أثار فيروس كوفيد -19 الكثير من الجدل حول العالم، من مصدره وأسبابه مروراً بأساليب العلاج منه وصولاً إلى تأثيراته. فهل من تداعيات للإصابة بفيروس كورونا على صحة الأشخاص الذين يصابون بالفيروس حتى بعد الشفاء منه؟ في هذا الإطار كشفت دراسة أجريت في الولايات المتحدة من قبل مركز أوكسفورد للبحوث الطبية الحيوية وجامعة أوكسفورد، عن مشكلة خطيرة قد يعاني منها المتعافون من عدوى فيروس كورونا.  وأوضحت الدراسة أنّ واحداً من كل 5 أشخاص مصابين بالفيروس، بات يعاني من “مرض عقلي”، وذلك بعد 3 أشهر من تأكيد إصابته بالفيروس.

وقد أظهر تحليل للسجلات الصحية لنحو 69 مليون شخص أمريكي، تبيّن أنّ 62 ألف شخص مصاب بكوفيد 19، وما وجده الباحثون في غضون 90 يوماً من الاختبار، أنّه تمّ تسجيل 1 من كل 5 ناجين على أنّهم تعرضوا لأوّل مرة للقلق أو الاكتئاب أو الأرق. الباحثون قاموا لاحقاً بمقارنة هذه البيانات مع بيانات الصحة العقلية لأشخاص يعانون من أمراض أخرى، مثل الأنفلونزا، وتبيّن أنّ الأشخاص الذين أصيبوا بكورونا  هم أكثر عرضة للإصابة بمشاكل الصحة العقلية، وفقًا للدراسة.

وبحسب البحث المنشور في مجلة “The Lancet Psychiatry” الأمريكية، فقد اكتشف الباحثون من جامعة “أكسفورد” ومركز “أكسفورد” للأبحاث الطبية الحيوية في تحليل نتائج الأبحاث، أنّ نحو 18% فقط من الناجين من مرض كوفيد 19، ظهرت عليهم أعراض أمراض نفسية خلال مدّة تصل إلى 3 أشهر من تاريخ الشفاء.

وأشارت صحيفة “ناشيونال إنتريست” إلى أنّ هذا الرقم يقارب ضعف الأرقام المسجلة عند الإصابة بباقي الأمراض الخطيرة كالسارس وغيرها من الأمراض. كما وجد البحث أيضاً أنّ الأشخاص الذين يعانون من حالات نفسية، موجودة لديهم مسبقاً، كانوا أكثر عرضة بنسبة 65 ٪ للإصابة بـكورونا، وأنّ الأشخاص الذين يصابون بكورونا، هم أكثر عرضة للإصابة بمرض عقلي.

وقال بول هاريسون ، أستاذ الطب النفسي في أكسفورد والمؤلف المشارك في الدراسة: “كان الناس قلقين من أن الناجين من فيروس كورونا سيكونون أكثر عرضة للإصابة بمشاكل الصحة العقلية، ونتائجنا تظهر أنّ ذلك محتمل”، وذلك وفق الدراسة التي نقلتها وكالة رويترز. وأضاف أنّ مقدمي الخدمات الصحية في كلّ أنحاء العالم بحاجة ماسة إلى دراسة أسباب مشكلات الصحة العقلية لدى الناجين من فيروس كورونا، وتطوير علاجات جديدة للتعامل معهم. وتفيد الدراسة بأنّ الأطباء لا يزالون غير متأكدين من سبب تأثير فيروس كورونا الكبير على الدماغ والصحة العقلية، مع إشارتها إلى أنّ الفيروس يؤثر على الجهاز العصبي المركزي، وبالتالي قد يزيد الاضطرابات اللاحقة بشكل مباشر.

وقال سايمون ويسلي استاذ الطب النفسي في كينجز كوليدج لندن لوكالة رويترز: “هذا البحث يؤكّد أن ذلك ليس القصة كاملة”، يمكن أن تشمل العوامل الأخرى اعتلال صحة المريض السابق ومجموعة من الضغوطات النفسية للوباء والآثار الجسدية للمرض.