سجّل لبنان 13,000 حالة إصابة بالسرطان خلال العام 2022 فقط!
“نعم، أشعر بألمٍ في هذا المكان، إنها المرة الأولى، فهل يمكن أن تخبرني سبب هذا الوجع؟ حسناً، وبعد تشخيص الحالة.. يؤسفني أن أخبرك بأنك مُصابٌ بالسرطان!” هكذا باختصار تبدأ أبسط قصةٍ لشخص يعيش في لبنان، فلم يرحم هذا المرض الخبيث أحداً، صغيراً كان أم كبيراً، يفتك بالبشر، ينهش أجسادهم بكل صمت، ومنهم مَن يستطيع تحمّل تكلفة العلاج ومنهم من يفضّل الموت على ذلك، حيث لم يَكفِهِم ما يواجهونه من أوضاع اقتصادية واجتماعية ومعيشية صعبة، لا بل جاء السرطان وأكمل عليهم، ولكن لماذا تزداد نسب الإصابة بين اللبنانيين والمقيمين في لبنان بهذا الشكل المُطرد؟ وما الأسباب التي تؤدي لذلك؟
السرطان.. أرقام كبيرة!
يوماً بعد يوم.. تزداد حدة المرض الخبيث في لبنان، فقد سجّل البلد أكثر من 33.5 ألف إصابة بالسرطان بين عامي 2017 و2022، وحوالي 40% منهم، أي 13,000 حالة، كانت حالات جديدة تم تشخيصها في العام 2022 وحده! بينما بلغ عدد الوفيات نحو 7,307 في العام نفسه، ولكم أن تتخيلوا أنه من بين 200 شخص مقيم في لبنان هناك شخص واحد على الأقل مصاب بالسرطان، ومن بين كل 400 شخص يموت واحد منهم بالسرطان، وذلك حسب تقديرات الوكالة المعنية ببحوث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية.
دراسةٌ جديدةٌ أعدَّها باحثون في الجامعة الأمريكية في بيروت، تقول أن الإصابات بالسرطان قد ارتفعت بنسبة تصل إلى 30% بالعاصمة بيروت وحدها منذ العام 2020، كما أن هناك معلومة شائعة حول أن “المرضى أصبحوا أصغر سناً” وأن “الأورام أصبحت أكثر عدوانية”، مع العلم بأنه لا يوجد بيانات معينة واضحة حتى الآن حول هذا الأمر.
إضافة إلى ذلك، فقد سجّل لبنان في العام 2018 نحو 17,000 إصابة جديدة بالسرطان ونحو 9,000 حالة وفاة، مما جعله يحتل المرتبة الأولى بين دول غرب آسيا في عدد الإصابات قياساً بعدد السكان بنسبة 240 لكل 100 ألف نسمة، وذلك حسب منظمة الصحة العالمية، وكذلك المرتبة الثالثة في تصنيف الوفيات قياساً بعدد السكان.
أسباب الإصابة.. ما هي؟
هل فكرتم حول ماهيّة الأسباب التي تؤدي لزيادة نسب الإصابة بمرض السرطان في لبنان؟
أولاً: المولّدات الكهربائية
يعد تلوث الهواء مشكلة أساسية للإصابة بمختلف الأمراض في كل دول العالم، ولكن في لبنان بالتحديد، بسبب وجود العديد من مسببات التلوث كـ”دخان السيارات والمصانع”، و”المولّدات الكهربائية” التي أصبحت تمثّل خطراً حقيقياً على المقيمين في لبنان، وبالأخص في السنوات الخمس الماضية، حيث اعتمدت خلالها العاصمة بيروت على مولّدات الديزل بشكل مفرط، مما ضاعف من خطر إصابة السكان بالسرطان بشكل مباشر.
فمنذ العام 2019 “عندما حدث الانهيار الاقتصادي في لبنان” وحتى الآن، هناك ما يقارب 8000 مولّد كهربائي يعمل على تشغيل المدن اللبنانية، فبإمكانك عندما تمشي في الشوارع أن تسمع المولّدات وتشمّها وتراها أيضاً، ولكن التأثير الأسوء لها هو الهواء الذي يضطر سكان المدينة لتنفسه، حسب الدراسة الأخيرة التي نشرتها الجامعة الأمريكية في بيروت.
وإن “تلوث الهواء الناتج عن انتشار المولّدات الكهربائية الخاصة تضاعف في بيروت من 23% إلى ما بين 46% و50% بين عامي 2017 و2023″، وذلك حسبما ذكرت نجاة صليبا، عالمة كيمياء الغلاف الجوي في الجامعة الأميركية في بيروت والنائب في البرلمان اللبناني -المشرفة على الدراسة-.
وقد أضافت قائلة “نحن نحتسب خطر الإصابة بالسرطان، الذي ارتفع بنسبة 50% تقريباً، على أساس المواد المسرطنة المنبعثة من مولّدات الديزل، والتي يتم تصنيف بعضها على أنها مواد مسرطنة من الفئة A1”.
ثانياً: الأكل المسرطن
أزمة انعدام الأمن الغذائي في لبنان! هذا ما حذّرت منه لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا مؤخراً، فكثيراً ما نسمع عن أطعمة مسرطنة بلبنان وبالأخص في الآونة الأخيرة، حيث تداولت صحف ومواقع كثيرة خبر بيع 24 طناً من الأرز المسرطن للناس في الأسواق منذ أشهر، وجاء بعدها دخول 4506 طناً من القمح المتعفن إلى الدولة، وأخيراً انتشرت صور لفراولة مسرطنة مليئة بالمواد السامة والمبيدات الحشرية.
بالإضافة إلى ذلك، فقد كشف مسؤولون لبنانيون عن شبكة إجرامية تقوم بإدخال الأطنان من البضائع على أساس أنها مبيدات حشرية ومواد تنظيف، ولكن هي بالأصل أدوية مسرطنة يتم استخدامها للزراعة! لذا فإن الأمر لم يعد يقتصر على سعر الطعام نفسه، بل أصبح من الضروري على المواطن أو المقيم في لبنان أن يفحص المنتج الغذائي ويتأكد من جودته ألف مرة قبل شرائه.
أما حول زيادة حالات الوفاة في لبنان، إليكم أهم سبب:
عدم توفر العلاج وتكلفته العالية
“أفضّل الموت على أن أحرم عائلتي من المنزل أو السيارة وما إلى ذلك من أجل دفع ثمن العلاج فقط”.. هذه عبارة قالها مريض سرطان في لبنان، لعدم قدرته على دفع تكلفة العلاج الباهظة، حيث يبلغ ثمن علاج سرطان المبيض مثلاً 6000 دولار يكفي لمدة شهر فقط، وذلك حسبما قال هاني نصار، مدير جمعية لدعم مرضى السرطان في بيروت لصحيفة الغارديان.
وقد تبيّن خلال إحصائية لعدد قليل من مرضى السرطان بلبنان، أن “أكثر من 60% من المصابين” غير قادرين على شراء الدواء، أو إجراء الفحوصات الدورية أو الذهاب إلى المستشفى، ومنهم مَن فارق الحياة لعدم توفر العلاج المناسب لحالته أصلاً.
الأنواع الأكثر انتشاراً
للسرطان أنواع كثيرة، ولكن هل تعلمون ما هي الأنواع الأكثر انتشاراً في لبنان؟ حسبما أوضح الخبراء، هناك 5 أنواع منتشرة بشكل كبير في البلد، وهم: سرطان الثدي، سرطان الرئة، سرطان البروستات، القولون، والمثانة، حيث أن سرطان الثدي هو الذي تعاني منه النساء بالدرجة الأولى، أما الرئة يعاني منه الرجال أكثر وذلك بسبب انتشار عادة تدخين السجائر والنرجيلة، إضافة إلى دخان السيارات والمصانع والمولّدات الكهربائية وما إلى ذلك.