الصحة العالمية: “التَلْك” مادة مسرطنة محتملة و”الأكريلونيتريل” مادة مسرطنة للبشر
احذر من مستحضرات التجميل ودخان السجائر! منذ سنوات نسمع تحذير الخبراء والمختصين من المواد المسرطنة الموجودة في الكثير من المنتجات، ولكن التقرير الأخير لمنظمة الصحة العالمية الذي صنَّفت فيه “التَلْك” بأنه مادة مسرطنة محتملة وأُدرِجَت مادة “الأكريلونيتريل” ضمن قائمة المواد المسرطنة أكَّد صحة الأقوال.
لقد قامت الوكالة الدولية لبحوث السرطان التابعة للمنظمة بتقييم قدرة هاتين المادتين على التسبب في السرطان ووفق الأدلة توصَّلت لهذه النتائج، أن بودرة التَّلْك حسب “أدلة محدودة” قد تسبب سرطان المبيض لدى البشر، وبناءً على “أدلة كافية” تبيَّن ارتباط مادة الأكريلونتريل بسرطان الرئة، ويكمن السؤال هنا: ما هو التَّلْك وما الأكريلونيتريل بالضبط؟ وأين يتم استخدامهما؟ وما مدى خطورتهما؟
ما هي هذه المواد؟
حول ماهية المادتين، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن “التَّلْك” هو معدن طبيعي، يتم استخراجه في مناطق كثيرة حول العالم، ويستخدم في صورته المفككة بشكل واسع كمسحوق أو بودرة، ويتم التعرض له في البيئات المهنية أثناء عملية التعدين والطَّحن والمعالجة أو أثناء تصنيع المنتجات التي تحتوي على التلك.
وحسبما تم توثيقه بأن الناس عموماً يتأثرون بهذا المعدن من خلال استخدامهم لمستحضرات التجميل ومساحيق الجسم المحتوية عليه مثل بودرة ظلال العيون وبودرة الأطفال ” لأنها تساعد على امتصاص الرطوبة وإضفاء نوع من الانتعاش وتقلل من الاحتكاك وفرص الإصابة بطفح الحفاض لدى الرُضَّع”، وكذلك من المحتمل التعرُّض للتلك عن طريق الغذاء والأدوية والمنتجات الاستهلاكية الأخرى، وهو ما كان توثيقه أقل نسبياً.
عادةً ما يكون التلك موجوداً تحت الأرض، وهناك مخاوف دائماً من اختلاط هذا المعدن بـ”الأسبستوس”، وهو معدن يكون موجوداً في طبقة أخرى من طبقات الأرض، ويشبه التلك في بُنيته كثيراً، وبمجرد أن يختلط هذين المعدنين مع بعضهما يصبح من الصعب فصلهما، وتكمن الخطورة بأن الأسبستوس مادة سامة ومسرطنة، وقد تم حظر استخدامه على نطاق واسع بسبب تأثيره على الصحة.
وحول هذا الأمر، قال الدكتور عصام رستم، اختصاصي في الطب المهني في بريطانيا خلال حوار خاص له مع “أخبار الآن” أن “الدراسة التي أُجريت بناء على اجتماع 29 عالم من 13 دولة في ليون بفرنسا، تمت على معدن التلك فقط بدون الأسبستوس، ووفق أدلة محدودة تبيَّن أن التلك يؤثر على المبيض ويتسبب بالإصابة بالسرطان”.
وأوضح رستم خلال حديثه أن التلك يدخل إلى الجسم عن طريق الاستنشاق أو البلع أو الجلد أو ما حول الشرج “عند تغيير الحفافيض للأطفال أو استخدام النساء لهذه البودرة”.
أما “الأكريلونيتريل” هو مُركَّب عضوي متطاير يستعمل بشكل أساسي في إنتاج البوليمرات، ويتم استخدام هذه البوليمرات في إنتاج ألياف الملابس، والسجاد، والمنسوجات الأخرى، والبلاستيك للمنتجات الاستهلاكية، وقطع غيار السيارات، والبناء، وهو موجود أيضاً في دخان السجائر، ويدخل إلى الجسم عن طريق الاستنشاق أو البلع أو الجلد.
وقال الدكتور عصام أن “الدراسة التي أجرتها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان قد شملت أبحاثاً من عدة مواقع لإنتاج الأكريلونيتريل ذات جودة عالية، وتم التوصّل إلى أدلة قوية تثبت العلاقة بين التعرض لهذا المعدن وسرطان الرئة، وخاصة للعمال الذين يعملون بأماكن إنتاج وتصنيع الأكريلونيتريل -وغالبية هذه الصناعات غير موجودة بالدول العربية”.
وعن كيفية تأثير “الأكريلونيتريل” على عامة الناس، أوضح رستم أن دخان السجائر يعد السبب الأساسي لإصابة الناس بسرطان الرئة، حيث يتعرض الكثيرون للدخان يومياً الذي يحوي بغالبيته على مادة الأكريلونيتريل.
بسبب التَلْك.. عشرات آلاف القضايا ضد J&J
تلاحق شركة “جونسون آند جونسون” أزمة مساحيق التلك منذ سنوات طويلة، حيث تم رفع عشرات الآلاف من الدعاوى القضائية ضد الشركة من نساء يزعمن أن منتجاتها القائمة على التلك تسببت بإصابتهن بسرطان المبيض، فيما أكدت جونسون آند جونسون أن التلك الذي تنتجه آمن وخالي من الأسبستوس ولا يسبب السرطان.
الجدير بالذكر أن الشركة سحبت البودرة التي تعتمد على التلك من الأسواق في أمريكا الشمالية منذ العام 2020، وقد أنهت بيع البودرة عالميًا العام الماضي 2023، كما أعلنت انتقالها إلى مجموعة منتجات من بودرة الأطفال قائمة على نشا الذرة “كبديل صحي للبودرة”، حيث أكدت في وقت سابق أن منتجها القائم على نشا الذرة يباع بالفعل في دول حول العالم.
أما عن آخر مستجدات القضية لشهر يونيو الماضي، فقد وافقت شركة جونسون آند جونسون على دفع 700 مليون دولار في تسوية على مستوى البلاد لحل مزاعم بأنها ضللت العملاء بشأن سلامة منتجات بودرة التلك في تسويقها، وذلك حسب ما نشرته سي بي إس نيوز الأمريكية.
وقال حينها المدعي العام لولاية إلينوي كوامي راؤول، وهو أحد المدعين العامين الـ43 المشاركين في الدعوى القضائية، في بيان شهر يونيو الماضي “يعتمد المستهلكون على المعلومات الدقيقة عند اتخاذ القرارات بشأن المنتجات التي يشترونها لأسرهم، ويجب محاسبة أي شركة – بغض النظر عن حجمها – عندما يتم انتهاك القوانين التي تحمي المستهلكين وانتهاك ثقتهم”.
وكجزء من التسوية، التي لا تزال تنتظر الموافقة القضائية، ستوقف شركة المنتجات الصحية العملاقة بشكل دائم تصنيع وترويج وبيع جميع بودرة الأطفال ومنتجات الجسم ومستحضرات التجميل الأخرى التي تحتوي على بودرة التلك، ويشمل ذلك “بودرة الأطفال” و”بودرة الاستحمام” من جونسون آند جونسون.
لمستخدمي البودرة ومستحضرات التجميل
قال اختصاصي الطب المهني في بريطانيا، الدكتور عصام رستم إن “هناك طرق عديدة يمكن أن نقي بها أنفسنا من خطر التعرض لهذه المواد الضارة، وبالأخص ممن يستخدمون البودرة -سواء الخاصة بالأطفال أو البالغين-، ومساحيق ومستحضرات التجميل أيضاً، وسوف أقدم لكم بعض النصائح البسيطة والمفيدة عند شرائكم لمثل هذه المنتجات:”
- إقرأ ملصق المعلومات، وتأكد من تاريخ الصلاحية.
- تأكد من عدم احتواء المنتج على مواد ضارة مثل الأسبستوس.
- لا تستخدم المنتجات المجهولة المصدر أو غير القانونية أو المكتوبة بلغة غير مفهومة، إذ قد تكون ملوثة ولا تلتزم بمعايير السلامة.
- قم بشراء المنتج من مصدره الأصلي بحيث يكون قانونياً وخاضعاً للرقابة والتفتيش.
- بالنسبة لبودرة التلك، فمن المهم في حال استخدامها أن يكون الاستعمال خارجياً فقط، والحرص على عدم دخولها للأعضاء التناسلية.
- الابتعاد عن المنتجات التي تحتوي على التلك “كونها مادة مسرطنة محتملة”.
- استشر الطبيب في حال وجود أي استفسارات أو أعراض غير مفسَّرة لديك.