الماء البارد.. هل هناك فعلاً فوائد له؟
وجدت مراجعة منهجية للدراسات العلمية حول أسلوب ويم هوف للعلاج بالماء البارد أن جودة البحث غير كافية لدعم غالبية ادعاءات فعالية هذا الأسلوب من دون إجراء تحقيق إضافي.
ويشتهر ويم هوف، وهو رياضي هولندي ومتحدث تحفيزي، بقدرته الهائلة على تحمّل البرد.
وذكر التحليل، الذي نُشر في دورية “PLOS One” أنه تجدر الإشارة إلى أن جودة الدراسات منخفضة للغاية، ما يعني أنه يجب تفسير جميع النتائج بحذر.
وينسب هوف نجاحه إلى أسلوبه التدريبي الذي يركّز على الالتزام بممارسة العلاج بالماء البارد، مع شكل محدّد من تمارين التنفّس.
ويقلّل هذا التدريب من التوتر، ويحسّن النوم، ويعزز جهاز المناعة، ويزيد من الطاقة والتركيز وقوة الإرادة، وفقا لما ذكره هوف.
ولفت الباحثون إلى أنه بينما أوضحت بعض الأبحاث أن هناك تأثيرات “واعدة” مضادة للالتهابات من خلال مزج الانغمار في الماء البارد وطريقة ويم هوف في التنفّس، إلا أن هناك حاجة إلى “مزيد من الأبحاث ذات الجودة الأعلى” للتحقّق من هذه النتيجة.
من جانبه، قال مايك تيبتون، وهو أستاذ علم وظائف الأعضاء البشرية والتطبيقية في جامعة بورتسموث بالمملكة المتحدة، في رسالة بالبريد الإلكتروني: “حسبما كشفت المراجعة، فإن العلم المتاح ضعيف أو منحاز للغاية بحيث لا يمكن استنتاج ما يحققه أسلوب ويم هوف”.
وقد قام هوف، الملقّب بـ”رجل الثلج” بالسباحة تحت الجليد لمسافة 66 مترًا، وركض مسافة نصف ماراثون حافي القدمين على الثلج، وقام بتسلّق جبل إيفرست عاري الصدر.
وفقًا لما ذكره موقع غينيس الإلكتروني للأرقام القياسية، فقد حصل هوف على 18 لقبًا في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، وغالبًا ما كان يحطم أرقامه القياسية.
وتشمل الفوائد الصحية الأخرى المدرجة ضمن موقع هوف الإلكتروني، التي لم تخضع للتحقق العلمي خلال تجارب سريرية كبيرة النطاق، كل من زيادة الأداء الرياضي، وتقليل مدة التعافي بعد التدريبات، وتحسين ضغط الدم، وتخفيف الألم، وتعزيز عملية الأيض في الجسم، والتغلب على مرض التصلّب المتعدد، وتوفير الراحة من التهاب المفاصل، والربو، وأمراض المناعة الذاتية، والألم العضلي الليفي، ومتلازمة ما بعد علاج داء لايم.
وفحصت المراجعة 8 تجارب سريرية عشوائية، التي تعد بمثابة المعيار الذهبي للبحث، ولكنها وجدت أن حجم العينة الصغير، الذي يتراوح بين 13 و40 مشاركًا غالبيتهم من الذكور في كل دراسة، يعيق القدرة على تعميم النتائج على مجموعات سكانية أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، أشار تيبتون إلى أن الدراسات في المراجعة لم تقارن تأثير الماء المثلج بأي نشاط بدني آخر مثل السباحة، أو اليوغا، أو المشي.
وقال تيبتون: “ليس لدينا أي فكرة عما هو العنصر النشط، إن وجد، في أسلوب ويم هوف. وليس لدينا أي فكرة عما إذا كان يصعب الحصول على أي فوائد ناشئة عن أسلوب ويم هوف بشكل أكثر أمانًا من خلال الاستعانة بوسائل أخرى”.
وتابع: “أنا لا أوافق على أن أي شخص بإمكانه غمر نفسه في الماء البارد”.
وأوضح تيبتون أن غمر الجسم في الماء البارد لا يُنصح به لمجموعة من الحالات الطبية التي تشمل الربو، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات ضربات القلب أو أي من أمراض القلب، ونسبة السكري غير المستقرة، واضطرابات النوبات مثل الصرع، والتاريخ العائلي لموت القلب المفاجئ، أو غير المبرر.
من جهته، قال متحدث باسم هوف لـ CNN عبر البريد الإلكتروني: “نحن نقر بالحاجة إلى مزيد من الأبحاث عالية الجودة لإثبات التأثيرات الواعدة لأسلوب ويم هوف”.
وأضاف: “هذا جزء من التزامنا المستمر بالتعاون مع المجتمع العلمي لإجراء دراسات أكبر وأكثر شمولاً لمعالجة هذه المخاوف”.
إجراءات السلامة أثناء الانغمار في الماء البارد
يسحب الماء البارد الحرارة من الجسم بمعدل يصل إلى أربع مرات أسرع مقارنة بالهواء البارد، وفقًا لما ذكرته خدمة الطقس الوطنية الأمريكية.
وأوضح الموقع الإلكتروني لخدمة الطقس الوطنية: “عندما يتعرض جسمك للماء البارد، يمكن لصدمة البرد أن تسبب تغيرات جذرية في التنفس، ومعدل ضربات القلب، وضغط الدم”.
ومع ذلك، فقد ارتفعت شعبية العلاج بالماء البارد، حيث يغمر العديد من الأشخاص أنفسهم في حمامات الثلج المنزلية، ويستحمّون بالماء البارد، بالإضافة إلى السباحة والغطس في المياه المفتوحة، حسبما ذكره تيبتون.
وقال تيبتون: “يشجع ويم هوف الناس على ممارسة المزيد من النشاط البدني، وهو أمر جيد في وقت يتزايد فيه المرض المرتبط بنمط الحياة المستقر، بشرط أن يتم ذلك بأمان”.
وإذا كنت ترغب في تجربة هذه الطريقة، نشر تيبتون قائمة من النصائح في سبتمبر/ أيلول عام 2022 حول كيفية القيام بذلك بأمان.
أولاً، قم بإجراء فحص طبي شامل، إذ أوضح تيبتون أن هناك دراسة حديثة تشير إلى أن ما يصل إلى 43% من حالات الغرق مرتبطة بحالات طبية موجودة مسبقًا. ويمكن للعلاجات الصيدلانية أن تغير استجابة الفرد للانغمار في الماء البارد ومدى إدراكه للبرد.
وأشار تيبتون إلى أنه يفضّل السباحة على شاطئ فيه رجال إنقاذ، مؤكدا على أهمية التحقق من توقعات الطقس لتجنب المخاطر مثل التيارات الساحبة.
كما يجب أيضًا التأقلم مع برودة الماء، وعندما يصبح الماء أكثر برودة، أدخل ببطء، ما يسمح بتبدد الصدمة قبل غمر جسمك، وتجنب حبس أنفاسك، ولا تبقى في الماء البارد لمدة أطول من 10 دقائق، ولا تعتمد على ما تشعر به، لأن ذلك قد يكون غير موثوق به بشكل خطير، وفقا لما ذكره تيبتون.
وبمجرد الخروج من الماء، جفف نفسك، وقم بارتداء ملابس دافئة بسرعة ذات طبقة خارجية مقاومة للبرد، وتجنب قيادة السيارة لمدة 30 دقيقة على الأقل بعد السباحة.