إدعاءات مضلّلة عن أسباب الإصابة بسرطان الجلد
تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، منشورات تدّعي أنّ سرطان الجلد ظهر حديثاً، أي خلال السنوات الستين الماضية، وأنّ أشعّة الشمس ليست المسبّب له بل عوامل أخرى كاستخدام الواقي الشمسي والنظام الغذائي.
إلا أنّ هذه الادعاءات لا صحّة لها. فسجلّ الإصابات بأورام جلديّة طويل والدراسات العلميّة تشير إلى أنّ غالبيتها ناتجة عن التعرّض الكثيف للأشعّة فوق البنفسجيّة.
يُسمع في الفيديو تعليق بصوت امرأة، وممّا جاء فيه “الشمس لن تسبّب سرطان الجلد كما قيل… أجدادنا كانوا يخرجون في الشمس والهواء الطلق ولم نسمع عن سرطان الجلد” وتضيف “سرطان الجلد ظاهرة جديدة…وما يسبّبه هو النظام الغذائي واستخدام واقي الشمس”.
وتذكر السيّدة التي تعلّق على الفيديو دراسة أجريت على مجموعتين من الحيوانات خلصت إلى أنّ المجموعة التي “اتّبعت نظاماً غذائياً صحياً” لم تُصب بسرطان جلديّ عندما تعرّضت لنفس الأشعّة التي تعرّضت لها المجموعة التي اتّبعت “نظاماً يعتمد المعيار الأمريكيّ” والتي أصيب 25% منها بسرطان الجلد.
ويستخدم الفيديو مقاطع من فيديو للورين داي، وهي طبيبة تروّج للعلاجات البديلة وتدّعي أنّها تمكّنت من شفاء نفسها من سرطان أصيبت به.
انتشرت هذه المقاطع على صفحات مستخدمين باللغة العربيّة كما انتشرت في الولايات المتحدة على إنستغرام وتيكتوك وإكس (تويتر سابقاً).
سرطان الجلد مرض قديم
إلا أنّ الادعاءات الواردة في الفيديو غير صحيحة.
فبادئ الأمر، سرطان الجلد مرض ذُكر على مرّ العصور حتى لو لم يُستخدم المصطلح عينه.
فلقد ذكر هذا المرض في البرديات المصرية قبل 2500 سنة قبل الميلاد، بحسب مجلّة الأكاديمية الأميركية لطب الجلد JAAD.
أبقراط أيضاً استخدم مصطلح “ميلانوما”، أحد أسوأ أنواع سرطانات الجلد ، في القرن الخامس قبل الميلاد.
وفي العام 1804، كتب الطبيب الفرنسي ريني لاينيك عن هذا المرض. كما تحدّث باحثون آخرون عن أشكال أخرى من سرطان الجلد عام 1827 و1912.
من عمر البشريّة
تقول ديبوراه سارنوف وهي طبيبة أمراض جلديّة ورئيسة جمعيّة سرطان الجلد لفرانس برس إنّ “عمر سرطان الجلد من عمر البشرية، وقد تناولته النصوص الطبيّة”.
وتصف الادّعاء بأن سرطان الجلد ظهر قبل نحو 60 عاماً بـ”غير الصحيح”.
إلا أنّ الإصابات بسرطان الجلد شهدت ارتفاعاً في العقود الأخيرة. وأشارت الطبيبة ديبوراه سارنوف إلى عوامل مساهمة كشيخوخة السكان واستنفاد طبقة الأوزون وعدم استخدام الواقي الشمسي، بالإضافة إلى القدرة على الكشف عن هذا المرض.
وتفصّل الطبيبة “قد لا يستخدم الأشخاص كمية كافية من الواقي، أو قد لا يضعونه بالطريقة المناسبة ويعيدون الكرة بعد ساعتين ويشعرون كما لو أنهم محميين في وقت يتعرّضون للأشعة المؤذية…”.
دراسة غير موجودة
تطرقت المنشورات المضللة إلى دراسة مزعومة نشرتها جامعة بابيلور تتناول اختبارات على مجموعتين من الحيوانات.
إلا أنّ صحافيي فرانس برس لم يعثروا على أثر لهذه الدراسة.
وقال متحدث باسم الجامعة في حديث لفرانس برس في الثالث من آب/أغسطس أن “لا أثر لدراسة مماثلة أجريت في الجامعة”.
والأنظمة الغذائية؟
بحسب الطبيبة ديبوراه سارنوف، فإن نظاماً غذائياً صحيّاً مهمّ جداً لصحّة الخلايا، الأمر الذي قد يقي من أشكال عديدة من السرطانات. ولكن لا أدلّة علمية اليوم تشير إلى أنّ أنواعاً محددة من الطعام تسبب أو تقي من سرطان الجلد.
وتضيف الطبيبة أن “معظم السرطانات الجلديّة … تظهر على مناطق تعرّضت للشمس…”.
وبحسب دراسة منشورة عام 2014 ، فإن 90% من سرطانات الجلد غير المرتبطة بالميلانوما و65% من حالات الميلانوما، مرتبطة بالأشعة فوق البنفسجية. وفي غالب الأحيان يكون الشخص قد تعرّض للشمس. كما تشير دراسة بريطانية، إلى نسبة ارتباط أعلى بين التعرض لأشعة الشمس والميلانوما.