابعة للجمعية العلمية العالمية AAAS تقريرا مطولاً، تحدث عن صراع بين العلم وأدواته في إيران وبين نظريات المؤامرة التي دأب نظام “ولاية الفقيه” على ترويجها ليل نهار بعد أن أعمل فيروس كورونا خرابا في ذلك البلد.
ويبدأ الموقع البحثي سرد تفاصيل واجهت أحد الأطباء الإيرانيين بعد إصابته بكورونا قبل أن يصبح أحد ضحايا الفيروس. وقال الطبيب مهدي فاريجي (43 عاماً) في مقطع فيديو بثه قبل وفاته بثلاثة أيام، إن الأدوية التي يتناولها لا تجدي نفعاً.
ووفقا للموقع البحثي، يُظهر مقطع الفيديو الذي تم تصويره في 20 مارس الماضي، “أربعة عمال ملثمين يعدون قبرا لذلك الطبيب في فناء بمسقط رأسه. زوجته وأطفاله بقوا بعيدًا خوفاً من إصابتهم. كان ذلك بعد منتصف الليل مباشرة في عيد النيروز، والذي يوافق اليوم الأول من العام الفارسي الجديد”.
في ظل هذه الأجواء، تنقسم إيران بين فرضيتين، الأولى تقول إن انتشار فيروس كورنا في البلاد، نتج عن مؤامرة يديرها الغرب، مستشهدين – أي أصحاب ذلك الرأي- بنقص المعدات الطبية بسبب العقوبات المفروضة على إيران.
وكان من أنصار هذا المذهب، محمد كاظم جعفري، رئيس المعهد الدولي لهندسة الزلازل وعلم الزلازل في طهران، والذي اعتبر أن تفشي كورونا مرده إلى ” إرهاب طبي فرض على الإيرانيين”، فيما يرى الجانب الآخر، أن سبب تفشي الجائحة يعود إلى إهمال النظام وتشجيعه الناس على حضور احتفالات ذكرى ثورة 1979 التي تجذب عادة آلاف الإيرانيين، إضافة إلى تحريض علي خامنئي الإيرانيين على الاقتراع في الانتخابات البرلمانية التي جرت بعد 10 أيام من احتفالات ذكرى الثورة، يقول كافح مدني Kaveh Madani، المسؤول البيئي البارز في إيران سابقًا: “إنها معركة شديدة الخطورة بين العلم ونظريات المؤامرة”.
أبلغت إيران عن أول حالة مؤكدة لـ COVID-19 في 19 من شهر فبراير الماضي، لضحيتين في مدينة قم. يشتبه العديد من المراقبين أن الفيروس قد حصل على موطئ قدم له في تلك المدينة بسبب السياحة الدينية وكذلك بسبب احتفالات ذكرى الثورة.
مع توسع رقعة انتشار المرض، تعاونت وزارة الصحة الإيرانية مع الجيش والمتطوعين لتجهيز أكثر من 1200 مركزًا في جميع أنحاء البلاد لفحص المصابين، بحسب ماصرح به رضا مالك زادة، نائب وزير الأبحاث في ذلك الوقت، إلا أن الحكومة في وقتها رفضت فرض إجراءات الحجر على المواطنين بدعوى أن الفيروس لا يعدو أن يكون محض مؤامرة، ووصف الرئيس الإيراني حسن روحاني، في خطاب بث في الـ25 من شهر فبراير الماضي، بأن كورونا “واحدة من مؤامرات العدو لإغلاق البلاد عن طريق نشر الذعر”.
في 17 من شهر مارس الجاري، وعندما تزايد عدد المصابين بالفيروس والوفيات الناتجة عنه إلى الآلاف، أغلقت الحكومة مزارات قم، التي كانت تستقبل الزوار من جميع أنحاء إيران والخارج، وانتقلت الجامعات في جميع أنحاء البلاد إلى التدريس عبر الإنترنت، وأغلقت مراكز التسوق الكبرى، وتم تعليق خدمة مترو الأنفاق في أصفهان وشيراز. لكن المكاتب الحكومية لا تزال تعمل مع انخفاض عدد الموظفين، ولا توجد مناطق تحت الحجر الصحي، على الرغم من أن السلطات تحاول الآن الحد من حركة مرور السيارات بين المدن.
ويؤكد التقرير أن النظام الطبي في إيران غير مؤهل لاستقبال حالات طوارئ طبية ضخمة، وكوراث كبيرة كما يحدث الآن. ورغم العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، عرض وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو على إيران مساعدات طبية، إلا أن رأس النظام الإيراني متمثلاً بعلي خامنئي رفض ذلك العرض في الـ22 من شهر مارس، واتهم واشنطن حينها بأنها من تسبب بخلق ونشر فيروس كورونا، مؤيدا نظرية المؤامرة التي لا تفارق خياله ولا تفكيره.
الأدهى والأمر، أن الحكومة الإيرانية ألغت في اليوم التالي لرفض خامنئي “المبادرة الأمريكية”، الإذن الذي منحته لأطباء بلا حدود لإنشاء مستشفى ميداني بسعة 50 سريرًا لعلاج مرضى COVID-19 في أصفهان، رغم وصول وحدة طبية كاملة إلى طهران مكونة من فريق يضم 9 أشخاص، وقالت منظمة أطباء بلا حدود وقتها إنها “فوجئت بشدة” بالقرار، ومارافقه من شائعات غزت الإنترنت بأن هدف الفريق كان سرقة معلومات حول جينات فيروس COVID-19 الذي ضرب إيران.
وتحاول طهران عبر عدد من علمائها تطوير أدوية وأمصالاً طبية لعلاج المصابين بكورونا، إلا أن المشكلة الأساسية تكمن في أن النظام الإيراني لا يفرق بين “الحساسية السياسية” وبين مستلزمات المرحلة الراهنة، في وقت يعاني فيه آلاف الإيرانيين من جائحة كورونا القاتلة.
أقرأ أيضا:
141 وفاة جديدة في إيران بفيروس كورونا وحصيلة الوفيات ترتفع إلى 2898