الأطعمة فائقة المعالجة تعتبر خطراً على صحة الإنسان
توصلت دراسة جديدة غير منشورة، شملت أكثر من 500 ألف شخص، تابعهم باحثون لمدة ثلاثة عقود، إلى أن استهلاك كميات أكبر من الأطعمة فائقة المعالجة يساهم ربما بتقصير متوسط العمر لديك بأكثر من 10%.
وقالت مؤلفة الدراسة إريكا لوفتفيلد، الباحثة بالمعهد الوطني للسرطان في بيثيسدا بولاية ماريلاند الأمريكية، إن الخطر ارتفع بنسبة 15% لدى الرجال و14% لدى النساء، بمجرد تعديل البيانات.
عند سؤال المشاركين في الدراسة عن مدى استهلاكهم لـ124 نوعًا من الأطعمة، أجاب الأشخاص ضمن الفئة الأعلى، لاستهلاك الأطعمة فائقة المعالجة، أن المشروبات فائقة المعالجة تتصدّر قائمتهم.
وأشارت لوفتفيلد إلى أنّ “المشروبات الغازية الخاصة بالحمية كانت المساهم الرئيسي في استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة. وحلّت المشروبات الغازية السكرية في الدرجة الثانية”، موضحة أن “هذا النوع من المشروبات يُعتبر عنصرًا مهمًا جدًا في النظام الغذائي ومساهمًا بالأطعمة فائقة المعالجة”.
ووجدت الدراسة أنّ الحبوب المكرّرة مثل الخبز فائق المعالجة، والسلع المخبوزة تحلّ في المرتبة الثالثة من حيث الشعبية.
ورأى كارلوس مونتيرو، أستاذ التغذية والصحة العامة الفخري في جامعة ساو باولو بالبرازيل، غير المشارك في البحث، أنّ “هذه دراسة جماعية أكبر وطويلة الأمد، وتؤكد الارتباط بين تناول الأطعمة فائقة المعالجة والوفيات الناجمة عن جميع الأسباب، خصوصًا أمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري من النوع الثاني”.
وكان مونتيرو، صاغ مصطلح الأغذية فائقة المعالجة، وأنشأ نظام تصنيف الأغذية NOVA الذي ينظر إلى ما هو أبعد من العناصر الغذائية، أي في كيفية صنع الأطعمة. وقد شارك العديد من أعضاء نظام تصنيف NOVA في وضع الدراسة.
يقوم نظام تصنيف NOVA بفرز الأطعمة كالتالي:
الأطعمة المعالجة بأقل قدر ممكن وتشمل الأطعمة الكاملة مثل الفاكهة والخضار،
الأطعمة المصنعة مثل اللحوم اللذيذة والنقانق
الأطعمة فائقة المعالجة.
وتعرّف منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة الأطعمة فائقة المعالجة تلك التي تحتوي على “مكونات لا تستخدم، أو نادرًا ما تستخدم في المطابخ، أو مجموعة من الإضافات مهمتها جعل المنتج النهائي مستساغًا، أو أكثر جاذبية”.
وتشمل قائمة المواد المضافة موادًا حافظة لمقاومة العفن والبكتيريا، والمستحلبات لمنع انفصال المكونات غير المتوافقة، والألوان، والأصباغ الاصطناعية، بالإضافة إلى عوامل مضادة للرغوة، والتكتل، والتبييض، وتغيير معدلات السكر والملح والدهون المصممة لجعل الطعام شهيًا.
مخاطر مرتبطة باللحوم المصنعة والمشروبات الغازية
وحلّلت الدراسة الأولية التي قُدّمت، في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية للتغذية بشيكاغو، البيانات الغذائية التي جُمعت في عام 1995، من حوالي 541 ألف أمريكي تتراوح أعمارهم بين 50 و71 عامًا، والذين شاركوا في دراسة النظام الغذائي والصحة التي أجرتها المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة.
وربط الباحثون البيانات الغذائية بمعدلات الوفيات على مدى عشرين إلى ثلاثين سنة مقبلة بعد عام 1995. وقارنت الدراسة بين مجموعة الأشخاص الذين ينتمون إلى شريحة الـ10% الأدنى من استهلاك الأغذية فائقة المعالجة، ومن يتناولون الأطعمة فائقة المعالجة، فكان الفئة الأخيرة أكثر عرضة للوفاة بسبب أمراض القلب، أو السكري، وفق الدراسة.
لكن، بخلاف الدراسات الأخرى، لم يجد الباحثون أي ارتفاع في الوفيات المرتبطة بالسرطان.
وقالت لوفتفيلد إن بعض الأطعمة فائقة المعالجة تنطوي على مخاطر أكبر من غيرها، مثل “اللحوم والمشروبات الغازية فائقة المعالجة التي كانت بين المجموعات الفرعية للأطعمة فائقة المعالجة الأكثر ارتباطًا بمخاطر الوفاة”.
تعتبر مشروبات الحمية من الأطعمة فائقة المعالجة لأنها تحتوي على مواد تحلية صناعية مثل الأسبارتام وأسيسولفام البوتاسيوم وستيفيا، وإضافات غير موجودة في الأطعمة الكاملة، كما تم ربط مشروبات الدايت بزيادة خطر الوفاة المبكرة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى الإصابة بالخرف، والسكري من النوع الثاني، والسمنة، والسكتة الدماغية، ومتلازمة التمثيل الغذائي التي يمكن أن تؤدي إلى أمراض القلب والسكري.
وكانت دراسة أجريت في مارس/ آذار 2019، وجدت أن النساء اللواتي شربن أكثر من حصتين يوميًا من المشروبات السكرية، زاد خطر الوفاة المبكرة لديهنّ بنسبة 63٪، مقارنة بالنساء اللواتي شربن أقل من مرة واحدة في الشهر. أما الرجال الذين فعلوا الأمر نفسه، فكان لديهم زيادة في المخاطر بنسبة 29٪.
لا يُنصح أيضًا باللحوم المصنعة مثل لحم الخنزير المقدد، والهوت دوغ، والنقانق، ولحم الخنزير، ولحم البقر المحفوظ، واللحوم المقددة والأطعمة الجاهزة؛ وقد ربطت الدراسات بين اللحوم الحمراء والمعالجة وسرطان الأمعاء والمعدة وأمراض القلب والسكري والوفاة المبكرة لأي سبب.
وأفادت روزي غرين، أستاذة البيئة والغذاء والصحة بكلية لندن للصحة والطب الاستوائي، غير المشاركة في الدراسة، في بيان، أنّ “الأدلة في هذه الدراسة الجديدة تشير إلى أن اللحوم المصنعة قد تكون واحدة من أكثر الأطعمة غير الصحية، لكن الناس لا يميلون للنظر إلى لحم الخنزير، أو قطع الدجاج على أنها أغذية فائقة المعالجة”.
ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين تناولوا الأطعمة فائقة المعالجة كانوا أصغر سنا وأثقل وزنا، وكان نظامهم الغذائي أقل جودة بشكل عام ممن تناولوا كميات أقل من الأطعمة فائقة المعالجة. لكنّ الدراسة وجدت أن زيادة المخاطر الصحية لا يمكن تفسيرها بهذه الاختلافات، لأنه حتى الأشخاص من ذوي الوزن الطبيعي الذين يتبعون نظامًا غذائيًا أفضل كانوا أيضًا عرضة لخطر الوفاة المبكرة بسبب الأطعمة فائقة المعالجة.
أما أحد القيود الرئيسية للدراسة فيتمثل بأن البيانات الغذائية جُمعت مرة واحدة فقط قبل حوالي 30 عامًا، من الصعب تحديد كيف تغيرت العادات الغذائية منذ ذلك الحين.